توافدت عشرات العائلات من الجالية العربية في ديربورن، الواقعة على بعد 10 كيلومترات من مدينة ديترويت الصناعية بولاية ميشيغان إلى مطعم “لاكنتين” لمتابعة مجريات السهرة الانتخابية التي كانت طويلة، والاستماع إلى النقاشات التي نظمتها جميعة عربية محلية بمناسبة هذا الاقتراع الرئاسي. وعلّق مالك المطعم، وهو لبناني الأصل، أربع شاشات كبيرة على أحد جدران المطعم لكي يتمكن الحاضرون من متابعة نتائج الانتخابات لحظة بلحظة وسط حضور إعلامي غير معتاد. وجاء ذلك بعد يوم انتخابي طويل، لكنه لم يشهد أي أعمال عنف تُذكر مقارنة بانتخابات 2020 عندما حاول أنصار دونالد ترامب اقتحام أحد أكبر مركز فرز الأصوات بديترويت للمطالبة بإعادة فرزها.
ومع الإعلان التدريجي لنتائج الانتخابات التي كانت في غالبيتها لصالح ترامب، بدأت الفرحة تظهر قليلا على وجوه بعض الحاضرين وصوت الأغاني الغربية والشرقية يعلو داخل وخارج المطعم.
“إنها ليلة جميلة بالنسبة لعرب ديربورن”، تقول لانا القادري التي كشفت بأنها “صوتت للمرشح الجمهوري دونالد ترامب”. وقالت لفرانس24: “صوتت لترامب لأن هاريس لا تمثلني وهي تقتل حاليا فلسطينيين ولبنانيين. منذ سنة ونحن نحاول إقناعها بوقف الحرب وعدم إرسال المليارات والأسلحة لإسرائيل، لكنها لم ترد علينا ولم تستمع إلينا”.
وتابعت هذه المرأة، التي تعمل كمديرة في مدرسة عمومية بولاية ميشيغان، ,وفقا لموقع فرنسا 24، “هي (تقصد هاريس) لا تمثلني ولا أريد أن تصبح أول رئيسة لأمريكا. لهذا السبب نحن عرب ميشيغان قررنا عدم التصويت لصالح الحزب الديمقراطي”.
وانقسمت الجالية العربية في ميشيغان بين داعم لهاريس ومناهض لها بسبب موقفها من الوضع في الشرق الأوسط بشكل عام. فيما تجدر الإشارة إلى أن هذه الولاية أهدت الفوز لترامب في 2016 ثم اختارت جو بايدن في 2020.
وأضافت لانا “غالبية عرب ديربورن صوتوا إما لترامب وإما لجيل شتاين (مرشحة حزب الخضر) لأننا نريد أن تتجاوز على الأقل عتبة 6 بالمائة من النتائج وهذا يمنحها الحق في الحصول على مساعدات مالية من الحكومة الأمريكية”.
وعن السؤال حول قدرة ترامب على إنهاء الحرب في الشرق الأوسط، أجابت: “بمجرد أن يصبح رئيسا، سيوقف الحرب. وإذا عدت إلى تاريخ أمريكا، فستجد أن الجمهوريين لا يخلقون الحرب ولا يصرفون المال من أجل تمويل حروب خارجية. الجمهوريون لا يريدون الحرب ونحن كذلك”. وأنهت “همّ الحزب الجمهوري هو تحسين وضع البلد وليس السياسة الخارجية”.
من جانبه، قال سام بيدون، وهو مفوض في مقاطعة وين بولاية ميشيغان وممثل عن مدينة ديربورن في الحزب الديمقراطي “هذه الانتخابات كانت صعبة جدا بالنسبة لنا، خاصة كرجل سياسي مثلي ينتمي إلى الحزب الديمقراطي”. وواصل “احتراما لجميع الشهداء والذين قتلوا بلبنان وبغزة، لقد اتخذت موقفا حياديا بمعنى أنني لم أصوت لا لصالح للديمقراطيين ولا للجمهوريين”.
وعندما سألناه هل ستندم على خيارك في حال خسرت هاريس، أجاب “ضميري مرتاح.. أتمنى أن يوفي دونالد ترامب بالوعود التي قطعها هنا بمدينة ديربورن. نتمنى أن يكون كلامه صحيحا وتكون أفعاله مثل أقواله”.
أما زينب شامي (40 عاما)، فقد صوتت لصالح مرشحة الخضر جيل ستاين وبالتالي لا تنتظر الكثير منها لأنها لن تفوز. “لكن هذا التصويت هو بمثابة إنذار أردت إرساله إلى الحزب الديمقراطي وإلى إدارة بايدن للقول لها كفى إبادة. نحن نرى يوميا أفراد عائلاتنا يُقتلون في الشرق الأوسط وفي غزة لكن الحزب الديمقراطي لم يتحرك ساكنا”.
وواصلت هذه المدرسة “أختي فقدت كل شيء جراء القصف الإسرائيلي. وهي تعيش حاليا كنازحة رفقة زوجها وأولادها”، مقرة في نفس الوقت بأن “ترامب لن يحل المشكلة بل سيعقدها”. وبخصوص كامالا هاريس، أكدت زينب شامي بأنها تريد خسارتها، “فلا يمكن أن نقدم هدية لشخص تعمد في قتل أطفالا صغارا في غزة ولبنان”.
وأنهت بالقول إن “الولايات المتحدة تتصرف كإمبراطورية لكن ككل الإمبراطوريات سيأتي وقتها لتندثر”، متمنية أن تتطور الساحة السياسة الأمريكية “ويأتي حزب ثالث يُنهي هيمنة الحزبين الديمقراطي والجمهوري”.
ففي حال خسرت كامالا هاريس بولاية ميشيغان، سيكون بفضل الجالية العربية الأمريكية التي قررت “معاقبتها” بسبب موقفها من الحرب الدائرة في غزة ولبنان.