بعد شهر من تسجيل فوز كاسح في انتخابات هونغ كونغ المحلية، يتابع الفائزون وغالبيتهم حديثو العهد بالسياسة، دورات مكثفة استعداداً لمواجهة السلطة الموالية لبكين انطلاقا من عملهم في الأحياء التي يمثلونها، وفي 24 نوفمبر وجه المرشحون المطالبون بالديموقراطية صفعة قوية إلى نظرائهم المدعومين من الصين.
وترجم الناخبون رغبتهم في التغيير عبر صناديق الاقتراع بعد ستة اشهر من انطلاق الاحتجاجات التي ازدادت عنفا بصورة تدريجية، في وجه حكومة كاري لام المنحازة لبكين.
وخلال هذه العملية الانتخابية، الوحيدة في هونغ كونغ التي تقترب من شروط الاقتراع المباشر، حصد هؤلاء المرشحون على الأغلبية في 17 مجلساً من أصل 18، برغم ذلك، فإنّ عددا من المنتخبين يقرّون علناً بأنّهم حديثو العهد بالسياسة التي تمثّل عالماً لم يقربوه البتة قبل أن تصرّ كاري لام وبكين لأشهر على موقفهما في ظل اتساع نطاق الحركة الاحتجاجية.
ويقول تشان تزه-واي “26 عاماً”، “كنت أعتقد نفسي خاسرا، بصراحة، لا أملك الخبرة الكافية”، غير أن موظف البقالة فاز بالمقعد الذي كان محسوبا على التحالف الديموقراطي، أبرز الأحزاب الموالية لبكين، في حي يو تسيم مونغ الذي شهد صدامات عنيفة بين المتظاهرين والشرطة، – “سأفعل ما بوسعي” – يقول ريتشاد تشان، 47 عاما.
وهو مدير شركة لتنظيم الجنازات فاز في انتخابات حي تايبو في شمال-شرق هونغ كونغ، “نتلمس طريقنا للمضي قدما”. وفي الآونة الأخيرة، تابع هذا الرجل دروسا مكثفة هدفها مساعدة المنتخبين الجدد الذي يتسلمون مهامهم في بداية يناير. وقد تعلم في هذه الدروس كيفية ترتيب ميزانية متوازنة وتنظيم اجتماعات عامة أو حتى كيفية توظيف مساعدين.
ويقع على عاتق المجالس المحلية بشكل خاص تنظيم جداول حافلات النقل. وجمع النفايات وتنظيم الأنشطة الثقافية.
ويرغب الفائزون بالاستفادة قدر الإمكان من مناصبهم، إذ يرغب تشان تزه-واي ملاحقة الشرطة والسلطات المحلية في وقائع تعود إلى 31 أغسطس.
وفي تلك الليلة، جرى تصوير عناصر الشرطة وهم ينهالون بالضرب على متظاهرين في مترو الأمير إدوارد الواقع ضمن الحي الشعبي مونغ كوك.
ويعرب تزه-واي عن “الأمل في إمكانية فتح تحقيق على المستوى المحلي”، مشيرا في الوقت نفسه إلى إدراكه بأن “صلاحيات عضو المجلس المحلي محدودة جدا”، ولكنه يقول: “سأفعل ما بوسعي”.
ويعمل ريتشارد تشان حاليا على تشكيل فريق مهمته دراسة مشروع سكني ضخم يديره واحد من أبرز المستثمرين في هذه المدينة الضخمة.
وتعاني هونغ كونغ من أزمة على صعيد السكن وتعدّ الأسعار فيها باهظة، ما يثير غضب السكان الذين ينددون بالصلات الوثيقة بين السلطة الموالية لبكين وأقطاب العقارات، – وضع حد ل”المحسوبية” – يقول تشان أن “أكثر ما يحتاج إلى التغيير، هي المحسوبية”.
وتبرز من بين الفائزين أيضاً جوسلين تشو التي كانت تعمل في مصرف وقد اشتهرت حين بثت مباشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي عملية توقيفها، وفي عمر 33 عاماً، فازت بمقعد في حي نورث بوينت الموالي تاريخيا للصين، وترغب تشو بالتركيز على الخدمات الموجهة إلى الشباب، وهي ترى أن هذه الفئة من السكان غالبا ما تجاهلتها الأحزاب الموالية لبكين.
وشكل الشباب الجزء الأكبر من المشاركين في التظاهرات التي بدأت في يونيو، وتقول تشو “سأواصل الاهتمام بحاجات كبار السن ولكن ذلك سيتم بالتوازي مع السعي لمنح إمكانات اكبر للاستجابة لحاجات الشباب والعائلات”.
ولا يختار سكان هونغ كونغ مباشرة رئيس السلطة التنفيذية، أعلى منصب في شبه الجزيرة، وتعدّ المطالبة باقتراع عام مباشر في صلب مطالبات المتظاهرين، فيما لا تصغي بكين والحكومة المحلية إليها.
وعقب انتخابات نوفمبر، بات في جعبة الفريق المطالب بالديموقراطية 117 صوتاً ضمن الهيئة الناخبة المؤلفة من 1,200 شخص، ويقع عليها اختيار رئيس السلطة التنفيذية.
ولا يمكن لهذا العدد أن يقلب المعطيات ولكن من شأنه التأثير على اختيار الرئيس المقبل في 2022.
وكانت كاري لام قد اختيرت لشغل منصبها منتصف 2017 بعدما حصلت على 777 صوتاً داخل الهيئة الناخبة.