أسفر هجوم صاروخي في شمال العراق عن مقتل متعاقد أميركي وإصابة العديد من العسكريين الجمعة، هم أول الضحايا الأميركيين لسلسلة هجمات مماثلة وقعت مؤخراً، حسب ما أعلن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش.
وبينما لم يحمّل التحالف أي جهة مسؤولية الهجوم، إلا أنه ينذر باحتمال ارتفاع منسوب التوتر بشكل إضافي بين واشنطن وطهران، التي تدعم مجموعات شيعية مسلحة موالية لها في العراق وسبق أن اتهمتها الولايات المتحدة بالوقوف وراء هجمات استهدفت مصالحها هناك.
وقال التحالف في بيان: “قُتل متعاقد مدني أميركي وأصيب العديد من العسكريين الأميركيين وعناصر الخدمة العراقيين في هجوم صاروخي على قاعدة عسكرية عراقية في كركوك” تضم قوات للتحالف.
وتنشط قوات الأمن الحكومية وعناصر شيعية مسلحة إضافة إلى خلايا نائمة تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في محافظة كركوك، التي تطالب بها كل من الأقلية الكردية في العراق والأكثرية العربية.
وأفاد التحالف أن “قوات الأمن العراقية تقود عمليات الاستجابة والتحقيق” في الهجوم الذي وقع الساعة 19,20 “22,00 توقيت غرينتش”.
وقال مسؤول أميركي مطلع على التحقيق لوكالة فرانس برس مشترطا عدم كشف اسمه إن 30 صاروخًا على الأقل أصابوا القاعدة بما في ذلك مستودع ذخيرة، ما تسبّب بمزيد من الانفجارات، بينما عُثر على أربعة صواريخ أخرى في أنابيبها داخل شاحنة في النقطة التي تم منها إطلاق الصواريخ.
ووصف المسؤول الهجوم بالأكبر بين سلسلة ضربات صاروخية طالت مصالح الولايات المتحدة في البلاد منذ نهاية أكتوبر أسفرت عن مقتل جندي عراقي وإصابة آخرين بجروح إضافة إلى التسبب بأضرار في محيط مقر السفارة الأميركية في بالمنطقة الخضراء في بغداد.
وأفاد مصدر أميركي أن خطر الفصائل الموالية لإيران في العراق على الجنود الأميركيين بات أكبر من التهديد الذي يشكّله تنظيم داعش، الذي نشرت واشنطن على إثره آلاف الجنود في البلاد لمساعدة بغداد على مواجهة التنظيم المتطرف بعدما سيطر على مناطق واسعة في 2014.
خطوات “استباقية”
وتعرضت قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار غرب البلاد في الثالث من ديسمبر إلى هجوم بخمسة صواريخ بعد أربعة أيام من زيارة نائب الرئيس الأميركي مايك بنس لقوات بلاده هناك.
وأصيبت قاعدة القيارة الجوية الواقعة في شمال العراق بأكثر من عشرة صواريخ نوفمبر، في هجوم كان بين الأكبر خلال الأشهر الماضية ضد منطقة تتواجد فيها قوات أميركية.
وأعربت مصادر أميركية دبلوماسية وعسكرية عدة عن تزايد امتعاضها من هذا النوع من الهجمات.
وتقول المصادر إن واشنطن تنتظر من شركائها العراقيين التحرّك “لفض النزاع” بين القوات الأميركية وقوات الحشد الشعبي التي تضم فصائل مسلحة شيعية بعضها موال لإيران، لمنع وقوع مواجهات.
لكن المهمة معقّدة، إذ أُمرت قوات الحشد الشعبي بالانخراط بالقوات الأمنية الرسمية، لكن العديد من مقاتليها لا يزالون يتحركون بدرجة ما من الاستقلالية.
وصرّح وزير الدفاع الأميركي مارك اسبر في وقت سابق هذا الشهر أنه عبّر لرئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي عن “قلقه مما يبدو أنها هجمات على قواعد في العراق يمكن أن تنتشر فيها قوات أو معدات أميركية”.
وقال إسبر إن لدى الولايات المتحدة “الحق في الدفاع عن نفسها، لكننا نطلب من شركائنا العراقيين اتّخاذ إجراءات استباقية للسيطرة على الوضع الذي لا يناسب أي طرف”.
وطالب مكتب عبد المهدي حينها “ببذل مساعٍ جادة يشترك بها الجميع لمنع التصعيد الذي إنْ تطوّر سيهدد جميع الأطراف”.
واعتبر عبد المهدي أن “أي إضعاف للحكومة والدولة العراقية سيكون مشجعاً على التصعيد والفوضى”، منبها إلى أن “اتخاذ قرارات من جانب واحد سيكون له ردود فعل سلبية تصعب السيطرة عليها وتهدد أمن وسيادة واستقلال العراق”.
وأوضح مسؤول عراقي كبير طالبًا عدم كشف هويته أن عبد المهدي يخشى أن ترد الولايات المتحدة على تلك الهجمات “ما قد يؤدي إلى تصادم على أراض عراقية”.
وارتفع منسوب التوتر بين إيران والولايات المتحدة منذ انسحبت واشنطن بشكل أحادي العام الماضي من الاتفاق النووي المبرم مع طهران سنة 2015 وأعادت فرض عقوبات عليها.
وتخشى بغداد، المقرّبة من الطرفين، من أن تتحوّل إلى ساحة لتصفية الحسابات بين واشنطن وطهران.