وجدان الفهيد
في عالم يغمره الأسمنت، يعلو في دواخلنا حنين عميق إلى الأرض الأولى، إلى رقعة خضراء تتنفس الحياة، نسيم وديع يحلق بنا خارج صخب المدن الأسمنتية. هذا الشوق ليس ضربًا من الرومانسية العابرة، بل حاجة دفينة تسكن أعماقنا، همسة خافتة تستدعي إنسانيتنا من غفوتها.
الطبيعة ليست مجرد فسحة نلوذ إليها، بل هي امتداد حقيقي لروحنا، مرآة صافية نرى فيها أنفسنا على حقيقتها. ومن هنا وُلدت “بهجة”، مشروع وطني يحمل في اسمه وعدًا بالسعادة، وفي رؤيته طموحًا يتجاوز التجميل إلى الأنسنة.. حلم مشترك، يسعى إلى أن يحول مدننا إلى نبض أخضر، وأماكن تحتضن الروح.
منذ القدم كانت العلاقة بين الإنسان والطبيعة علاقة تعكس احتياجاته النفسية للسلام والراحة.. واليوم تأتي “بهجة” لتعيد إحياء هذا الترابط من خلال تصميم حدائق تُشعر الإنسان بالانتماء، وتحاكي احتياجاته العاطفية والعقلية.. فقد أثبتت الدراسات النفسية أن قضاء الوقت في الطبيعة يقلل من مستويات التوتر بنسبة تصل إلى 60%، ويعزز من الإبداع والشعور بالسعادة.
حين تتحدث عن “أنسنة المدن” فأنت تشير إلى إعادة تصميم المساحات الحضرية بطريقة تركز على الإنسان واحتياجاته الحقيقية بدلاً من الأولوية للبنية التحتية فقط. “بهجة” تعكس هذا المفهوم بامتياز، إذ قامت بتحويل الحدائق إلى منصات اجتماعية وثقافية، تعزز التفاعل الإنساني. أماكن نستطيع فيها أن نقرأ، نتأمل، نضحك ونشعر بالحياة.
وفقًا لدراسة أجريت في جامعة ستانفورد، فإن المشي في المساحات الخضراء يحسّن من نشاط الدماغ المرتبط بالتحليل الإيجابي، ويقلل من التفكير السلبي المتكرر، لذلك فإن مشاريع مثل “بهجة” ليست رفاهية، بل هي استثمار في الصحة النفسية والاجتماعية للمجتمع.
من يتابع مشاريع وزارة البلديات والإسكان يدرك تمامًا أنها تمتلك رؤية متفردة، تضع الإنسان في قلب التخطيط العمراني. من مشاريع تطوير الأحياء السكنية إلى “بهجة” نجد إصرارًا على تعزيز جودة الحياة، واستعادة الروح المجتمعية التي قد تندثر في ظل صخب الحياة المعاصرة.
“بهجة” فلسفة تهدف إلى بناء مدن تنبض بالحياة، يعيش فيها الإنسان بتوازن بين العمل والاستمتاع بالطبيعة. هذا المشروع يسعى لخلق بيئة تشعرنا بأننا جزء من منظومة طبيعية متناغمة، ويعيد إلينا قيمنا التي تجعلنا أكثر إنسانية ورحمة تجاه أنفسنا والآخرين.
ومع نجاح “بهجة” نحن أمام تجربة فريدة يجب أن تحتذى، تلهمنا بأن المدن ليست فقط أماكن نعيش فيها، بل فضاءات تشعرنا بالجمال.
لنكن جميعًا جزءًا من هذه الرحلة، ونساهم في جعل مدننا أكثر بهجة وأنسنة لأن “بهجة” زراعة للأمل، للألفة، ولإنسانية لا تموت.
“بهجة” فلسفة تعيد تعريف العلاقة بيننا وبين العالم من حولنا.