جدة – صالح الخزمري
اليوم الرابع لمعرض جدة للكتاب كان امتدادًا لنجاحات المعرض في الأيام السابقة؛ إذ حفل برنامجه الثقافي بعدد من الفعاليات الممتعة والمفيدة التي كانت عامل جذب لزوار المعرض من الجنسين.
فبين أزقة التاريخ في “جدة البلد”، حيث أسدل مهرجان البحر الأحمر السينمائي الستار على فعالياته يوم الخميس الماضي، وتحت قبة “جدة سوبر دوم” الحديثة التي احتضنت معرض جدة للكتاب 2024، تُعيد جدة رواية الحكايات، متأرجحة بين عراقة الماضي وإبداع الحاضر.
فعلى بُعد 32 كيلومترًا فقط اجتمع شغف الكتابة والسينما في مشهد يُبرز التكامل بين الكلمة والصورة. فالكتب، سواء الورقية أو الرقمية، هي الجسر الذي يربط خيال المؤلفين برؤى صُنَّاع السينما، وهذا ما يعكسه معرض جدة للكتاب 2024، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة ختامًا لأجندتها الثقافية هذا العام بعد نجاح معرضَي الرياض والمدينة المنورة.
المعرض، بفضائه الواسع وتنوع محتواه، ليس مجرد ملتقى للقراء، بل منصة للإبداع؛ إذ يجد المؤلفون ومنتجو السينما ضالّتهم في قصص تُلهِم أعمالهم، فهو يقدم فرصة ذهبية لاستكشاف عوالم أدبية متعددة تحت سقف واحد، دون عناء البحث بين مكتبات متفرقة أو دور نشر متباعدة.
أما المفارقة اللافتة فهي في انعكاس روح جدة عبر الحدثين؛ إذ حمل مهرجان البحر الأحمر السينمائي الزوار في رحلة عبر الزمن داخل “جدة التاريخية”، ذلك “المتحف المفتوح” الذي يعج بالأزقة العتيقة والمساجد والبيوت القديمة التي تحكي قصصًا تمتد لآلاف السنين.
وفي المقابل، يحتضن “جدة سوبر دوم”، الذي دخل موسوعة غينيس بوصفه أكبر قبة بلا أعمدة في العالم، معرض الكتاب بروحٍ حديثة، تعكس رؤية جدة المستقبلية، مع الحفاظ على أصالتها التاريخية.
بهذا التناغم الفريد بين القديم والجديد تواصل جدة صياغة حكايتها التي تجمع بين الإرث الثقافي والابتكار الحضاري.
وضمن الوش المقامة بمعرض جدة للكتاب كان محور حديث الفنان والمصور الفوتوغرافي عمر الدايل في ورشته “التصوير الفوتوغرافي باستخدام الفيلم” بأنه رغم التطور التقني المتسارع فإن الساحة الفنية تشهد عودة ملحوظة للتصوير باستخدام الفيلم التقليدي، ما يُعد دورة حياة جديدة تعيد إحياء الماضي الفني.
واستهدفت الورشة عشاق التصوير الفوتوغرافي الراغبين في استكشاف تجربة التصوير التناظري بكاميرات الفيلم.
واستهل الدايل حديثه بشكر خاص لهيئة الأدب والنشر والترجمة على دعمها للفنون الفوتوغرافية وإدراجها ضمن فعاليات معرض جدة للكتاب، ثم قدَّم رؤيته حول عودة الإقبال العالمي على التصوير بالفيلم التقليدي، الذي بات ينافس التصوير الرقمي، وأرجع ذلك إلى “المتعة الخاصة التي يجدها المصور أثناء استخدام الفيلم، واستحضار الذكريات المرتبطة بتصوير الأجداد والآباء”.
وخلال الورشة استعرض الدايل الفروق الجوهرية بين التصوير الرقمي والتصوير باستخدام الفيلم، موضحًا الفارق بين جودة الصورة في كلتا الطريقتين ومزايا كلٍّ منهما. كما قدَّم أمثلة لأعمال مصورين عالميين، مثل روبرت آدامز وفيفيان ماير، لتوضيح مدى تأثير التصوير بالفيلم في توثيق اللحظة والإبداع الفني.
وشهدت الورشة تفاعلاً كبيرًا من الحضور، الذين طرحوا العديد من الأسئلة التي أجاب عنها الدايل بحماس، ما أضاف للورشة جوًّا من الحوار المثمر.
وامتدادًا للندوات التي ينظمها المعرض، التي تشهد حضورًا لافتًا، اختُتمت ندوة “الأجناس الأدبية غير الشائعة: دعم وتمكين”، التي انعقدت ضمن فعاليات معرض جدة للكتاب، بإبراز الدور المحوري الذي تلعبه هيئة الأدب والنشر والترجمة في دعم الكُتّاب، وتذليل الصعوبات التي تواجههم.
وجاءت ندوة “الأجناس الأدبية غير الشائعة” لتسلط الضوء على أهمية المبادرات التي تطلقها هيئة الأدب والنشر والترجمة؛ إذ لم يقتصر دورها على تقديم الدعم الفني والتقني للكُتّاب، بل ساعدتهم في إيجاد منصة للتعبير عن إبداعاتهم، ما يعزز التنوع الثقافي ويسهم في تطوير المشهد الأدبي في المملكة.
وقد جاء هذا الدعم ضمن برنامج موسّع، استمر لمدة ستة أشهر، وأسهم في تعريف الكُتّاب بمفاهيم الأجناس الأدبية النادرة، وآليات طرح تجعل القارئ ينغمس في الكتاب حتى نهايته.
وتضمَّن البرنامج دورات تدريبية مكثفة، قدمتها الهيئة للكُتّاب، ساعدتهم في تحويل أفكارهم الأولية إلى أعمال مكتملة العناصر، كما أتاحت لهم فهمًا عميقًا للأجناس الأدبية غير الشائعة، بهدف توسيع نطاقها، وتطوير محتوى يلبي اهتمامات القراء.
وفي معرض جدة للكتاب حظي الكُتّاب بفرصة استثنائية لمشاركة تجاربهم المباشرة، مما أتاح لهم الوصول إلى جمهور واسع، والتعريف برسائلهم الأدبية المتنوعة.
شهادات الكُتّاب:
الكتَّاب (عبدالعزيز بن حميد، لينة الشعلان، مشعان المشعان، نورة الأشولي) قدموا شهادات حول دعم الهيئة لهم، والدور الكبير في تمكينهم من تقديم عمل مميز.