يتعيّن على نادي برشلونة الإسباني استعادة الثقة بعد غرقه منذ يناير في أزمة عميقة يأمل جمهوره أن تكون قد وصلت إلى خواتيمها السعيدة، بعد استقالة رئيسه جوزيب ماريا بارتوميو ومجلس إدارته الثلاثاء.
ومع نفيه تقديم استقالته قبل يوم واحد إثر استهدافه بتصويت لسحب الثقة منه، رفع بارتوميو أخيرا الراية البيضاء، بعد تعرضه لانتقادات لاذعة من الجماهير، اللاعبين وأعضاء مجلس إدارته.
وقبل 24 ساعة من قراره، قال بارتوميو “أعتقد أنها ستكون أسوأ لحظة للتخلي عن بارسا”، لكنه لم يتأخر بإعلان الاستقالة راضخاً للضغوط والأمر الواقع “قرار مدروس، هادئ ومشترك وافق عليه جميع أعضاء مجلس الإدارة”. دافع عن نفسه “كان شرفاً لي خدمة النادي كإداري ورئيس. حاولت تحمل مسؤولية المنصب بأمانة”.
وتمكن المعارضون “بينهم بعض المرشحين للانتخابات الرئاسية للنادي المقررة في 20 مارس 2021” من جمع أكثر من 16521 توقيعاً ضرورياً من الأعضاء “المشجعين-المساهمين” لتفعيل مسلسل العزل.
ونشر بارتوميو مساء الاثنين رسالة مفتوحة أوضح خلالها أنه يريد إجراء الاستفتاء على عزله في عطلة نهاية الأسبوع في 15 و16 نوفمبر، معللاً ذلك بأن الأمر يستغرق أسبوعين على الأقل للإعداد لهذا التصويت، لكن المعارضين أرادوا تنظيم هذا الاستفتاء يومي الأول والثاني من نوفمبر، وهو الموعد النهائي المحدد وفقاً للنظام الأساسي للنادي.
وذكر بارتوميو أن قرار الحكومة المحلية بعدم تأجيل الاستفتاء كان “غير مسؤول”، مشيراً إلى أن التصويت في خضم أزمة صحية كان أحد أسباب تقديم استقالته “لا يمكننا ولا نريد أن نكون في وضع الاختيار بين حماية الصحة وممارسة حق التصويت”.
وكان بارتوميو “57 عاما” انتخب رئيسا للنادي الكاتالوني عام 2014 واحرز الفريق في ولايته بطولة إسبانيا أربع مرات ودوري أبطال أوروبا مرة واحدة عام 2015.
ومن المقرر إجراء انتخابات جديدة في غضون ثلاثة أشهر، مع تولي مجلس إدارة موقت المسؤولية.
وشهدت ولايته توترات كبيرة في النادي، على غرار فقدان النجم البرازيلي نيمار المنتقل إلى باريس سان جرمان الفرنسي ثم اختيار بدلاء عير موفقين له، التعاقد مع شركة اتهمت بتلميع صورة الإدارة على حساب اللاعبين في وسائل التواصل الاجتماعي، والنزاع بين قائد الفريق الأرجنتيني ليونيل ميسي والمدير الرياضي إريك أبيدال قبل إقالته لاحقا وأزمة تخفيض الرواتب في خضم أزمة فيروس كورونا.
كان العام 2020 كارثيا على برشلونة على مختلف الأصعدة، فيما أتت الاستقالة بعد خسارة رمزية أمام الغريم التاريخي ريال مدريد 1-3 في الدوري، وفي عقر داره ملعب “كامب نو”.
– ديون ثقيلة –
لكنها لم تكن أثقل الخسائر في 2020 لـ”بلاوغرانا”، فقد تعرض للإذلال أمام بايرن ميونيخ الألماني 2-8 في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، لينهي أول موسم له في ست سنوات دون إحراز أي لقب في مختلف المسابقات.
وأثّرت أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد في البلاد كثيرا على مالية النادي أيضا، فقد أقر مجلس الإدارة الاثنين موازنة 2020-2021 مع الكثير من التخفيضات، وذلك بعد الإعلان عن خسائر بلغت 97 مليون يورو “114 مليون دولار” الموسم الماضي وتعميق مجمل الديون إلى 488 مليون يورو.
ضربة أخرى لناد مثقل بالديون “200 مليون يورو كربح فائت منذ بداية الحجر، زائد صافي الدين بنحو 200 مليون يورو منذ بداية 2019”. طلب النادي من لاعبيه التفاوض مجددا على تخفيض رواتبهم، وذلك بعد التخلص من بعض أصحاب الرواتب الكبيرة على غرار البرازيلي أرتور، الكرواتي إيفان راكيتيتش، التشيلي أرتورو فيدال والأوروغوياني لويس سواريز.
وكاد بارتوميو يفقد الأسطورة الحية في النادي، الأرجنتيني ليونيل ميسي الذي طلب صراحة الرحيل مجانا الصيف الماضي وفسخ عقده من جانب واحد، معبرا عن خيبة أمله من النتائج وقرارات الإدارة على غرار أسلوب التخلي عن صديقه سواريز.
– غضب بيكيه –
لكن ميسي، خرّيج أكاديمية “لا ماسيا” وبطل إسبانيا عشر مرات ودوري أبطال أوروبا أربع مرات في 16 موسماً مع برشلونة، عدل عن قراره لخوض موسمه الأخير بعد ضغوط كبيرة من الإدارة خصوصا لناحية إجباره على دفع بند جزائي جدلي في عقده.
يحقق أفضل لاعب في العالم ست مرات بداية بطيئة راهنا، لكن زميله قلب الدفاع جيرار بيكيه قال أخيرا “قدم ليو الكثير ليحصل على حق اتخاذ قراره “..” لو كنت رئيسا “للنادي” لتصرفت بشكل مختلف”، مطالبا بإطلاق اسم ميسي البالغ 33عاما على ملعب برشلونة ومضيفا أن هذه القضية “تثير غضبي”.
وبرغم هذا الإعصار المستمر منذ مطلع يناير، حاول برشلونة إعادة بناء تشكيلته في سبتمبر مع تسمية المدرب الهولندي رونالد كومان مدربا بدلا من كيكي سيتيين المقال من منصبه.
أخفى كومان، المُهدَّد ربما مع الإدارة الجديدة، تراجع كوادر الفريق على غرار ميسي والفرنسي أنطوان غريزمان من خلال الدفع بالمواهب الشابة مثل أنسو فاتي، بيدري والبرتغالي ترينكاو. ملامحُ أمل نادرة لن يشهد بارتوميو على إمكانية نجاحها ومحاولة برشلونة استعادة موقعه الطبيعي محليا وأوروبيا.