ضمن خطط التطوير الصناعي قامت المملكة بإقرار إنشاء مدينة للصناعات التعدينية بمنطقة رأس الخير. ونظراً لنجاح الهيئة الملكية للجبيل وينبع بإنشاء وتطوير وإدارة مدينتي الجبيل وينبع والنتائج التي تحققت لتصبح الجبيل الصناعية أكبر مدينة صناعية بتروكيماوية في العالم، أسندت مهمة تطوير وإدارة مدينة رأس الخير الصناعية إلى الهيئة الملكية للجبيل وينبع في عام 2009م بموجب المرسوم الملكي رقم 355 وتاريخ 19 أكتوبر.
وبناءً على آلية عمل الهيئة الملكية للجبيل وينبع تم وضع خطة عامة لتطوير المدينة وأيضاً خطط استراتيجية لرسم الأهداف والتوسع المستقبلي مع شركائهم الاستراتيجيين وزارة البترول والثروة المعدنية في حينه وشركة معادن.
ونظراً لوقوع مدينة رأس الخير الصناعية بالقرب من مدينة الجبيل الصناعية (80 كم شمال الجبيل) تم الأخذ بعين الاعتبار التكامل الصناعي والاستراتيجي بين المدينتين.
وبناءً على هذه الخطط فقد تم وضع البرنامج الصناعي الذي شمل خمسة قطاعات رئيسية هي: صناعة الفوسفات وصناعة الألمنيوم وصناعة النحاس والزنك وصناعة الحديد وأيضاً الصناعات التعدينية الأخرى، على سبيل المثال صناعة الزجاج والبولي سيليكون، كما تم وضع الخطة العامة للتوسع في الصناعات التحويلية للقطاعات السابقة الذكر، وشملت المرحلة الأولى من تطوير مدينة رأس الخير الصناعية والتي تبلغ مساحتها (120 كم2) قيام مجمعي صناعة الفوسفات والذي وضع المملكة على خريطة العالم كلاعب رئيسي للأمن الغذائي باعتباره ثاني أكبر مورد للأسمدة الفوسفاتية للدول الزراعية، وأيضاً مجمع الألمنيوم الذي سيكون اللبنة الأساسية للعديد من الصناعات التحويلية ومنها صناعة المحركات وقطع السيارات.
وكغيرها من المدن الصناعية الكبرى تم إنشاء ميناء رأس الخير الصناعي وجُهز ببنية تحتية وأعماق بحرية تتناسب والصناعات التعدينية، كما تم إنشاء محطة تحلية رأس الخير لإمداد المدينة بما تحتاجه من الكهرباء والماء.
وقد قامت الهيئة الملكية للجبيل وينبع في عام 2016م بتوقيع مذكرة تفاهم مع شركة أرامكو السعودية وتحديث الخطة العامة لمدينة رأس الخير الصناعية لتشمل مجمع صناعي للصناعات والخدمات البحرية والذي أطلق عليه مسمى مجمع الملك سلمان العالمي للخدمات الصناعية البحرية، وسيضم المجمع منطقة لصناعة السفن العملاقة تتكون من حوضين جافين ومبانٍ صناعية لصناعة محركات السفن بالشراكة مع شركة هيونداي بالإضافة إلى منطقة أخرى لتصنيع المنصات البحرية والحفارات، وكذلك منطقة إصلاح للسفن وصيانتها، وهنالك الجزء الخاص بسفن الإمداد البحري الذي يحتوي على عدد من المراسي الجافة ورافعات السفن الخاصة بإصلاح وبناء سفن الإمداد البحري.
وسيتم العمل بموجب مذكرة التفاهم الموقعة بين الطرفين على تطوير مجمع الملك سلمان العالمي للخدمات الصناعية البحرية بواسطة شركة أرامكو السعودية وسيتم تطوير منطقة التجمعات البحرية (Offshore Cluster) بالكامل بواسطة الهيئة الملكية بالجبيل.
وتهدف المملكة من خلال التوسع في الصناعات التعدينية إلى تنويع مصادر الدخل واستغلال الثروات التعدينية بالمملكة والتي لم يستغل منها حتى الآن سوى (3 %) بحسب آخر إحصائية واستحداث الفرص الوظيفية والمقدرة بـ(91.000) وظيفة عند إكتمال تطوير كامل المنطقة الصناعية برأس الخير والتي ستكون على مساحة (179 كم2) تقريباً.
ومن الجدير بالذكر أن مدينة رأس الخير الصناعية ستكون النواة لدخول المملكة بخريطة الصناعات التعدينية والصناعات المرتبطة بها ومن الفرص الاستثمارية المخطط لاستقطابها على سبيل المثال لا الحصر صناعة التغليف من الألمنيوم وصناعة الكابلات وقطع الأجهزة المنزلية المصنعة من النحاس والزنك والألمنيوم والعديد من الصناعات المرتبطة بمواد الطاقة مثل المضخات والصمامات والمبادلات الحرارية.
وتبلغ الاستثمارات اليوم بمدينة رأس الخير الصناعية الحكومية والخاصة ما يقارب 100 مليار ريال وبفضل البنية التحتية التي أنشئتها الهيئة الملكية من أراضٍ صناعية وطرق وخدمات كهربائية واتصال ومياه تصنيع ومياه التبريد وشبكات معالجة المياه بنوعيها الصناعي والصحي بالإضافة إلى ممرات الخدمات التي ستسهل على المستثمرين الحصول على احتياجاتهم من الغاز الطبيعي والغازات الصناعية وغيرها؛ ستكون مدينة رأس الخير الصناعية أحد أهم المواقع الجاذبة للصناعات التعدينية بالعالم.