أحمد السبيت : المعتزل بمثابة تصوّف كتابي يخلو الكاتب مع نفسه في بعيد عن تدخلات تكاليف الحياة وسآمة الأعمال ورتابتها اليومية
عبير الرمال : تخلل هذا المعتزل زيارات ميدانية لبعض المعالم الفكرية والثقافية في الرياض وتهيأت لنا زيارة دارة الملك عبد العزيز
منيرة العنزي : كانت التجربة خير برهان، وتكتب بعيدا عن ضوضاء المدينة وازدحام الطرقات تجاور الطبيعة، و الشجرة والزهرة
عائشة القاضي المبدع ينشد في العزلة البحث عن التركيز وصفاء النفس المحفّز على الإلهام المنبعث من جمال الطبيعة حوله
عقيل الفهيدي : كان للزيارات الميدانية للمعالم التاريخية في مدينة الرياض والتجول فيها واستلهام بعدها التاريخي والوطني الأثر الكبير الذي انعكس على عملي الإبداعي
الثقافية_علي بن سعد القحطاني
أقامت هيئة الأدب والنشر والترجمة بمشاركة دارة الملك عبد العزيز “معتزل الكتابة” من 19_ 26 يناير الماضي في الرياض ويأتي هذا اللقاء عن المشهد السردي التاريخي مع المواهب الروائية الواعدة بإشراف الروائي الدكتور شتيوي الغيثي ، وتزويدهم بالعديد من الورش التدريبية الحوارية التي تخص العلاقة بين التخييل الروائي والتاريخ وسمات الرواية التاريخية وأسس بناء الشخصيات التاريخية، وقد شارك في التدريب مجموعة من الأساتذة الجامعيين وفي برنامج المعتزل الكتابي الذي استمر أسبوعا كاملا كان هناك زيارات لدارة الملك عبدالعزيز ومتحف الدارة والتجول داخل قصر المربع، وكذلك زيارة المصمك وساحة الصفاة وما جاورها من مناطق تراثية وزيارة الدرعية وحي طريف وتحدث عدد من المشاركين والمشاركات من الأدباء والروائيين والمواهب الواعدة عن هذا المعتزل
تصوّف كتابي
وأوضح الروائي أحمد السبيت أن هذا المعتزل بمثابة تصوّف كتابي من أروع المبادرات التي تبنتها هيئة الأدب والنشر والترجمة بالتعاون مع دارة الملك عبدالعزيز فكرة المعتزل الكتابي الذي يعد رائداً في توجهه البديع حين يعني بالتطوير والإنجاز ففيه يخلو الكاتب مع نفسه في تصوّف كتابي بعيد عن تدخلات تكاليف الحياة وسآمة الأعمال ورتابتها اليومية، ومما يستحث على المتابعة تلك المحاضرات الهادفة التي تتخلل البرنامج اليومي، وهي تعني بالرواية التاريخية التي نحن بصددها مع أساتذة مبدعين في مجال تخصصهم، ومما يزيد تآلف المجموعة المعتزلة ذلك التأثر والتأثير عبر التعاون فيما بينهم للوصول إلى نتائج إيجابية فيما يكتبون، ولا شك أن الأثر إن لم يكن يبين عن نفسه في الحاضر إلا أن له دوراً في الكاتب نفسه يسير معه، وعلى خطاه في كل كتاباته المستقبليّة .
جلسات ومناقشات
ورأت الروائية عبير الرمال أنه من خلال تجربتها في هذا المعتزل يستطيع المبدع من خلال المناقشات يمكن أن تفتح نوافذ أخرى له من خلالها تطوير عمله الروائي وإنجازه بصورة أفضل كما تخللت هذه المعتزل زيارات ميدانية لمواقع وأماكن تاريخية، وقالت : لقد تهيأت لي فرصة المشاركة في معتزلات الكتابة الذي نظمته هيئة الأدب والنشر والترجمة، وقد استهدفت فيه نخبة من الروائيين الذين عنوا بالرواية التاريخية، وحرصوا على كتابتها، فمثّل هذا التجمع حلقة للتذاكر مع الزملاء ومناقشة الأفكار وتوظيف التقنيات ، والفكرة عندما تعرضها على زملائك تتلقى عليها إضافات وتطوير، وتجد تحفيزاً وتعزيزاً منهم
والأجمل أن يكون التعزيز من مبدعيين في هذا المجال،فهذا الإطراء سيدفعك الى تقديم الأفضل، ففي المعتزل الادبي حظيت بتجربة فريدة جدا
من الجلسات النقاشية التي تدفعنا لطرح أفكار متنوعة تسهم على المجال الشخصي في توسيع المدارك،فأحيانا يكون الروائي منغمساً في فكرته، ولا تتاح له نظرة أخرى ،لكن من خلال المناقشات يمكن أن تفتح نوافذ أخرى للروائي يستطيع من خلالها تطوير عمله الروائي وإنجازه بصورة أفضل.
أيضا تخلل هذا المعتزل زيارات ميدانية لبعض المعالم الفكرية والثقافية في الرياض وتهيأت لنا زيارة دارة الملك عبد العزيز والنظر في كنوزها ومخطوطاتها ومخزونها الثقافي الكبير واستمعنا لتوجيهات معالي الدكتور فهد السماري وخبرته الكبيرة في التاريخ وإضافاته المعرفية لنا، ولا سيما باننا نتحدث عن التاريخ فالتوجيهات التي استمعنا إليها أضاءت لي كثير من الطرق، واستفدت منها كثيرا كما تهيأت لنا أيضا زيارة الدرعية والدرعية تمثل لي أنا على مستوى المنجز الأدبي شيئا مهما وكبيرا.
فتمكنت بهذه الرحلة أن أرى المكان الذي رسمته في روايتي التاريخية “الجساس” واستشعرت حركة الناس في سكك الدرعية وبين بيوتها، وكأن الجدران تبوح بأسرارها، وشاهدت قصر طريف واستلهمت معه تاريخ عظيما جدا، واستحضرت شخوص قادته وجيوشه، وعلى أسوار الدرعية تصورت كل الحملات الغازية التي دبرت في إسقاط الدرعية فمشاهدة المكان ومعاينته والسير في أروقته يستثير في الروائي تصورات مختلفة جدا فقد أسهمت كثيرا في رسم خيال مختلف تماما، ولعلي أجني ثمارها في منجزي القادم بإذن الله تعالى.
التناغم مع الطبيعة
والتقت “الثقافية” بالروائية والطبيبة منيرة مهدى العنزي أخصائية أولى في التغذية العلاجية، وتحدثت عن المعتزل الكتابي الغني بنقاشاته ومحاضراته الأكاديمية والتحرر من ضوضاء المدينة وصخب الحياة والتناغم مع الطبيعة والإبداع لخلق نصوص إبداعية جميلة، وقالت : عندما عُرضت عليَّ فرصة الانضمام إلى كوكبة من الروائيين والروائيات في معتزل الكتابة الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر بالتعاون مع دارة الملك عبد العزيز، تبادر إلى ذهني تساؤلات تشوبها الحيرة حول جدوى العزلة وحيدا والعقل يعاني من الضجيج والتفكير في مسؤوليات الحياة. هل يستطيع العقل أن يُبدع، ويكتب في المعتزل.
كانت التجربة خير برهان، والبرهان المبني على الدليل المادي المتمثل في غزارة الكتابة مع جودة وعمق المكتوب أبهرني حدّ الدهشة.
أن تكتب وأنت حر من عملك، معزولا عن ضوضاء المدينة وازدحام الطرقات، تغلق هاتفك إلا فيما لا يحتمل التأخير. تجاورك الطبيعة، وتجاور الشجرة والزهرة، ويعزف لك خرير الماء سيمفونية بأنامل الأرض، أن تتراقص البطات على الماء ثم تتسلل نحوك بحذر وريشها المبتل يلمع تحت أشعة شمس الشتاء الباردة، كلها تُحرر أصابعك من جمودها، وتُلبس عقلك الإلهام رداء.
في معتزل الكتابة لم أنعم بالعزلة فحسب، فهناك سويعات عامرة بما لذ، وطاب من محاضرات أكاديمية يتخللها نقاش أدبي ماتع ين المختص الأكاديمي وبين المجموعة المشاركة، ثري في منفعته، يانع في ثمراته.
في المعتزل خرجنا في جولات ميدانية نحو أماكن تاريخية مع مرشد متخصص في تاريخ المنطقة وتراثها الغارق في القِدم، والمُثقل بشظف العيش،ومشقة الحياة حينذاك.
فكرة المعتزل، ليست وليدة الصدفة، وليست فكرة عشوائية التخطيط، وليست طريقا ذو مسار واحد مُعبد بالأسمنت، فكرة المعتزل، شجرة يانعة ستعانق وأغصانها عنان السماء، ومخرجات المعتزل ستُخرج للمكتبات أعمالا روائية تتأبط ذراع التاريخ نحو الحاضر.
وستؤهل كتّاب الرواية للحاق بركب الرواية العالمية الراسخة في وجدان الذاكرة قبل رفوف المكتبة.
عزلة المبدع
وكانت لعائشة بنت محمد القاضي مداخلة ل”الثقافية” حول تجربتها في “المعتزل الكتابي” وقالت :مبادرة معتزلات الكتابة -التي أطلقتها وزارة الثقافة ممثلةً في هيئة الأدب والنشر- أمر يدعو للفخر بهذا الاهتمام بتهيئة الكاتب للكتابة من خلال الاستمتاع بفن التأمل؛ مما سيكون له لذلك أثر بالغ في نتاجه الأدبي،؛لأن المبدع الذي يلجأ إلى العزلة يكون هدفه من ذلك البحث عن التركيز وصفاء النفس المحفّز على الإلهام المنبعث من جمال الطبيعة حوله..
كانت أيام المعتزل منظمة بشكلٍ أتاح لنا فرصة خوض تجارب متعددة تنوعّت بين ورش التدريب المخصصة عن كيفية كتابة الرواية التاريخية، وزيارة الأماكن التي تحكي أثر تاريخنا السعودي وعمق أصالته. كان لتلك الزيارات أثرها الكبير على الصورة الذهنية بالنسبة إلي، شعرت بأنني الآن أرى التاريخ على نحو أوضح؛ أصبح لديّ تصوري الخاص الناتج عن رؤية معالم إرثنا التاريخي العظيم.
تجارب ونتاجات
وتحدث الروائي عبد الرحمن العكيمي ل”الثقافية” عن تجربته في هذا المعتزل، ورآها مثمرة بجلساتها ومسامراتها الثقافية بمشاركة نخبة من الكتاب والكاتبات والاطلاع تجارب ونتاجات في الرواية وعوالمها.
وفي الوقت نفسه قام باستكمال كتابة عمله السردي، وقطع شوطا مهما في روايته وقال:
لا شك أن تجربة المعتزلات للكاتب تمثل تجربة مهمة ومثيرة في ذات الوقت ،وقد مثلت لي أهمية كبيرة خلال الأسبوع الفائت، ومن خلالها استكملت كتابة عمل سردي، وقطعت شوطًا مهما في هذا العمل ولله الحمد صحيح أنني لم أنته بعد لكن تجربة المعتزل جعلتني أكون في طقوس حقيقة للكتابة والإنجاز والالتزام والاستفادة من الوقت واستثماره في منجز إبداعي ،أن تختلي مع قراءاتك وكتاباتك، ومع كتبك في مكان مهيأ وجاذب ومليء بالطقوس المؤثرة فهو مطلب حقيقي في هذا الأوان، وهو مشروع يجعلك في مواجهة مع البوح والسرد والإبداع ،كان برنامج المعتزل مليء بورش العمل الثقافية والأكاديمية استفدنا مما قدمه نخبة من المختصين والأكاديميين في الرواية والسرد وكان التركيز أكثر على الرواية التاريخية على نحو أكبر ،أيضا كانت هناك جلسات ومسامرات ثقافية في المعتزل شاركنا فيها نخبة من الكتاب والكاتبات، واطلعت على تجارب ونتاجات في الرواية وعوالمها.
زيارات ميدانية
يصف الأستاذ عقيل الفهيدي ل”الثقافية” التعايش، وأنه تمكن بفضل هذا “المعتزل الكتابي ” من مواصلة العمل على مشروع روايته وقال : تقول العرب : ليس من سمع كمن رأى . وأضيف على ما قالته العرب بأن أقول ليس من سمع كمن عايش التجربة وعاشها . وقد قدر لي أن أكون من ضمن تلك الكوكبة التي قامت مشكورة وزارة الثقافة ممثلة بهيئة الأدب والنشر والترجمة وبترشيح كريم من دارة الملك عبد العزيز لتعايش هذه التجربة، وتعيشها وقد كان ذلك . وقد شرفت به مع زملاء من عدة مناطق من بلادنا الحبيبة في تنويعة وتشكيلة كانت في منتهى الذكاء والجمال وذلك في اختيار أسماء كنا نقرأ لهم دون نشرف بلقاؤهم والتعرف إليهم والاستئناس بهم عن قرب . فكان هذا المعتزل في عاصمتنا الحبيبة هو مهبط هذه اللقاءات ومأرزها الجميل ، وذلك من خلال أيام وليال قليلة في عدها ولكنها وبذكاء ظاهر ومعرفة فذة من القائمين على هذا المعتزل أصبحت عميقة المعنى والمبنى .
ماهي مخرجاتي الشخصية بعد انقضاء أيام هذا المنتدى ؟ سؤال ملبس في إجابته ما بين ما يمور في داخل النفس خلال تلك الأيام القليلة التي قضيتها في المعتزل وما بين المحسوس والملموس على صفحات الورق في مشروعي الخاص .
أما عن مشاعري في أثناء هذا المعتزل فقد خرجت منه وأنا أكثر يقينا بما أريد عمله في مشروعي الذي أعمل عليه منذ عدة أشهر . أتاح لي هذا المعتزل المزيد من الـتأمل في مسالك الرواية ودروبها ،كما تمكنت بفضل هذا المعتزل من مواصلة العمل على مشروع روايتي . إضافةً إلى ما سبق فإن الورش المنعقدة في أثناء هذا المعتزل التي تدور حول الرواية التاريخية وكتابتها بإلقاء نخبة من المختصين في هذا المجال وما تخللها من نقاشات في داخل الورش أو في أثناء اللقاءات على هامش هذا المعتزل بين أعضاء المعتزل كان لها كبير الأثر في ترسيخ مفهوم الرواية التاريخية لدي وفك الالتباس عن بعض الإشكاليات التي قد صاحبتني في أثناء سيري في مشروعي الروائي الخاص . كما كان للزيارات الميدانية للمعالم التاريخية في مدينة الرياض مثل قصر المصمك والمربع والدرعية والتجول فيها واستلهام بعدها التاريخي الممتد في تاريخ هذا الوطن الأثر الكبير الذي انعكس على عملي الإبداعي . وفي النهاية شكري البالغ لكل القائمين على هذا المعتزل الرائع، وكل من أسهم في إنجاحه .
الصفاء الذهني
وختم الأستاذ فهد النامي مداخلته ل(الثقافية) بتجربته مع “المعتزل” وأنه أكمل الفصل الثالث من روايته وقال : في البداية أحب أثمن لوزارة الثقافة ولهيئة الأدب والترجمة والنشر هذه البادرة الجميلة، وهذا الحراك الأجمل لخدمة الحركة الثقافية السعودية، وأشكر القائمين على هذا المعتزل فردا فردا على التعاون المثمر وحسن التنظيم والأجواء الأخاذة.
ثانيا: أكملت الفصل الثالث من روايتي.
ثالثا: تبادل الخبرات بيننا نحن الكتاب والاستفادة العظيمة من الندوات والضيوف المحاضرين والزيارات
رابعا: جدولنا اليوم كان منظم ومفيد ومرن، ويساعدنا على استغلال وقت الفراغ في الاعتزال للكتابة.
خامسا: الصفاء الذهني أداء إلى تولد الأفكار والإبداع في السرد.