ألقى فضيلة الشيخ عبدالبارئ الثبيتي خطبة الجمعة اليوم بالمسجد النبوي الشريف، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوى الله تعالى، تقوى من يرجو دار النعيم.
وبيّن فضيلته أن الحياة وتقلباتها وتحدياتها يجد الإنسان خلالها حاجته إلى الشعور بما يبدد القلق، ويمنحه الطمأنينة، ويبعد عنه الخوف والشك.. وأن حسن الظن بالله يمضي بمسيرة حياة الإنسان بثقة اطمئنان، وإذا أيقن الإنسان بأن الله يعده لمستقبل مشرق عاش بالأمل برحمة الله، فتحركه قوة الإيمان إلى السعي والإبداع.
وقال: “إن من سنة الحياة الابتلاء الذي يأتي فجأة ليختبر الصبر، ويزيد اليقين بحسن الظن بالله في تحول المحنة إلى منحة، فالتوكل على الله غذاء حسن الظن بالله، ومصدر للقوة المعنوية التي تحمي من اليأس في مواجهة الهموم، وأن من توكل على الله بصدق تشرب قلبه الثقة بأن الله لن يخذله، ويرى في الفتن طريقًا للنجاح وسلمًا للارتقاء وصقلاً للذات.
وأشار إمام وخطيب المسجد النبوي إلى قصة مريم وهي في أشد لحظات الضيق حين لجأت وقت المخاض إلى جذع النخلة، وكان حسن ظنها بالله راسخًا، قال تعالى: {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا}.
وتابع الثبيتي بأن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم يتجلى حسن الظن بالله، ففي الهجرة مع أبي بكر وقد حاصرهم الخطر قال أبو بكر للنَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّمَ-: “لو أنَّ أحَدَهم نَظَر تحْتَ قدَمَيْه لَأبْصَرَنا”، فقال له -صلَّى الله عليه وسلَّمَ-: “ما ظنُّكَ يا أبا بَكرٍ باثْنَينِ الله ثالثُهما”.
وأوضح أن جل الإيمان العميق وحسن الظن بالله هما السر الكامن في ثبات الأمة في أقسى الأزمات، مبينًا أن الأمة مرت على مر العصور بأزمات خرجت منها أكثر قوة.
وبيّن فضيلته أن حسن الظن بالله لا يعني التواكل والكسل وترك العمل، بل هو محفز على الجد والاجتهاد، وأن من مقتضيات حسن الظن بالله بذل الجهد وخدمة الدين والأمة وبناء الوطن.. ففي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا تَقوم حتى يَغرِسَها، فليَغرِسْها”. وقال جل من قائل: {وَمَن يَتَّقِ اللَّه يَجْعَل لَّه مَخْرَجًا وَيَرْزُقْه مِنْ حيث لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه فَهُو حَسْبُه إِنَّ اللَّه بَالِغُ أَمْرِه قَدْ جَعَلَ اللَّه لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}.