إعداد : حسن آل عامر ، تصوير : سعيد الشهراني
عرفت منطقة عسير منذ القدم بمظاهر خاصة لا تجدها إلا في الشهر الكريم على الرغم من تشابه مظاهر الاحتفال بشهر رمضان المبارك في معظم مناطق المملكة في الوقت الحاضر، وتمايز وخصوصيات معينة لكل منطقة تمتد جذورها إلى عشرات السنين وربما المئات، ومنها احتفالات وأهازيج الأطفال واجتماعات كبار السن، إضافة إلى المأكولات الشعبية والموائد الرمضانية بمحافظات ومراكز المنطقة.
ويبدأ أهالي منطقة عسير بإطلاق أعيرة نارية كثيفة من البنادق في أحد رؤوس الجبال الشاهقة، في قديم الزمان ابتهاجاً بدخول رمضان، أو إشعال النيران في الهضاب المرتفعة، حيث كانت هذه العادة تستخدم أيضاً لإبلاغ الناس بدخول العيد أو اقتراب موعد السحور أو ظهور مناسبة سعيدة.
ورصد الباحث في الآثار محمد حسن غريب في كتابه” بلدة رجال الأثرية ” الصادر عن نادي أبها الأدبي بعضاً من تلك المظاهر التي كانت سائدة قبل عدة عقود، والمتمثلة في ارتقاء الأطفال سطوح المنازل، وحولهم آنية من الفخار تسمى “مُوريات” أو “مخاصِر” تحوي فطورهم، وبأيديهم مراوح صغيرة دائرية مصنوعة من خوص الدوم، حتى إذا ارتفع صوت المؤذن لصلاة المغرب من جامع البلدة أمسكوا بمراوحهم يحركونها جيئة وذهاباً، مرددين معها عبارات : حَد حَد ، افطر يا صايم، حَد حَد، افطر يا صايم ..” ، ومن المظاهر الحسنة ذهاب الأطفال قبل صلاة المغرب إلى جامع البلدة مثقلين بما يحملونه في آنيتهم المرسلة من المنازل من صنوف المأكل والمشارب لإفطار الصائمين وأبناء السبيل.
وأشار إلى أنه من العادات الرمضانية في شهر رمضان بمنطقة عسير، اجتماع الأهل والأصحاب، في المساجد قديماً بمختلف أعمارهم لأداء صلاة العشاء والتراويح، وقد ارتدوا أجمل ملابسهم التي يضوع منها العطر، ويتوهج منها العبير، فإذا قضوا صلاتهم وخرجوا وجدتهم مرة في الوادي، وحول بسطات المتاجر محتبين بألحفتهم الملونة، يستعرضون كل ماله علاقة بأوضاعهم الاجتماعية وتجارتهم، حيث يستمرون على هذا المنوال إلى نحو الساعة الحادية عشرة مساءً.
كما حافظ أهالي منطقة عسير على معظم العادات والتقاليد المعروفة في شهر رمضان وخاصة ما يتعلق بالأكلات الشعبية التقليدية التي يأتي خبز “الخمير” في مقدمتها وهو مصنوع من الذرة الرفيعة التي تتكون من عدة أنواع من أشهرها “الزعر” و”البيضاء” و”البجيدة” وهي الأنواع الثلاثة التي يصنع منها خبز “الخمير” المصنوع في التنور” الميفا”، وهو الخبز الأشهر في منطقة عسير منذ مئات السنين، ويتميز بلونه المائل للأحمر ومذاقه اللذيذ خاصة في حال تناوله مع لحم “الحنيذ” والسمن البلدي ، إضافة إلى “الشوربة و”العريكة” واللقيمات” والسمن ، واللبن بجانب أنواع الفاكهة المحلية وأنواع المشروبات مثل: القشر والسنوت والحبق والنعناع.
كما تشتهر المنطقة بوجبة “الحنيذ” سواء في شهر رمضان أو غيره ، وهو نوع من اللحوم التي تدفن تحت الأرض، حيث يتم إشعال حطب داخل التنور أو في حفرة في الأرض وعند تحوله إلى جمر يوضع المرخ على الجمر أو السلع أو البشام ثم يوضع اللحم فوقه ويغطى أيضًا بأحد هذه النباتات ومن ثم إغلاق البرميل بإحكام لمنع دخول الهواء فينضج الطعام عن طريق الحرارة العالية إلى جانب الأكلات الأخرى التي تقدم في فترة السحور ومنها : ” الكبسة” و” الرضيفة” و” المشغوثة”.