أكد صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن فيصل بن عبدالعزيز، على الدور الكبير لدور السينما والأفلام في التلاقي والتلاقح الثقافي بين البشر بحضاراتهم المختلفة وثقافاتهم المتعددة، إذ تعد الأفلام نافذة لتعريف العالم بثقافتنا ونقل حضارات الشعوب، مستذكرًا بدايات إتاحة مشاهدة الأفلام في السعودية من خلال التلفزيون قبل 50 عامًا، التي كان لها أثرٌ في تعريف المجتمع السعودي على ثقافة الآخر، فضلًا عن تعريف الغير بثقافتنا، مما يؤكد المثل الشائع “الصورة تساوي ألف كلمة”.
جاء ذلك خلال ندوة حوارية عن (الثقافة والأفلام والدبلوماسية الناعمة) ضمن منتدى الأفلام السعودي 2024 بمدينة الرياض، بحضور صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة رئيس إدارة هيئة الأفلام، والرئيس التنفيذي لهيئة الأفلام المهندس عبدالله بن ناصر القحطاني، ونخبة من الفنانين والمنتجين والمتخصصين السعوديين والعرب والعالميين.
وتحدث سموه عن تجربته الخاصة في إنتاج بعض الأفلام التي دُعي للاشتراك في إنتاجها، وأسهمت في التعريف بالمملكة وما تقوم به من إسهامات تخدم البشرية، مشيرًا إلى أن أول فيلم أسهم في إنتاجه كان عن المؤرخ العربي الكبير (ابن بطوطة) قبل 20 عامًا تقريبًا، بتمويل سعودي وطاقم عمل دولي من بريطانيا وأمريكا سافر إلى المملكة وكان فيلمًا شبه وثائقي، بينما صادف في العام ذاته إنتاج فيلم عن (الحج)، شارك فيه عدد من رجال الأعمال السعوديين الذين أسهموا في إنتاج الفيلم عبر تمويله، وانتشرت تلك الأفلام في كافة أصقاع العالم بدور السينما.
وكشف الأمير تركي بن فيصل عن أفضل الأفلام بالنسبة له، وهو فيلم (وُلد ملكًا) الذي تناول أول رحلة قام بها الملك فيصل -رحمه الله- عندما كان في سن الـ 13 من عمره، عندما كلفه الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- لتمثيله في مؤتمر السلام في بريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى، مشيرًا إلى أن أغلب مشاهد الفيلم صُورت في المملكة، وكان من أوائل الأفلام الروائية في المملكة بممثلين سعوديين ومشاركة عدد من أبناء الوطن في أعمال الإنتاج، مضيفًا بأن تفضيله للفيلم ليس لكونه عن الملك فيصل -رحمه الله- ولكن كونه عملًا نابعًا من محبة وإخلاص في أن تكون الصورة التي تبرز من خلال هذا الفيلم هي الصورة الحقيقية عن المملكة.
وأكد سموه بأن شخصية الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، تستحق عشرات الأفلام في رواية شخصيته وتضحياته وأعماله إلى جانب غيره من الملوك والشخصيات, التي أسهمت في تكوين هذه البلاد، خصوصًا أن هناك مجالًا واسعًا للمبدعين من كتاب ومنتجين ومخرجين ليطرقوا هذا الباب؛ لنرى في القريب العاجل إنتاجًا ليس للثقافة السعودية، ولكن يشمل الثقافة البشرية.
وأشار سموه إلى أن أولى خطوات نجاح الفيلم في الفكرة الإبداعية التي يضعها صاحبها، ليتجه بعدها للتمويل، كونه المفتاح لوصول الفكرة الإبداعية إلى فيلم يعرض على شاشات التلفزيون والسينما، خصوصًا في هذا الوقت؛ الذي لم تألُ قيادتنا الرشيدة جهدًا في دعم هذا المجال من خلال الصناديق والإمكانيات لتوفير التمويل للمنتجين والمبدعين، حيث يفتح دعم القيادة السعودية للمبدعين آفاقًا جديدة لصناعة الأفلام، معربًا عن أمله في “ألا يركز المنتجون على المادة كهدف وحيد لِما ينتجونه من أفلام ومجهودات فنية في هذا المجال، ولكن أن يسهموا في خدمة المجتمع”.
وعن التطورات التي يشهدها مجال صناعة الأفلام والسينما، قال سموه :”الحمد لله أنني شاهدت اليوم السينما السعودية التي تؤهل المملكة لتصبح مركزًا عالميًا للإبداع، ليس فقط بالأفلام والتمثيل ولكن في الحضارة بصفة عامة”، مستشهدًا بالتطورات التي شهدتها مجالات المسرح والأوبرا وعروض الأوركسترا للفرق الموسيقية، التي أقيمت مؤخرًا في لندن.
يذكر أن (منتدى الأفلام السعودي) يعد الحدث الأول من نوعه الذي يجمع في المملكة الخبراء والمختصين من صانعي الأفلام ونخبة الفنانين والمنتجين السعوديين والعرب والعالميين، ويضم في نسخته الثانية، معرضًا يجمع سلسلة القيمة في أكثر من 16 مجالًا مختلفًا، ومؤتمرًا مختصًا يتضمن 30 جلسة حوارية، و15 ورشة عمل، في شتى مجالات صناعة الأفلام، إضافة إلى الفعاليات المصاحبة التي من المتوقع أن تثري تجربة الزوار.