تعلن الدول الغنية التعبئة لحماية الاقتصاد العالمي من فيروس كورونا المستجدّ الذي اعتبرت ألمانيا أنه بات يشكل “وباء عالميا”، فيما تحذر منظمة الصحة العالمية من نقص في معدات الحماية، وبات عدد الإصابات بوباء كوفيد-19 يزيد عن 93 ألفا في العالم فيما تخطى عدد الوفيات 3200، ولا سيما في الصين حيث ظهر المرض لأول مرة في ديسمبر.
وبات الوباء يطال القارات الخمس باستثناء منطقة القطب الجنوبي ويعطل حياة مواطني عدد متزايد من الدول، وفي ظل هذه الحصيلة، أعلن وزير الصحة الألماني ينس سبان أمام مجلس النواب في برلين أن “وباء كورونا المستجدّ في الصين تحول إلى وباء عالمي”، مؤكدا أن الحكومة تنظر إلى الوضع “بحدية كبرى”، وسعيا منه للحد من التبعات الاقتصادية للفيروس، قام الاحتياطي الفدرالي الأميركي، أقوى المصارف المركزية في العالم، بخطوة كبرى الثلاثاء بخفض معدلات فائدته بشكل طارئ، متخذا بذلك قرارا غير مسبوق منذ الأزمة المالية عام 2008، سيعطي “دفعا كبيرا للاقتصاد”.
ومن الجانب الأوروبي، دعا وزير المالية الفرنسي برونو لومير إلى مكافحة الوباء بالسلاح المالي داعيا مجموعة اليورو التي تعقد مؤتمرا عبر الهاتف الأربعاء إلى السماح لدول المنطقة الـ19 باستخدام الوسائل المالية، وطرحت مجموعة السبع للدول الغنية “الولايات المتحدة وكندا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا واليابان” إمكانية تقديم رد مالي على الأزمة، فيما أعلن البنك الدولي عن خطة طارئة بقيمة 12 مليار دولار لمساعدة الدول على احتواء الوباء.
وما زال الوقت مبكرا لتقييم الوطأة الاقتصادية للفيروس بشكل دقيق، لكن منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي حذرت بأن النمو لن يتخطى 2,4% هذه السنة، وفيما رأت وول ستريت الثلاثاء في قرار الاحتياطي الفدرالي مؤشر هلع حيال الوباء وأغلقت على تراجع كبير، كانت التداولات الأربعاء إيجابية بصورة عامة.
وأغلقت البورصات الآسيوية على ارتفاع طفيف، كما بقيت البورصات الأوروبية متفائلة، – انحسار الإصابات في الصين – وأعلنت الصين الأربعاء 38 حالة وفاة جديدة جراء الفيروس، وبذلك ترتفع الحصيلة الوطنية الإجمالية في الصين القارية “باستثناء هونغ كونغ وماكاو” إلى 2981 وفاة و80270 إصابة شفي منها حوالى خمسين ألفا، بحسب أرقام اللجنة الوطنية للصحة.
وفي مؤشر مشجع، تراجع عدد الإصابات اليومية الجديدة لليوم الثالث على التوالي، فأعلن عن 119 إصابة جديدة معظمها في مقاطعة هوباي، بؤرة الوباء في وسط البلاد حيث فرض الحجر الصحي على 56 مليون شخص، غير أن الصين تخشى الآن إصابات جديدة لدى مواطنين عائدين من الخارج، بعد إحصاء ما لا يقل عن 13 إصابة في الأيام الأخيرة لدى صينيين عائدين، ثمانية منهم زاروا إيطاليا التي تسجل ثالث أعلى حصيلة في العالم بعد الصين وكوريا الجنوبية.
وباتت الصين تفرض حجرا صحيا لمدة 14 يوما على المسافرين الوافدين إلى بكين قادمين من الدول التي تسجل أكبر تفشيا للوباء مثل كوريا الجنوبية وإيطاليا وإيران واليابان، أما في باقي العالم، فيواصل الفيروس انتشاره مع وصول الحصيلة الرسمية للإصابات خارج الصين إلى 12838 إصابة “بينها 269 إصابة جديدة”، توفي منها 220 شخصا “ثماني وفيات جديدة”.
وفي كوريا الجنوبية، ثاني دول العالم من حيث عدد الإصابات، سجلت الأربعاء 435 إصابة هي الحصيلة اليومية الأدنى خلال أسبوع، ما رفع العدد الإجمالي للإصابات إلى 5621 إصابة و32 وفاة وفق آخر تعداد.
وأحصت إيطاليا التي تسجل أعلى حصيلة للوباء بين الدول الأوروبية، 2502 إصابة و79 وفاة، وقررت إيطاليا اتخاذ تدابير جديدة لتنظيم مباريات كرة القدم في قاعات مغلقة والتوصية بتفادي المصافحة وتبادل القبل.
وباتت إيران تعد أعلى حصيلة للوفيات خارج الصين مع الإعلان الأربعاء عن 92 وفاة من أصل 2922 إصابة، وذلك بعد تعداد 586 إصابة جديدة خلال الساعات الـ24 الأخيرة، وأفاد العراق الذي يعد 31 إصابة، عن أول حالة وفاة في كردستان، كما أعلن عن أولى الإصابات في بولندا والأرجنتين وتشيلي وجبل طارق، وكذلك داخل المؤسسات الأوروبية مع إصابة موظف في وكالة الدفاع الأوروبية عائد من مهمة في إيطاليا.
وفي الولايات المتحدة، تم تسجيل ما يزيد عن مئة إصابة في مجمل الأراضي الأميركية، بينها تسع وفيات جميعها في ولاية واشنطن بشمال غرب البلاد، وفرضت الهند الحجر الصحي على مجموعة من السياح الإيطاليين بينهم 16 على الأقل مصابين بالفيروس وتوقفت عن منح تأشيرات دخول إلى المسافرين القادمين من إيطاليا وإيران واليابان وكوريا الجنوبية والصين.
وفي إفريقيا، أعلن السنغال الثلاثاء عن إصابة أولى منضما بذلك إلى مصر والمغرب ونيجيريا، – حظر تصدير الأقنعة الواقية – وحذرت منظمة الصحة العالمية الثلاثاء من أن مخزون معدات الحماية “ينفد بسرعة”، ما يهدد المساعي العالمية لمكافحة الوباء.
ودعا مدير المنظمة تيدروس ادهانوم غيبريسوس إلى زيادة الإنتاج الحالي للمعدات الفردية بنسبة 40%، فيما أعلنت المنظمة التابعة للأمم المتحدة أن العالم سيحتاج إلى 89 مليون قناع طبي في الشهر، فضلا عن 76 مليون قفاز و1,6 مليون نظارات حماية.
وفي فرنسا، إحدى بؤر المرض مع إيطاليا وألمانيا، حيث بلغت حصيلة الوباء 212 إصابة مؤكدة وأربع وفيات، أصدرت الحكومة مرسوما الأربعاء يدعو إلى مصادرة مخزون الأقنعة الطبية حتى 31 مايو، كما حظرت ألمانيا التي تعد أكثر من مئتي إصابة مؤكدة، الأربعاء تصدير معدات الحماية الطبية ولا سيما الأقنعة، مع “بعض الاستثناءات” ولا سيما في إطار المساعدة الإنسانية.
وحظرت روسيا أيضا التي تعد ست إصابات مؤكدة، تصدير الأقنعة الواقية وغيرها من المعدات الطبية حتى الأول من يونيو، وفيما توالت قرارات إلغاء أحداث رياضية في العالم، أعلن متحف اللوفر الفرنسي الشهير إعادة استقبال الزوار الأربعاء بعدما أغلق أبوابه منذ الأحد، أن مخزون معدات الحماية الفردية للوقاية من المرض “تنفد بسرعة” في العالم، مضيفا أن “قدرة الدول على الاستجابة مهددة بسبب الفوضى الخطيرة والمتنامية لخطوط إمداد معدات الحماية الفردية على المستوى العالمي”.
وتعتزم الحكومة الفرنسية مصادرة مخزون الأقنعة الطبية بموجب مرسوم يصدر الأربعاء، وتعتبر فرنسا التي أحصت أربع وفيات حتى الآن وأكثر من 200 إصابة مؤكدة، من بؤر الوباء الرئيسية في أوروبا بعد إيطاليا وقبل ألمانيا.