تحصل كل طائرة مستخدمة في الملاحة الدولية على شهادة صلاحية الطيران Certificate of Airworthiness صادرة أو معتمدة من الدولة المسجلة فيها الطائرة بعد التأكد من سلامة الطائرة وصلاحيتها للطيران، وهو ما تنص عليه المادة الحادية والثلاثون من اتفاقية الطيران المدني الدولي المعروفة بـ(اتفاقية شيكاغو)، والإجراءات المتبعة حالياً لدى الهيئة العامة للطيران المدني لإصدار شهادة صلاحية الطيران متوافقة مع القواعد والتوصيات الدولية الصادرة من منظمة الطيران المدني الدولي ICAO المذكورة في الملحقين السادس والثامن لاتفاقية شيكاغو، بما في ذلك الشكل المطلوب للشهادة.
وتُعرف شهادة صلاحية الطيران بأنها “وثيقة تصدرها الهيئة لدولة تسجيل الطائرة تعتمد فيها صلاحية الطائرة للطيران خلال مدة زمنية معينة بشرط أن يلتزم المشغل باتباع الشروط الواردة فيها”.
وتقوم الهيئة العامة للطيران المدني من منطلق رسالتها في تحقيق أجواء آمنة وفق أدق معايير السلامة العالمية بالتفتيش المستمر على الطائرات المدنية في المطارات السعودية، إضافة إلى القيام بحملات رقابة تفتيشية مجدولة وغير مجدولة على المشغلين الجويين للتأكد من استيفائهم لمتطلبات استمرارية صلاحية الطيران، وبما يضمن تطبيق برنامج صيانة وتشغيل الطائرات حسب أعلى المعايير الدولية، ويساعد في رفع جاهزية الطائرة للتشغيل.
وتتم إجراءات إصدار شهادة صلاحية الطيران حسب الدليل الإرشادي الصادر من الهيئة، وتصنف إلى نوعين: (شهادة صلاحية الطيران القياسية Standard Certificate of Airworthiness، وشهادة صلاحية الطيران الخاصة Special Certificate of Airworthiness)كما يشترط في شهادة صلاحية الطيران القياسية أن تكون الطائرة حاصلة على شهادة طراز Type certificate معتمدة بحسب الجزء رقم 21 من اللوائح التنظيمية للهيئة، وأن تكون الطائرة مطابقة للتصميم المعتمد وفي حالة تسمح للتشغيل الآمن، وأن تكون التعديلات الرئيسية على تصميم الطائرة تمت بحسب شهادة طراز إضافية Supplemental Type Certificate (STC) صادرة من الهيئة أو بناء على اعتمادات هندسية مقبولة من الهيئة بحسب الدليل الإرشادي AC 021-03، بالإضافة إلى الامتثال لجميع توجيهات الصلاحية للطيران Airworthiness Directives بالصادرة على طراز الطائرة، والامتثال لمتطلبات صلاحية الطيران الإضافية المطلوبة بحسب طبيعة التشغيل Additional Airworthiness requirements، وعلى أن تكون الطائرة مجهزة بالحد الأدنى للأجهزة والمعدات المطلوبة بحسب طبيعة التشغيل.
وتقوم الهيئة العامة للطيران المدني بالكثير من الإجراءات الفنية قبل إصدار شهادة صلاحية الطيران، حيث يقسّم العمل إلى أربع مراحل، تنطلق من المراجعة المكتبية كمرحلة أولى، وتبدأ بتسلم طلب إصدار أو تجديد شهادة صلاحية الطيران مقدم من المشغل الجوي عن طريق الخدمات الإلكترونية بموقع هيئة الطيران المدني على الشبكة العنكبوتية، حيث تتم مراجعة الطلب من قبل المختصين بالإدارة العامة لصلاحية الطيران التابعة لقطاع معايير الطيران في الهيئة، حيث يقوم مفتش صلاحية الطيران Airworthiness Inspector بمراجعة بيانات فنية متعلقة بالطائرة لعمل تقييم فني حول تاريخ الطائرة وحالتها الراهنة ومعداتها وما خضعت له من تعديلات على التصميم وإصلاحات رئيسية، وطرق الامتثال لتعليمات استمرارية صلاحية الطيران Continuing Airworthiness ، ليتم بعد ذلك التنسيق مع المشغل الجوي لتحديد موعد ومكان التفتيش.
وتشمل المرحلة الثانية الزيارة التفتيشية، حيث يقوم المفتش بزيارة ميدانية داخل ساحة المطار للتفتيش والفحص على الطائرة والتأكد من إصلاح المشغل الجوي للعيوب التي تظهر أثناء عملية التفتيش على الطائرة وذلك لتحديد إذا كانت الطائرة مستوفية لمتطلبات الهيئة لإصدار شهادة الصلاحية للطيران أم لا، ويشمل التفتيش على الطائرة ثلاث مناطق، وهي المنطقة الخارجية للطائرة Aircraft Exterior Inspection والمنطقة الداخلية ومقصورة القيادة. وخلال التفتيش على المنطقة الخارجية للطائرة يقوم المفتش بفحص مقدمة الطائرة، والتأكد من عدم وجود أي أضرار فيها، وفحص منطقة حساسات أجهزة قياس سرعة الطائرة وزاوية هبوب الرياح، ثم فحص مجموعة أجهزة الهبوط Landing Gears وتشمل كفرات ومكابح الطائرة والأنظمة الهيدروليكية في المنطقة الوسطى من بدن الطائرة للتأكد من عدم وجود تسريب للسوائل، وفحص جناح الطائرة ويشمل الأجزاء المتحركة وأنوار الطائرة، للتأكد من عدم وجود أي أضرار، حيث إنها من المناطق المحتمل تعرضها لأسراب الطيور Bird Strikes.
كما يشمل التفتيش على المنطقة الخارجية للطائرة فحص الأجزاء الداخلية الظاهرة من محركات الطائرة، ومؤخرة الطائرة للتأكد من سلامة الجناح الخلفي والذيل، ووحدة الطاقة المساعدة APU، وعدم وجود أي أضرار بها، والتأكد من متطلبات علامة تسجيل الطائرة Registration Mark ثم الانتقال إلى عملية فحص مقصورة الأمتعة Cargo Compartment للتأكد من استيفائها لمتطلبات التصميم المضادة للحريق، وعمل اختبار لأجهزة إنذار الحريق المثبتة داخلها والمتصلة بمقصورة القيادة، بالإضافة إلى عمل اختبار تشغيلي لأنظمة الحمولة، والتأكد من وجود إرشادات وتعليمات تخزين الأمتعة المعتمدة من قِبل الشركة الصانعة للطائرة.
ومن داخل الطائرة يقوم مفتش صلاحية الطيران بفحص مقصورة القيادة والتأكد من الحالة التشغيلية للشاشات الإلكترونية وأنظمة ومعدات التحكم بالطائرة، وكذلك سلامة ووضوح الرؤية من خلال نوافذ مقصورة القيادة، وعدم وجود أي كسور أو تشققات بها، والتأكد من توفر معدات الطوارئ والسلامة الخاصة بالطاقم المقصورة، كما يقوم المفتش بالتأكد من وجود أدلة تشغيل الطائرة، والاطلاع على سجل الصيانة للطائرة Logbook الذي يحتوي على قائمة الأعطال والإصلاحات التي تمت على الطائرة، حيث يعد هذا السجل مرجعاً لكابتن الطائرة للتأكد من سلامة الطائرة واتخاذ قرار جاهزيتها للرحلة.
ومن ضمن الإجراءات التي يقوم بها مفتشو السلامة داخل الطائرة التأكد من وجود معدات السلامة الواجب توفرها حسب طبيعة تشغيل الطائرة، ومنها: طفايات الحريق، وأجهزة إنذار الحريق، وأقنعة الأكسجين، وحقيبة الإسعافات الأولية، وجهاز منظم ضربات القلب، وميكرفون التوجيه، وسترات النجاة، إلى جانب التأكد من سلامة كراسي المسافرين وأحزمة الأمان. كما يشمل التفتيش الداخلي على مقصورة الركاب فحص مناطق تجهيز الوجبات والمشروبات Galley، ودورات المياه. بالإضافة إلى التأكد من عمل أنظمة الإخلاء في حالة الطوارئ ووجود إرشادات الاستخدام وبطاقة تعليمات السلامة للركاب، وكذلك أنظمة إضاءة الممرات، ومن وجود جهاز إرسال موقع الطائرة في حال الطوارئ ELT الذي يعدّ من المتطلبات الواجب توفرها في كل طائرة مرخصة لنقل الركاب.
وفي المرحلة الثالثة التي تُعرف بإصدار الشهادة يتم طباعة شهادة صلاحية الطيران واعتمادها من قِبل إدارة الهيئة وتسلميها للمشغل الجوي لوضعها داخل مقصورة القيادة، في حين تكون المرحلة الرابعة هي عبارة عن عملية المتابعة المستمرة التي تتم بعد مضي سنة من تاريخ إصدار الشهادة في حال إصدارها لمدة ثلاث سنوات.
مما يذكر أن الهيئة العامة للطيران المدني تعمل على تطبيق معايير سلامة الطيران فيما يتعلق بـمعلومات الطيران، وترخيص مقدمي خدمات (معلومات الطيران، وتصميم إجراءات الطيران، والفحص الجوي للأجهزة الملاحية والتقييم الجوي لإجراءات الطيران، وترخيص المفوضين لدراسة عوائق الطيران)، وبعد أن يتم إصدار تلك التراخيص تقوم الهيئة بزيارات تفتيشية معلنة وغير معلنة لمزودي الخدمة للتأكد من تطبيق لوائح الهيئة التنفيذية وكتابة التقارير حيالها.
كما تسعى الهيئة إلى تطوير صناعة النقل الجوي وفقاً لأحدث النظم بما يتوافق مع المستجدات في صناعة الطيران على الصعيد الدولي، كما تعمل على استمرار الحفاظ على أعلى معايير السلامة في المملكة، والعمل على تحديث القوانين واللوائح بما يتماشى مع تطورات قطاع الطيران عالمياً، كما تقوم الهيئة بإصدار وتجديد التراخيص والاعتمادات والشهادات الخاصة بصناعة الطيران المدني وفقاً للقوانين واللوائح ويضمن الامتثال للأنظمة والإجراءات، إضافة إلى إجراء فحوصات منتظمة لمراقبة وضمان أعلى مستويات السلامة الممكنة.