دعت منظمة الصحة العالمية في الذكرى المئة لاكتشاف الأنسولين إلى بيع العلاج الذي تنتجه بشكل أساسي ثلاث شركات دوائية بأسعار معقولة في مواجهة العبء المتزايد لمرض السكري في العالم.
وأطلقت منظمة الصحة العالمية في هذه الذكرى ميثاقاً عالمياً ضد داء السكري يهدف إلى الحد من مخاطر الإصابة به وتمكين جميع الأشخاص الذين يعانونه من الحصول على العلاج والرعاية بأسعار معقولة.
ولاحظ المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس في بيان أن “ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة في شأن السكري أصبحت أكثر وضوحا من أي وقت مضى” وأشار إلى أن “عدد المصابين بالسكري زاد أربعة أضعاف خلال الأعوام الأربعين الأخيرة”، مشيرا إلى أنه “المرض الرئيسي الوحيد غير المعدي الذي يتزايد فيه خطر الوفاة المبكرة بدلا من انخفاضه”.
ورأى غيبرييسوس أن من الأهمية بمكان معالجة هذه الأزمة في خضم جائحة كورونا لأن نسبة عالية من المرضى الذين يدخلون المستشفى بسبب أعراض حادة لفيروس كورونا هم ممن يعانون السكري.
وارتفع عدد الوفيات المرتبطة بالمرض بنسبة 70% منذ العام 2000 ووصل إلى نحو مليون ونصف مليون سنوياً ويعاني أكثر من 420 مليون شخص داء السكري، يعيش معظمهم في الدول النامية وتشكّل زيادة الوزن والسمنة عاملين يساهمان في الزيادة الحادة المسجلة في العقود الأخيرة.
ويعتبر السكري من الأمراض المزمنة ويحدث عندما لا ينتج البنكرياس ما يكفي من الأنسولين، وهو هرمون ينظم مستوى السكر في الدم، أو عندما لا يستخدم الجسم الأنسولين الذي ينتجه بشكل صحيح.
ورغم اكتشاف الأنسولين قبل مئة عام، يعاني الكثير من مرضى السكري من أجل الحصول على الأنسولين بسبب سعره، رغم وفرة الكميات المعروضة وتهيمن ثلاث شركات مصنعة بمفردها تقريباً على السوق العالمية هي “إيلاي ليلي” و”نوفو نورديسك” و”سانوفي”، وهي التي تحدد الأسعار التي تعتبرها منظمة الصحة العالمية باهظة بالنسبة للعديد من الأفراد والبلدان.
ومن هذا المنطلق، أطلقت منظمة الصحة العالمية العام 2019 برنامجًا للتأهيل المسبق لمنتجات شركات أخرى وأوضحت المنظمة أنها تُجري مناقشات مع مصنعي الأنسولين حول سبل تلبية الطلب المتزايد “بأسعار تستطيع الدول تحملها” ورأى المدير العام للمنظمة أن “مواجهة الأشخاص الذين يحتاجون إلى الأنسولين صعوبات مالية في شرائه يشكّل إخفاقاً للمجتمع الدولي”.
ويشكل سعر الأنسولين حاجزاً أمام العلاج في معظم البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، ولكن أيضاً في البلدان الغنية، وخصوصاً تلك التي تكون أنظمة الحماية الاجتماعية فيها ضعيفة.
ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، حيث التغطية الصحية العامة محدودة جداً، أنشأ مرضى السكري سوقاً سوداء مجانية للأنسولين ويلتقون في مواقف السيارات لتبادل الأدوية التي تكون أسعارها باهظة في الصيدليات.
وفي شمال البلاد، يذهب مرضى آخرون إلى حد الحصول على الإمدادات من الصيدليات الكندية، إذ تحدد كندا سقفاً لأسعار الأنسولين ومع ذلك، فإن الأنسولين مدرَج في قائمة منظمة الصحة العالمية للأدوية الأساسية منذ نشرها العام 1977.
ولاحظت منظمة أطباء بلا حدود في بيان أن “نصف الأشخاص فقط الذين يحتاجون إلى هذا الدواء الأساسي على الصعيد العالمي يمكنهم الوصول إليه اليوم بسبب متطلبات التخزين الصعبة وبروتوكولات العلاج المعقدة والأسعار المرتفعة”.