على بعد 120 كيلومتراً شمال العاصمة الرياض تتربع الصياهد، التي تحولت خلال أعوام قليلة من بلدة صحراوية إلى مدينة لهواة الإبل من جميع أنحاء العالم، بفضل إقامة مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل على أرضها.
ومنذ بداية المهرجان مطلع ديسمبر الجاري ارتفع عدد زوار الصياهد إلى أكثر من مليون زائر، مع توقعات بزيادة العدد خلال الأيام المتبقية من المهرجان خصوصًا مع احتدام المنافسات في مختلف السباقات.
ولم يقتصر الحضور على المواطنين والمقيمين في المملكة إذ باتت الصياهد وجهة لمحبي الإبل من أنحاء العالم وأحدث المهرجان نقلة نوعية في فعالياته وأنشطته حولته إلى وجهة ثقافية واقتصادية وترفيهية تجمع بين المحافظة على الأصالة وبين الاتجاه الحضاري المعاصر، كما حرص دبلوماسيون في الرياض على زيارة المهرجان ومشاهدة فعالياته ومنافساته. وأعلن بعض السفراء مشاركتهم في شوط المنظمة الدولية للإبل.
ووصلت قيمة الجوائز التي خصصتها الجهة المنظمة للمهرجان إلى 300 مليون ريال تشمل كذلك جوائز سباقات مهرجان الملك عبدالعزيز للهجن المنتهية أشواطه التمهيدية بواقع 396 شوطاً في مختلف الفئات، فيما تجاوز عدد المتون التي خضعت للفحص الطبي في المهرجان 5600 استبعد منها 311 متناً.
إدارة المهرجان تحرص على تقديم تجربة مختلفة لزوارها، فالخدمات عالية المستوى التي توفرها لم تقتصر على المشاركين بالمنافسات بل تعدتهم إلى استهداف العامة والزوار والسياح عبر توفير أنواع الفعاليات الثقافية والترفيهية وأفضل المطاعم وحتى الغرف الفندقية الفخمة وتأمين وسائل النقل، ما جذب أعداداً متزايدة من الزوار من المملكة العربية السعودية والخليج العربي وحتى من دول بعيدة تفصلها عن المملكة آلاف الكيلومترات.
ويعطي توافد المشاركين والزوار من بقاع العالم انطباعاً عن حجم التطوير الذي حدث في المهرجان في دوراته المتتالية منذ إنشاء نادي الإبل عام 2017 تحت إشراف ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، إذ أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله أمراً ملكياً بإنشاء نادٍ للإبل في ذلك العام “نظراً إلى ما تمثله الإبل من أهمية في تاريخنا، ولارتباطها بتراثنا وثقافتنا، ولأهمية رعاية الإبل والمهتمين بها من خلال رابطة تجمعهم”، كما أمر خادم الحرمين الشريفين بأن يكون ولي العهد مشرفاً عاماً على نادي الإبل، وجرى تشكيل مجلس إدارة النادي برئاسة الشيخ فهد بن فلاح بن حثلين.
وتركّز المملكة على العناية بقطاع الإبل وتنميته، وابتكار الفرص الاستثمارية المتعلقة بها وتطويرها، وترسيخ الاهتمام بالإبل بوصفها موروثاً أصيلاً، والتعاون في نشر هذه الثقافة ودعمها على مستوى العالم، ومواكبة رؤية المملكة العربية السعودية 2030 في تحقيق بعض مستهدفاتها المهمة في هذا الشأن.
ويهتم نادي الإبل منذ تأسيسه بإطلاق فعاليات لتثقيف المجتمع بأهمية الإبل في تاريخ المملكة العربية السعودية، وما قام به للعناية بهذا القطاع ودعم الصناعات المتعلقة به بوصفها مصدراً اقتصاديّاً للمملكة والتعريف بفوائد الإبل الاقتصادية ومنافعها التنموية. كما يركّز “نادي الإبل” برئاسة الشيخ فهد بن فلاح بن حثلين، على مساعدة رواد الأعمال في إيجاد فرصٍ اقتصادية وثقافيةٍ وتعليميةٍ وسياحية وغيرها في هذا القطاع المتنامي، وتوفير المعلومات والخدمات والحوافز التي تدفعهم لاقتناص تلك الفرص واستثمارها بأفضل صورةٍ ممكنة.
ويعزّز المهرجان الفرص الاقتصادية في جميع مناطق المملكة من خلال انتعاش أسواق الإبل، كما أن مزاد ندر الصفر تجاوز حاجز الصفقات فيه مبلغ 26 مليون ريال، فيما يعد شارع الدهناء التجاري في الصياهد عامل جذب اقتصادي وثقافي وداعم للمستفيدين وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وتتنوع الفرص الاقتصادية التي يمكن استثمارها في قطاع الإبل، ومنها المنتجعات الصحراوية، والأغذية، والرعاية الصحية البيطرية، وأدوات تزيين الإبل ومستلزماتها، والنقل، وتقنية المعلومات، وفعاليات الإبل، والتسويق.
ويتواصل تطوير فعاليات مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل عاماً بعد آخر، إذ عمل نادي الإبل على رصد رغبات المشاركين والزوار والاستفادة من الخبرات في تطوير الأنشطة وعمل اللجان، وتتميّز النسخة الحالية من المهرجان باستحداث مجموعة من المستجدات كتعديل عدد المتون المشاركة في فئات سيف الملك وشلفا ولي العهد، واستحداث شوط جديد باسم شوط البداوة، وإطلاق الخدمات المشتركة لملاك الإبل؛ بهدف جمع اللجان في مكان واحد، إضافةً إلى اعتماد آلية جديدة لاحتساب نقاط الهجيج؛ بهدف رفع التنافسية بين الملاك، وزيادة الحراك الاقتصادي في أسواق الإبل، فضلًا عن مناقشة عدد من النقاط التطويرية والتحسينية للفئات بمختلف ألوانها خلال مسابقات المهرجان.