تتسارع وتيرة الحياة البشرية مع تسارع مسار الثورة الاتصالية وتأثيراتها في المجالات الحياتية المختلفة، ومن تلك المجالات بالغة الأهمية المجال الأمني الذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالإنسان، ويؤثر في حياته واستمراره واستقراره وتطوره.
ويعد الأمن حاجة أساسية ومُلحة للإنسان، وسببًا في استمرار البشرية على مدى التاريخ، واستقرار الأوطان والشعوب، ولا مراء أن العولمة أحدثت بمختلف وسائلها الإعلامية والثقافية والتكنولوجية والمؤسساتية عدة تحولات، مسّت عديدًا من المضامين والمفاهيم المتعلقة بالأمن، ومن تلك المتغيرات تطور تكنولوجيا المعلومات والإعلام والاتصال ونماذج التواصل الحديثة؛ فبات لزامًا التكيّف مع هذه المستجدات وتطوير آليات العمل الأمني.
ويضطلع الإعلام الأمني عمومًا بمهمات عديدة منها: احتواء الأزمات، ورصد وجمع الحقائق وتحليل البيانات والمعلومات، والتعامل مع المعلومات الزائفة، والتواصل الفاعل مع وسائل الإعلام، وتعظيم الأثر الإيجابي للبيانات، واحتواء الأزمة والسيطرة على الموقف، والتدريب والتطوير المستمر، وتقييم الأداء وتحليله، إضافة إلى التعريف بالأنشطة المختلفة التي تقدمها أجهزة الأمن لأفراد المجتمع، وتوعيتهم بكل ما هو جديد في نطاق الجريمة وتطورها.
ومن هذا المنطلق تنبثق أهمية الأمن، والإعلام الأمني، المرتبطين بصورة وثيقة بحياة الفرد كفرد، وحياة المجتمع كجزء من المجتمع البشري، ويهدفان إلى تحصين الفرد من جهة، والمجتمع من جهة أخرى.
وزارة الداخلية رائدة وسبّاقة في توظيف المنصات الرقمية بالتوعية إعلاميًا إدراكًا من وزارة الداخلية للأهمية الكبيرة للإعلام الأمني، ومواكبة لرؤية المملكة 2030 والتطلعات المحلية والعالمية في مجال الأمن والسلامة، وللارتقاء بالخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين والزوار؛ عملت الوزارة بخُطى حثيثة وخطوات مدروسة لمواكبة أحدث التطورات والتقنيات في وسائل الاتصال؛ مما حدا بالإعلام الأمني في “الداخلية” أن يكون رائدًا وسبّاقًا في توظيف مختلف منصات التواصـل الاجتمـاعي، والقنوات الإعلامية الرقمية المختلفة.
وأسهم الإعلام الأمني في وزارة الداخلية في تعزيز الأمن وإبراز الجهود التي تبذلها الوزارة وقطاعاتها الأمنية في جميع مناطق المملكة من خلال توظيف مختلف منصات التواصـل الاجتماعي؛ للوصول لأكبر شريحة جماهيرية ممكنة، وزيادة الوعي لدى المجتمع بأهمية دوره في الإبلاغ عن الحوادث الجنائية، وتنمية روح المشاركة والارتباط بين أجهزة الأمن والمواطن؛ لكون المواطن رجل الأمن الأول، إلى جانب احتواء الأزمات وبناء الثقة والشفافية معه بنشر المعلومات المهمة، وتحذيره من المخاطر المحتملة مبكرًا، والتواصل مع وسائل الإعلام، وتقديم التحديثات الرسمية لمكافحة الشائعات وتصحيح المعلومات الخاطئة، وإبراز التطور الذي تـشهده الوزارة وإمارات المناطق والقطاعات الأمنية على الأصعدة كافة، والتعريف بالخدمات المقدمة لمستفيديها.
وتبنّت وزارة الداخلية إستراتيجية محكمة وغاية في الإتقان في التعامل مع هذه المنصات الرقمية عند تقديم الرسائل الإعلامية، فراعت سهولة وصولها ومدى مناسبتها للمنصـة التـي سيتم نشرها عليها، ونـوع المحتوى الإعلامي الـذي سيتم نشره، فقـد يكون تأثير صورة مصحوبة بنص مختصر أقـوى وأكثر تأثيرًا من أي مادة إعلامية أخرى.
ونجحت إستراتيجية وزارة الداخلية في مواكبة متغيرات الإعلام الرقمي، وأنشأت حسابات في منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، حيث شهد عام 2014م فتح حسابات على منصات: “x” -تويتر سابقًا- و”يوتيوب” و”فيسبوك” و”إنستقرام”، وفي 2019م دشنت حسابها في “سناب شات”، وفي عام 2022م أطلقت حسابها على منصة “تيك توك”، إضافة إلى تدشينها حسابين على منصتي “تيلقرام” و”واتساب” في عام 2023م، حيث حققت تلك الحسابات إشادات واسعة، من خلال نشر فعاليات الوزارة وقطاعاتها، والجهود الميدانية لرجال الأمن في تنفيذ مهامهم الأمنية.
وأصبحت “هاشتاقات” وزارة الداخلية وقطاعاتها المختلفة ذائعة الصيت، ومُتابعة بشكل كبير من قبل عموم شرائح المجتمع، منها على سبيل المثال لا الحصر: “#تم_القبض، #الحرب_على_المخدرات، #بالمرصاد، #الوقاية_أمان، #السعودية_داخل_كل_سعودي، #لأجل_بيئة_مستدامة”، المعنية بنشر محتويات توعوية وتحذيرية، وأخبار ورسائل أمنية في وسائل التواصل الاجتماعي.
ونفذت وزارة الداخلية على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، عديدًا مـن الحملات الإعلاميـة المتخصصـة التي تواكب الحدث، وتعمل على رفع الـوعي المجتمعي في جميع المهددات الأمنية المحتملة.
وأسهمت تلك الحملات الإعلامية التوعوية في تعزيز حصانة المجتمع من آفة المخدرات والمساهمة في خفض نسبة الجريمة والوقاية منها، ورفع الوعي بأهمية الالتزام بنظامي أمن الحدود والإقامة، والإبلاغ عن مخالفيهما، لما يترتب على ذلك من آثار أمنية وصحية واجتماعية واقتصادية، ومن تلك الحملات: -الحملة الأمنية لمكافحة المخدرات في المملكة وهي مستمرة على مدار العام.
-حملة “بلغ عنهم” لمساهمة المجتمع في الإبلاغ عن مهربي المخدرات ومروجيها وهي مستمرة على مدار العام.
-سلسلة “بالمرصاد” الأسبوعية التي تُعنى بنشر جهود وزارة الداخلية في القبض على مهربي المخدرات ومروجيها.
-حملة “وطن بلا مخالف”.
-التوعية بنظام مكافحة جرائم المعلوماتية.
-التفاعل مع اليوم العالمي لمكافحة المخدرات.
– حملة مكافحة التسول الهادفة إلى القضاء على التسول بمختلف صوره وأشكاله.
-التفاعل مع اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص.
-حملة “لا يستغلونك”، الهادفة إلى التوعية من الاستغلال والاحتيال الإلكتروني، وهي مستمرة على مدار العام.
وتقوم على حسابات وزارة الداخلية في منصات التواصل الاجتماعي كوادر سعودية مؤهلة تأهيلًا عاليًا، ضمن حوكمة عمل دقيقة تسهم في أداء المهام المنوطة بهم على أكمل وجه، إضافة إلى سعي وزارة الداخلية الدؤوب، للتدريب والتطوير المستمر لمنسوبيها، وفق أحدث ما توصل إليه العلم في مجال التكنولوجيا والاتصال، بما يضمن أداء الرسالة الإعلامية الأمنية بصورة تبرز مدى تطور التناول الإعلامي في الوزارة.
واضطلاعًا بالدور المهم والجوهري لوزارة الداخلية في مواسم الحج التي تشهد سنويًا توافد ملايين المسلمين من شتى دول العالم، تقدم الوزارة المحتويات الإعلامية والرسائل التوعوية بأكثر من “13” لغة، وتنشرها عبر مختلف المنصات، وتعمل بالشراكة مع وزارة الإعلام على إيصالها، محليًا ودوليًا؛ لإبراز صورة واضحة وموضوعية للعالم عن جهود القيادة الرشيدة -أيدها الله- في خدمة ضيوف الرحمن، ومنها: حملة “لا حج بلا تصريح”، والحملة التعريفية برقم البلاغات الأمنية الموحدة “911”.
ولهذه المحتويات الإعلامية والرسائل التوعوية أثر واضح وملموس في ضيوف الرحمن محليًا ودوليًا؛ نظرًا لاستخدام الوزارة وسائل الإعلام الرقمية لسهولة تعظيم الأثر المراد إيصاله، ونقل التجربة الرائدة للعالم أجمع من خلال وسائل الإعلام الدولية، كما تنظم وزارة الداخلية بالتنسيق مع وزارة الإعلام ممثلة بوكالة الإعلام الدولي زيارات للوفود الإعلامية للاطلاع عن قرب على تجارب الوزارة في إدارة موسم الحج، من خلال زيارة مركز العمليات الأمنية الموحدة “911” بمنطقة مكة المكرمة، والتعرّف على التقنيات الحديثة المستخدمة في إدارة الحشود والخدمات الإنسانية والأمنية، وآلية معالجة البلاغات بعدة لغات على مدار 24 ساعة، وزيارة الصالات الخاصة بمبادرة طريق مكة، والاطلاع على التجربة المميزة في خدمة المستفيدين من المبادرة في الصالات المخصصة لها.
ولا غرو أن تحظى حسابات وزارة الداخلية الرقمية ومنصاتها الإعلامية بمتابعات كبيرة، فبناءً على آخر الإحصائيات الرسمية الصادرة من الوزارة في تاريخ 19 أغسطس 2024م، بلغ عدد المتابعين أكثر من “14” مليون متابع في جميع منصات التواصل الاجتماعي، وأعدادهم في تزايد مستمر يومًا بعد آخر.
وعلى المستويين الخليجي والعربي تقوم وزارة الداخلية بالتنسيق مع الشركاء في دول الخليج العربية والدول العربية بشكل دائم للتوعية الأمنية؛ لحماية المجتمعات من أنواع الجرائم المختلفة، ومن ضمنها استغلال الذكاء الاصطناعي في الجريمة.
ومما لا شك فيه أن توظيف الجهات الأمنية في الوطن العربي منصات الإعلام الرقمية، أضحى مسألة حيوية ومُلحة في دعم الإعلام الأمني، وليست خيارًا، ليضمن وصول رسالته إلى مختلف شرائح المجتمعات في تلكم الدول، وتحقيق مستهدفاته في صون أمن البلاد العربية واستقرارها، مع أهمية الاستفادة من التجربة الرائدة لوزارة الداخلية في المملكة العربية السعودية.