شهدت زيارة فخامة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمحافظة العلا اليوم، إطلاق مشروع “فيلا الحجر” أحدث مشروعات الشراكة الإستراتيجية بين الهيئة الملكية لمحافظة العلا، والوكالة الفرنسية لتطوير العلا، وتعدّ أول مؤسسة ثقافية سعودية فرنسية تقام في المملكة، لتعزيز الدبلوماسية الثقافية على نطاق عالمي من خلال التعاون والإبداع المشترك، بما يسهم في تمكين المجتمعات ودعم الحوار الثقافي.
واستعرض الرئيس الفرنسي خلال جولة قام بها في “معرض الشراكة السعودية الفرنسية” في قاعة مرايا، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة، وصاحب السمو الأمير بدر بن فرحان بن عبدالله، وزير الثقافة، محافظ الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وصاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، ومعالي وزير التجارة الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي الوزير المرافق، وعدد من المسؤولين من الجانبين السعودي والفرنسي, مجالات الشراكة الإستراتيجية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية فرنسا التي انطلقت في العام 2018 لتطوير العلا بصفتها وجهة عالمية مع الالتزام بحماية تراثها الثقافي والتاريخي الغني.
وتجول الرئيس ماكرون في المعرض الذي يضم نماذج ولوحات مصورة من عدة مواقع في العلا، تجسد الشراكات والتعاون بين الجانبين في مجالات الثقافة، والفنون، والتنمية الزراعية المستدامة، والتدريب، والتبادل المعرفي، والرياضة، وصناعة الأفلام، والتعاون في مجالات السياحة والضيافة والنقل، وتبادل الخبرات والتدريب في مجالات حفظ المقتنيات الأثرية وإدارتها.
كما استعرضت الزيارة، العلاقة طويلة الأمد والمتطورة بين الهيئة الملكية لمحافظة العُلا وشركائها الفرنسيين، بالإضافة إلى الطموحات المشتركة التي تشمل التنمية البيئية والتراثية والثقافية والاجتماعية، مع التركيز على مواصلة الالتزام المتبادل بالتطوير المسؤول والمستدام للعُلا.
وتضمنت مجالات التعاون والشراكة بين الجانبين إطلاق برامج تمهيدية لفيلا الحجر خلال عامي 2023 و2024، بالتعاون مع شركاء فرنسيين مثل “Le Forum des Images” ودار الأوبرا الوطنية في باريس، إذ ركزت المرحلة الأولية من البرامج على الشباب ومجتمع العُلا شملت عروضًا سينمائية، وحفلات موسيقية رقمية، وورش عمل إبداعية، بالإضافة إلى برامج تبادل طلابي وأبحاث أكاديمية.
واطلع الرئيس الفرنسي على التقدم، والإنجازات والمعالم البارزة منذ بدء الاتفاق الحكومي في عام 2018م، من خلال معرض أقيم في قاعة مرايا، مستوحى من المناظر الطبيعية للعُلا.
ونوقشت الشراكة الأكاديمية بين الهيئة الملكية لمحافظة العُلا وجامعة “باريس 1 بانثيون سوربون”، والاكتشافات الأثرية، وتقدم العمل في بناء منتجع “شرعان” ومركز القمة الدولي، بتصميم من المعماري الفرنسي “جان نوفيل”.
وكان قد أُعلن رسميًا عن الشراكة الأكاديمية بين الهيئة الملكية لمحافظة العُلا وجامعة “باريس 1 بانثيون سوربون” العام الماضي، وتتمحور في مرحلتها الأولى على الكرسي الأكاديمي “جوسين وسافينياك” لتعزيز روابط مشتركة في التعليم والبحث وبناء القدرات بين العُلا وإحدى أهم المؤسسات التعليمية الرائدة في فرنسا وأوروبا، بالإضافة إلى توفير الفرص للشباب في العلا لدراسة موضوعات عديدة تشمل مجالات إدارة السياحة، التراث الثقافي، علم الآثار، تاريخ الفنون، والمتاحف.
وعُرضت أحدث الأبحاث عن الاكتشاف الأثري في واحة خيبر، أظهر مدينة تعود إلى العصر البرونزي تُعرف باسم “النطاة”، الذي يُعد دليلًا على وجود مجتمعات متحضرة مستقرة في شمال غرب شبه الجزيرة العربية خلال العصر البرونزي، مما يُغير المفاهيم السابقة حول طبيعة الحياة في تلك الفترة.
واطلع الرئيس الفرنسي على التحديثات الخاصة ببناء منتجع “شرعان” ومركز القمة الدولي، الذي سينحت بعناية داخل جبل من الحجر الرملي يعود تاريخه إلى 500 مليون عام، بتصميم من المعماري الفرنسي “جان نوفيل”، حيث يُجسد المشروع الابتكار في التصميم والهندسة المعمارية، ويستخدم أحدث التقنيات الفرنسية والسعودية مع مراعاة المعايير البيئية والثقافية للمنطقة.
وأكد صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة محافظ الهيئة الملكية لمحافظة العلا، في تصريح بهذه المناسبة، عمق التعاون الثقافي بين المملكة العربية السعودية وجمهورية فرنسا، مبينًا أن هذه الشراكة الإستراتيجية بين البلدين الصديقين في محافظة العلا تجسّد قدرة التعاون الثقافي الدولي بين الأصدقاء على فتح مساحات أرحب للإبداع الثقافي باعتبار الثقافة مساهمة في تعزيز التنمية المستدامة.
وأشار إلى أن ما تحقق في العلا على إثر الشراكة السعودية الفرنسية، تفتح الباب لإنجازات أكبر، بقيادة وتوجيه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة الهيئة الملكية لمحافظة العلا، مشيرًا إلى أن مشروع مؤسسة “فيلا الحِجر” “من شأنه تحويل العلا إلى منصة عالمية للإبداع والحوار الثقافي، بما يعزز الحفاظ على التراث الإنساني، ويفتح للعالم منافذ جديدة للإبداع الثقافي.
من جانبها أكدت الرئيس التنفيذي المكلف للهيئة الملكية للعُلا عبير العقل أهمية العلاقة التي تربط الهيئة الملكية لمحافظة العلا مع الوكالة الفرنسية لتطوير العُلا، التي تمثّل حجر الزاوية في تجديد العُلا، وتحويلها إلى أكبر متحف حي في العالم.
وأفادت بأن زيارة فخامة رئيس الجمهورية الفرنسية, للعلا تجسّد فرصة لعرض منجزات بُنِيَت على إرث من التعاون المتبادل، والالتزام بطموح مشترك، وابتكار مستقبل مستدام من النجاح.
من جانبه، أفاد رئيس الوكالة الفرنسية لتطوير العُلا جين إيف لوريان بأن الزيارة الرسمية للرئيس إيمانويل ماكرون إلى العلا تشكّل خطوة مهمة في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين فرنسا والمملكة, وتأتي بالتزامن مع توقيع اتفاقيات جديدة في المجال الثقافي في الرياض، مما يوفر فرصة للاحتفاء بالإنجازات السابقة وإطلاق المرحلة الثانية من هذه الشراكة الثنائية المميزة وقد أُسّست الوكالة الفرنسية لتطوير العلا في العام 2018 لتحقيق أهداف طموحة تدعم هذه الجهود.
المرحلة الثانية من الشراكة بين الهيئة والوكالة الفرنسية لتطوير العلا سوف تتميز بزيادة كبيرة وتنوعًا في العروض الفنية والثقافية في محافظة العلا، مع التركيز على السياحة المستدامة والمسؤولة، وتحقيق إنجازات واسعة النطاق في جميع المجالات دعمًا لرؤية المملكة 2030.
وتأتي اتفاقيات وشركات التعاون بين الهيئة الملكية لمحافظة العُلا وفرنسا ضمن الجهود الرامية إلى تعزيز مكانة العلا بصفتها أيقونة ثقافية عالمية وتحقيق رؤية متكاملة تعزز التفاهم الثقافي، وإيجاد فرص جديدة للإبداع والابتكار، مما يجعل العُلا نموذجًا ملهمًا للتنمية الثقافية والاقتصادية المستدامة.
رافق فخامة الرئيس الفرنسي خلال زيارته للعلا وفد ضمّ وزراء ومسؤولين من بينهم وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، ووزير القوات المسلحة سيباستيان ليكورنو، ووزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي، ورئيس الوكالة الفرنسية لتطوير العُلا جين إيف لودريان, وتضمنت الزيارة جولة في أول موقع للتراث العالمي لليونسكو في المملكة العربية السعودية، الحجر، ومعالم ثقافية أخرى.