أظهر تقرير أصدرته منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) خمس حقائق عن التمر تجعله من الأغذية المهمة لمستقبلنا، لافتاً إلى أن المنظمة استضافت في يونيو 2019، حدثا نظمته المملكة العربية السعودية للترويج لمنافع إنتاج التمر بالنسبة إلى التنمية الاقتصادية والبيئية والاجتماعية.
وأوضح أن أداء نظمنا الغذائية ليس على النحو المطلوب. ففي الوقت الذي ما يزال فيه أكثر من 820 مليون شخص يتضورون جوعًا على كوكبنا اليوم، ينتشر وباء السمنة في العالم. وتعتبر إمكانية الحصول على أغذية صحية، من حيث توافرها وتكلفتها، عاملا رئيسيا في كلا السيناريوهين. وإن العدد المحدود للأغذية التي ننتجها، والطرق التي نقوم بواسطتها بزراعتها ونقلها، والوسائل التي نأخذ بها لتوزيعها، كلّها مجالات تتسع للكثير من التحسين. وإجراء تغييرات في هذه النظم قد يعني حفظ الموارد الطبيعية وخفض انبعاثات غازات الدفيئة ووصول كميات أكبر من الأغذية إلى المستهلكين، لا سيما الفئات المستضعفة.
وأضاف: “ثمة الكثير من الحلول المتاحة لنا. وفي الوقت الراهن، يعاد النظر في الطرق التقليدية المعتمدة لحصاد الأغذية وإنتاجها التي أثبت الزمن صحتها. كما يجري تنشيط الثقافات واحترام قيمة الأغذية. فالفاكهة والخضر التي تم غض الطرف عنها على الصعيد العالمي أصبحت تحظى باهتمام جديد. وهناك مجموعة كبيرة من الأغذية، منها على وجه الخصوص التمر، التي تتوافق وهذا الوصف”.
وفي ما يلي 5 أسباب تبيّن ضرورة جعل التمر جزءً لا يتجزأ من مستقبلنا الغذائي:
1- التمر مغذٍ
إن التمر غني بالحديد والبوتاسيوم والكالسيوم والمغنيسيوم، ويشكل مصدرا جيدا للألياف. كما أنه غني بالسعرات الحرارية، ما يجعله مصدرا مهما للطاقة. ويعد التمر، بفضل طعمه الحلو، بديلا جيدا للسكريات المكررة. وعلى خلاف الأغذية العالية التجهيز، يعتبر التمر غذاءً طبيعيا ومغذيا مثل الفاكهة، ما يجعله عاملا من شأنه أن يساعد على قلب مسار السمنة. فأكثر من ملياري (2) شخص في العالم يعانون من الوزن الزائد. إذ أن نظمنا الغذائية اليوم تجعل من الهين على الناس اختيار أغذية أرخص وأسرع غالبا ما تحتوي على كميات أكبر من الدهون والأملاح والسكريات والسعرات الحرارية. ويمكن لزيادة توافر الفاكهة والخضر الطازجة أن تساعد الناس على اتخاذ خيارات صحية بدرجة أكبر. وإن أغذية من قبيل التمر المجفف الذي يمكن الاحتفاظ به لشهور عديدة خير مثال على بديل مغذٍ سريع. كما أن طول مدة صلاحيته تساعد على التقليل إلى أدنى حد من الفاقد من الأغذية.
2- للتمر إمكانات غير مستغلة
لقد باتت نظمنا الغذائية اليوم تعتمد اعتمادا كبيرا على عدد قليل جدا من المحاصيل. وعلى مر تاريخ البشرية تمت زراعة قرابة 000 6 من الأنواع النباتية لأغراض إنتاج الأغذية. واليوم، 8 منها فقط توفر أكثر من 50 في المائة من السعرات الحرارية التي نستهلكها يوميا. وفي ظل تغير المناخ الذي يجعل إنتاجنا الغذائي أكثر هشاشة، لا يمكننا الاعتماد على عدد قليل من المحاصيل لإطعام سكان يتزايد عددهم باستمرار. وهناك كم كبير من المحاصيل التقليدية المغذية جدا والتي تتأقلم مع الظروف المحلية وتتمتع بالقدرة على الصمود أمام تقلبات المناخ. وتتزايد أهمية هذه المحاصيل بالنسبة إلى تنويع نظمنا الغذائية وتوفير مجموعة متنوعة من المغذيات التي نحتاج إليها للعيش حياة مفعمة بالصحة. وفي حين أن التمر سلعة معروفة إلى حد ما في الكثير من أنحاء العالم، فإن أنواعا معينة فحسب من التمور هي التي يتم تداولها في التجارة الدولية.
3- التمر جزء من ثقافة وتراث طويل الأمد
يُزرَع نخيل التمر في إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منذ أكثر من 000 5 سنة. وكانت هذه الثمار تعني، بفضل المغذيات والسعرات الحرارية التي توفرها، الأمن الغذائي للسكان الذين يعيشون في الصحاري وغيرها من المناطق الجافة.
وتشكل الأغذية والزراعة في مختلف أنحاء العالم جزءً مهما من الثقافات والهويات. وبادرت المنظمة، سعيًا منها إلى الاحتفال بهذا الثروات والحفاظ عليه، إلى وضع برنامج نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية لمكافأة مواقع حول العالم تتميز بالحفاظ على تقاليد لزرع وحصاد أغذية فريدة ومتأقلمة بشكل جيد مع الأحوال المناخية والمناظر الطبيعية المحلية. وتبين واحة سيوة في مصر بدقة، باعتبارها أحد هذه النظم، إبداع المزارعين في تكييف الزراعة مع الظروف الصعبة السائدة. وهنا، يتم زراعة نخيل التمر بإقحامه مع الفاكهة والخضر والمحاصيل العلفية وفي بعض الأحيان مع الحبوب في بنية من ثلاثة طوابق يشغل نخيل التمر المستوى الأعلى. ويؤدي هذ النظام المتعدد الطبقات إلى مناخ منطقة صغيرة يسمح بنمو محاصيل أخرى تحت أشجار النخيل، ما يفضي إلى الحفاظ على موارد مائية لا تقدر بثمن.
4- نخيل التمر قادر على تحمل الظروف البيئية الصعبة
تعد المملكة العربية السعودية ومصر والجزائر وإيران من أكبر منتجي التمر في العالم، ويمكن لنخيل التمر أن ينمو في المناطق ذات المناخ الحار والقاحل وهو يتمتع بالقدرة على تحمل المياه المالحة. وتسمح له هذه الخصائص بالنمو وتوفير مصدر غذائي حتى في ظل ظروف بيئية صعبة، مثل الصحاري.
5 – التمر مهم بالنسبة إلى سبل العيش
يشكل إنتاج التمر قطاعاً هاماً ليس فقط بالنسبة إلى الأمن الغذائي والتغذوي للسكان الذين يعيشون في المناطق الريفية ولكن أيضاً بالنسبة إلى سبل عيشهم. ولكن سبل العيش هذه تتعرض، على مدى السنوات الثلاثين الماضية، لخطر سوسة النخيل الحمراء، وهي أشد الآفات تدميرا لأشجار النخيل في مختلف أرجاء العالم. ويعود أصل هذه السوسة إلى جنوب شرق آسيا وقد انتشرت بسرعة لتنتقل إلى مناطق أخرى. ونظرا إلى أن سوسة النخيل الحمراء تصيب الأشجار من الداخل، فإنه من الصعوبة بمكان اكتشاف هذه الإصابات خلال المراحل الأولى. ولمساعدة المزارعين في مختلف أنحاء العالم على جمع البيانات عند فحص أشجار النخيل وعلاجها من هذه الآفة، تعد المنظمة تطبيقاً باستخدام الهواتف المحمولة، SusaHamra. كما تعكف المنظمة حاليا على الجمع بين الاستشعار عن بعد والذكاء الاصطناعي لتحديد أشجار النخيل ورصد انتشار هذه الآفة للمساعدة على صون سبل العيش في مختلف أرجاء إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا.
وكمبادرة هامة أخرى، تساعد المنظمة والاتفاقية الدولية لوقاية النباتات في رفع مستوى الوعي بأهمية حماية الموارد النباتية من الآفات والأمراض وتشجيع التجارة الدولية الآمنة من خلال الاحتفال بالسنة الدولية للصحة النباتية في عام 2020. ويكتسي هذا الاحتفال أهمية حاسمة ليس فقط بالنسبة إلى الارتقاء بمستوى الوعي بالأمن الغذائي والتغذوي، ولكن أيضا بصون التنوع البيولوجي واستعادة النظم الإيكولوجية السليمة، لا سيما في المناطق الجافة جدا.
واستضافت المنظمة، في يونيو 2019، حدثا نظمته المملكة العربية السعودية للترويج لمنافع إنتاج التمر بالنسبة إلى التنمية الاقتصادية والبيئية والاجتماعية. وثمة محادثات جارية بهدف استعراض الطريقة التي يمكن بها للمحاصيل المحلية والتقليدية التأثير في تحقيق هدف التنمية المستدامة 2.
وآن الأوان لإعادة النظر في نظمنا الغذائية، والتركيز على المحاصيل غير المستغلة بالقدر الكافي عالميا، وإحياء ممارسات السكان الأصليين، والتركيز على التغذية بدلا من الأغذية. فكوكبنا وأجسامنا بحاجة إلى ذلك. وبمشاركة الجميع، يمكننا تحقيق # هدف القضاء التام على الجوع وأهداف التنمية المستدامة.