يمثل العمل الخيري للمملكة العربية السعودية ثقافة راسخة وقيم إنسانية عليا نابعة من الدين الإسلامي الحنيف ومن إرثها الحضاري العريق ومن عاداتها وتقاليدها العربية الأصيلة في تقديم العون للمحتاجين وإغاثة الملهوفين وتخفيف آلام المتضررين، فضلا عن سعيها النبيل للقيام بالأعمال الخيرية والإنسانية وتحقيق التنمية والاستقرار المجتمعي لدول وشعوب العالم ذات الاحتياج.
ومنذ توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – مرورًا بالعهود الماضية لأبنائه البررة – رحمهم الله – حتى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظهما الله – والمملكة بلد معطاء وصلت مساعداتها الإنسانية والتنموية والخيرية إلى مختلف أصقاع العالم، سواء في شكل تبرعات أو منح إنسانية وخيرية وقروض ميسرة لتشجيع التنمية في الدول النامية، حيث بلغ إجمالي المساعدات الخيرية أكثر من 132 مليار دولار أمريكي غطت 171 دولة حول العالم، نفذ بها 7.131 مشروعًا إنسانيًّا وإغاثيًّا وتنمويًّا.
وبهذا الصدد وجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – رعاه الله – في 13 مايو 2015 م بإنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ليكون مظلة للأعمال الإنسانية والإغاثية والخيرية الخارجية للمملكة، حيث نفذ المركز منذ تأسيسه 3.053 مشروعًا في مختلف القطاعات الحيوية شملت 102 دولة حول العالم بقيمة تجاوزت 7 مليارات و37 مليون دولار أمريكي، استفاد منها الملايين من الفئات الأكثر ضعفًا واحتياجًا في الدول المستهدفة دون تمييز.
ويشكل العمل التطوعي ركنا مهما في أعمال المركز الإنسانية والإغاثية إذ أطلق ” البوابة السعودية للتطوع الخارجي” التي تهدف إلى استقبال الراغبين بالتطوع للمشاركة ضمن أعمال المركز في الخارج بعد تأهيلهم وتمكينهم لخدمة العمل الخيري، والمحافظة على تنمية المجتمعات تحقيقا لرؤية المملكة 2030، وقد بلغ عدد المسجلين في البوابة حتى الآن أكثر من 63 ألف متطوع شاركوا بتنفيذ 724 برنامجًا تطوعيًّا مختلفًا في47 دولة حول العالم ، استفاد منها أكثر من مليون و831 ألف فرد.
وتعد المملكة من أكثر الدول استقبالا للاجئين (الزائرين) إذ تتيح لهم فرصة العلاج والتعليم مجانًا، وتحرص على اندماجهم في المجتمع وذلك من خلال وجودهم في جميع مناطق المملكة، وإتاحة فرص العمل والتعليم في المدارس العامة.
وللتضامن مع الأزمة الإنسانية الصعبة التي يمر بها سكان قطاع غزة سيّر مركز الملك سلمان للإغاثة جسرًا جويًّا وصل منه حتى الآن 54 طائرة وجسرًا آخر بحريًّا وصل منه حتى الآن 8 سفن كبيرة تشتمل على مواد غذائية وإيوائية وطبية تزن 6.600 طن، إلى جانب تعاون المركز مع الأردن للقيام بعملية الإسقاط الجوي لإيصال المساعدات الغذائية النوعية للمتضررين في القطاع؛ بهدف كسر إغلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي المعابر الحدودية.
كما دشَّن المركز برنامج “سمع السعودية” التطوعي في جمهورية تركيا للتأهيل السمعي وزراعة القوقعة للمتضررين من الزلزال في سوريا وتركيا، الذي يعد أكبر حدث خيري تطوعي لزراعة القوقعة والتأهيل السمعي حول العالم، والمكون من 24 برنامجا يستهدف 940 مستفيدا من الشعبين السوري والتركي. ومن ضمن الإنجازات الخيرية الكبرى للمملكة البرنامج السعودي للتوائم الملتصقة التي تتكفل المملكة بجميع نفقاته من عمليات وعلاج وتأهيل للتوائم، إذ درس البرنامج حتى الآن 141 حالة من 26 دولة في 3 قارات حول العالم، وأجرى 61 عملية فصل توأم ملتصق تكللت جميعها بالنجاح ولله الحمد.
وفي اليوم العالمي للعمل الخيري الذي يوافق الخامس من شهر سبتمبر من كل عام، يحتفي مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بهذا اليوم، مشاركا العالم التقدير والعرفان والامتنان للعاملين في المجال الخيري الذين ضحوا بحياتهم من أجل خدمة الإنسان ومساعدة المحتاجين واللاجئين في مختلف بقاع العالم.