اختارت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “الألكسو” “الدرعية” عاصمة للثقافة العربية للعام 2030م، انطلاقًا من عراقتها التاريخية ومركزها الحضاري ودورها في العلم والثقافة والتجارة، منذُ أكثر من خمسة قرون، ليعكس ما تشهده المملكة من نهضة سياسية واقتصادية وفكرية واجتماعية منذُ 300 عام، وذلك تأكيدًا لاهتمام المملكة لحضارة وعراقة مدنها ومحافظاتها.
جاء ذلك بعد مصادقة وزراء الثقافة العرب في اجتماعهم السنوي تحت مظلة منظمة “الألكسو”، لتُصبح هذه المرة الثانية التي يتم فيها اختيار مدينة سعودية عاصمة عربية للثقافة، بعد اختيار العاصمة الرياض في عام 2000م؛ في تعزيز لمكانة مدينتين لهما الأثر البالغ ثقافيًا ومعرفيًا.
وتُعد الدرعية لؤلؤة المملكة والوجهة السياحية الرئيسة القادمة، وإحدى المشاريع المميزة التي يجري تطويرها باستمرار لتعزيز مكانتها على خارطة السياحية في المملكة، وتتميز برمزية خالدة على صعيد الثقافة على المستويين المحلي والإقليمي، بما تمتلكه من تاريخ مشهود ذا إرث حضاري لا يزال حتى اليوم.
ويعكس ذلك التطورات التي شهدتها المحافظة خلال الأعوام الماضية بتوجيهات ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله- وبمتابعة شخصية من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس إدارة هيئة تطوير بوابة الدرعية، واهتمام سموه بالتراث عمومًا والدرعية خصوصًا بالدعم غير المحدود، الذي أسهم في اختيار الدرعية عاصمة للثقافة العربية.
وتُشكل الدرعية اليوم بصمة خاصة في الثقافة السعودية، فتُعد أحياؤها التراثية، وعمارتها الأثرية، ومتاحفها، مركزًا عربيًا حضاريًا يجمع عراقة التاريخ والتقدم التقني، فضلًا عن كونها وجهةً سياحيةً، ومركزًا لإقامة المناسبات الثقافية والرياضية حيث تظافر في العمل على تطويرها عدة جهات حكومية، على رأسها وزارة الثقافة بقيادة صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة رئيس اللجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة، وهيئة تطوير بوابة الدرعية.
ويستهدف مشروع بوابة الدرعية لجذب 25 مليون زائر سنويًا، الذي يُعد أهم مخرجات ومنجزات رؤية المملكة 2030م، وأحد المشروعات الوطنية التي وُلدت من رحم الأهداف والتطلعات الطموحة للرؤية، ونمت وتطورت في إطار السعي الحثيث لتحقيق برامجها، لتُصبح “بوابة الدرعية” أكبر مشروع تراثي وثقافي في العالم؛ وهو المشروع الذي رعى حفل تدّشينه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله- في نوفمبر 2019م، ويقود مُنجزاته المتنامية سمو ولي العهد، لتكون الدرعية التاريخية واحدة من أهم الوجهات السياحية والثقافية وأماكن التجمع الإنساني في المنطقة والعالم.
ويسعى المشروع لإنشاء عدد من المتاحف المتميزة، والفنادق العالمية ذات الطراز التاريخي، ليعيش الزائر تجربةً فريدةً من خلال عراقة المدن القديمة، وفقًا لأفضل المعايير العالمية العصرية المتميزة، بالإضافة إلى أسواق تجارية على الطراز القديم، حيث تنتشر الأسواق المفتوحة على ضفتي وادي حنيفة، ليعيد تجسيد أدواره الموسمية العريقة.
كما يتضمن سوق اليمامة الذي ينشط بتجارة منتجات عضوية طبيعية طازجة، باسمه المستوحى من منطقة اليمامة التي كانت تعرف “بالخضراء” لخصوبة أراضيها ووفرة مياهها، والعديد من المراكز التعليمية، والأكاديميات الثقافية والتراثية المتميزة، ومؤسسات التعليم المهني، والتي سيتم من خلالها عقد برامج وورش عمل لتعليم الزائرين والسائحين جملة من المهن التاريخية والتراثية العريقة التي تعتز بها البلاد.
ويقع في قلب المشروع “قصر طريف التاريخي” الذي صنفته اليونيسكو موقعًا للتراث العالمي، وهو حي مبني من الطوب الطيني، وكان الموطن الأول للعائلة الحاكمة آل سعود في الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى، ويستمر إعادة تطوير هذا الموقع التاريخي للحفاظ عليه وترميمه من أجل الأجيال القادمة.