يشهد وادي السيليكون “انقساما غير مسبوق” في الآراء السياسية بين القادة والشخصيات البارزة في عالم التكنولوجيا، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، حسبما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وأشارت الصحيفة الأميركية إلى تصاعد حدة الاتهامات والانتقادات العلنية بين قادة الصناعات التكنولوجيا، معتبرة أن هذا النوع من الصراع الداخلي كان “نادرا” في الانتخابات الرئاسية السابقة، إذ كان القطاع يميل تاريخيا إلى اليسار.
وخلال هذه الانتخابات، دعمت مجموعة صغيرة ومؤثرة من القادة، بمن فيهم إيلون ماسك، المرشح الجمهوري دونالد ترامب وأصبحوا أكثر صراحة بشأن تغيير ولاءاتهم الحزبية، مما أثار ردود فعل قوية من آخرين كانوا عادة يحتفظون بصمت بشأن آرائهم السياسية.
وأكدت الصحيفة، أن هذا الانقسام السياسي يؤدي إلى تدهور العلاقات التجارية، ويهدد حتى بعض الصداقات القديمة بين رواد القطاع.
ومن بين أبرز حوادث التجاذبات السياسية خلال الأيام الأخيرة، وَصفُ إيلون ماسك، الداعم البارز لدونالد ترامب، للمستثمر التقني الديمقراطي، فينود خوسلا، بـ”المختل” على منصة “إكس” بعد انتقاد الأخير للرئيس السابق.
وفي المقابل، سخر آرون ليفي، الرئيس التنفيذي لشركة “Box” ومؤيد كامالا هاريس، من المستثمر ديفيد ساكس، مشيرا إلى أنه ربما يكون تحت تأثير الأدوية لدعمه ترامب.
وامتدت التوترات أيضا إلى قضايا البيئة، حيث انتقد بعض المستثمرين في مجال الطاقة الخضراء موقف إيلون ماسك الداعم لترامب.
كما وجد الصديقان السابقان ريد هوفمان وبيتر ثيل اللذين عملا معا سابقا في “بايبال”، نفسيهما على طرفي النقيض، إذ أصبح هوفمان مؤسس “LinkedIn”، داعما قويا للحزب الديمقراطي، وتبرع بملايين الدولارات لحملة بايدن وهاريس. بينما أعلن ثيل دعمه لترامب والحزب الجمهوري.
وأدى هذا الخلاف في المواقف إلى قطع العلاقات الشخصية بينهما. وقد كشف هوفمان علنا في مؤتمر “صن فالي” أنهما لم يعودا يتحدثان بسبب آراء ثيل السياسية.
وفي منتصف أغسطس، شهد وادي السيليكون تصعيدا آخر في التوترات بسبب الخلافات السياسية، بعد أن وجه المستثمر البارز، بن هوروفيتز، المؤسس المشارك لشركة “Andreessen Horowitz” الاستثمارية، اتهامات حادة إلى مايكل موريتز، الرئيس السابق لشركة “Sequoia Capital”.
وكانت نقطة الخلاف مقالا نشر على موقع “The San Francisco Standard”، الذي يموله موريتز جزئيا وتناول تحول هوروفيتز وزوجته السياسي من الحزب الديمقراطي إلى الجمهوري، واصفا إياه بـ”اللغز”، قبل أن يتهم الثاني موريتز بتوجيه الموقع لنشر “مقالات تشهيرية” ضده.
ورغم أن الرجلين تربطهما علاقات تجارية، حيث استثمرت شركتاهما في بعض المشاريع المشتركة، تقول الصحيفة إن الخلاف السياسي بين الرجلين “بدا أعمق من أي روابط مهنية”.
وكان قادة التكنولوجيا من بين كبار المتبرعين لكلا الجانبين، حيث جمعت لجنة حملة هاريس (وبايدن سابقا) حوالي 204 ملايين دولار، بينما جمعت لجنة حملة ترامب 47.5 مليون دولار.
وذكرت الصحيفة، أن المعسكر الديمقراطي تلقى دفعة قوية مع ترشيح كامالا هاريس، ابنة منطقة خليج سان فرانسيسكو، لمنصب نائب الرئيس، إذ نجحت في جمع تبرعات ضخمة من قطاع التكنولوجيا.
وبحسب المصدر ذاته، فقد أثار خطابها في المؤتمر الوطني الديمقراطي إعجاب الكثيرين في القطاع لما تضمنه من إشارات إيجابية تجاه الابتكار والريادة التكنولوجية.
في المقابل، يخشى مؤيدو ترامب في القطاع التكنولوجي من أن فوز هاريس قد يؤدي إلى زيادة الضرائب وفرض عقبات تنظيمية على الصناعات الناشئة مثل العملات المشفرة، ويعتبرون أن ترامب سيخفف الضغط على عمليات الاندماج والاستحواذ التي جاءت في عهد الرئيس بايدن، وفقا لما قالته هارميت دهيلون، عضو اللجنة الوطنية الجمهورية لكاليفورنيا.
ومع تواصل حملات الدعم وتبادل الاتهامات، ذكرت الصحيفة أن أصوات متصاعدة بين بعض التنفيذيين في القطاع التكنولوجي، تدعو إلى وقف هذا الصراع العلني.
ومن أبرز هذه الأصوات مارك بينكوس، المؤسس المشارك لشركة ألعاب الفيديو “Zynga”. فرغم تاريخه في دعم القضايا الديمقراطية، أعلن بينكوس أنه لن يدعم أيا من المرشحين في هذه الانتخابات.
وفي منشور له على لينكدإن، عبر بينكوس عن قلقه من حدة الاستقطاب قائلا: “نحن نؤمن بعمق أن جانبنا صالح لدرجة أننا نحكم أخلاقيا على الجانب الآخر”. وأضاف محذرا: “لقد ذهبنا جميعا بعيدا جدا”.