أكد خبراء البيئة في مؤتمر الأمم المتحدة “كوب 16” المنعقد في الرياض، أن من بين الأسباب الجذرية للجفاف، التغيرات المناخية وسوء إدارة الموارد المائية، في حين يؤدي تغير المناخ إلى تغير أنماط الأمطار، ما يزيد احتمالية حدوث فترات جفاف طويلة.
وقال الخبير في مجال الجفاف مارك سفوبودا، في جلسة بعنوان: “تدابير التكيف لتطوير القدرة على الصمود في مواجهة أنواع مختلفة من الجفاف”، في إحدى جلسات مؤتمر الأطراف “كوب 16” الرياض: “إن الجفاف يعد أحد التحديات البيئية الأكثر خطورة التي تواجه العالم اليوم, وتمتد تأثيراته إلى جميع جوانب الحياة، بما في ذلك الزراعة، والاقتصاد، والبيئة, وفي السنوات الأخيرة، شهدنا زيادة في تكرار وشدة فترات الجفاف، ما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة.
وأضاف: يجب أن نعمل على تطوير إستراتيجيات فعالة للتكيف مع هذه التغيرات”، والتركيز على إدارة المياه المستدامة، وتحسين كفاءة استخدام المياه في الزراعة، إذ تعد الزراعة أكبر مستهلك للمياه.
وأكد سفوبودا أنه يمكن استخدام تقنيات مثل الزراعة الدقيقة التي تعتمد على البيانات لتحسين استخدام المياه، ويجب تعزيز استخدام مصادر المياه البديلة مثل إعادة تدوير المياه وتحلية مياه البحر.
وأوضح أن التعاون الدولي هو أمر حيوي، لا سيما أن الجفاف لا يعرف الحدود، لذا يجب على الدول العمل معًا لمشاركة المعرفة والخبرات، مضيفًا أنه من خلال التعاون يمكننا تطوير حلول مبتكرة للتعامل مع تحديات الجفاف, مشيرًا إلى ضرورة عدم إغفال أهمية التوعية المجتمعية، وتعليم المجتمعات حول كيفية إدارة موارد المياه بشكل فعال، كما أن زيادة الوعي حول قضايا الجفاف ستساعد في بناء مجتمعات أكثر مرونة وقدرة على التكيف مع الظروف المتغيرة.
من جهته طالب كبير الباحثين في مجال البحوث المشترك التابع للمفوضية الأوروبية أندريا توريتي، بتناول قضية الجفاف بوصفها من التحديات الكبرى التي تواجه أوروبا والعالم، مشيرًا إلى أن الجفاف ليس مجرد ظاهرة مناخية، بل هو نتيجة معقدة لتفاعلات بين المناخ والبيئة والنشاط البشري.
وأكد توريتي أهمية البحث العلمي في فهم ديناميكيات الجفاف وتأثيراته على المجتمعات، وذلك من خلال جمع البيانات وتحليلها ويمكن للعلماء تقديم توصيات مبنية على الأدلة لتحسين إستراتيجيات إدارة المياه مطالبًا بضرورة تطوير إستراتيجيات فعالة للتكيف مع الجفاف، ويشمل ذلك تحسين تقنيات الزراعة، مثل استخدام المحاصيل المقاومة للجفاف، وتطبيق أساليب ري أكثر كفاءة، كما أكد أهمية الابتكار التكنولوجي في هذا المجال.
من جهته قال المتخصص في مجال المناخ الدكتور محمد الشربيني: “رغم نتائج مشروع تقييم تعرض المملكة للجفاف الشديد، ووضع التدابير والإجراءات اللازمة للتخفيف من الآثار السلبية للجفاف، إلا أن أغلب المحطات تشهد ارتفاعًا مستمرًا في متوسط درجات الحرارة على مر السنين بمعدل 0.09 درجة مئوية سنويًا.
وأشار إلى أن الارتفاع يتراوح خلال فترة الدراسة بين 2 – 4 درجات مئوية حسب المحطة، الأمر الذي يعكس تأثير التغير المناخي, وتراوحت نسبة المناطق المتضررة من الجفاف خلال الـ25 سنة الماضية بين 30% و67% من إجمالي المساحة التي تعاني من ظروف الجفاف الشديد.
ولفت الشربيني النظر إلى أن العام الماضي شهد أعلى قيمة في الغطاء النباتي بسبب ارتفاع معدل هطول الأمطار السنوي بنسبة 70% عن المعدل الطبيعي للفترة ما بين 1991- 2020، حسب تقرير المركز الوطني للأرصاد 2024.
يعقد مؤتمر الأطراف “كوب 16” الرياض في الفترة من 2 إلى 13 ديسمبر 2024 في منطقة تقع على مقربة من بوليفارد الرياض بالمملكة العربية السعودية, ويحتفل هذا المؤتمر تحت شعار “أرضنا مستقبلنا” بالذكرى الثلاثين للإعلان عن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، ويهدف إلى تحفيز العمل متعدد الأطراف بشأن القضايا المهمة، مثل التصدي للجفاف وحقوق ملكية الأراضي والعواصف الرملية والترابية.