للفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة، يعول دونالد ترامب على جذب وإغراء الناخبين الأمريكيين من المسلمين والعرب، مع العلم أنه هو الذي فرض في 2017 في أعقاب انتخابه رئيسا للبلاد، مرسوما رئاسيا يمنع مواطني بعض الدول الإسلامية، على غرار الصومال والسودان واليمن، من السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
ولنيل دعم المسلمين، كلف ترامب حمى ابنته تيفاني، اللبناني الأصل مسعد بولس “باصطياد” أصوات الناخبين العرب والمسلمين الذين يبلغ عددهم نحو 3.5 مليون شخص في الولايات المتحدة الأمريكية، أي حوالي 1 بالمئة من إجمالي الناخبين، وفق وكالة أسوسيتد برس.
ورغم تواضع عددهم، إلا أنهم قادرون على حسم النتائج في بعض الولايات التي تعتبر مفتاحية ومهمة.
ومن بين هذه الولايات، يمكن ذكر ميشيغان التي زاراها ترامب الأسبوع الماضي في إطار حملته الانتخابية. في هذه الولاية يحاول مساعدو ترامب جذب الناخبين العرب والمسلمين إليه.
اختار ترامب هذه المدينة بعد أن فشل فيها في 2020. فقد صوتت لصالح جو بايدن الذي فاز على منافسه بفارق 154 ألف صوت.
ويبلغ عدد العرب الأمريكيين الذين يصوتون في هذه الولاية حوالي 310 ألف الأمر الذي جعل مسعد بولس يزورها عدة مرات ويلتقي بسكانها لإقناعهم بمنح أصواتهم هذه المرة لصالح دونالد ترامب.
أكثر من هذا، قررت جمعية العرب المساندين لترامب فتح مكتب في هذه الولاية بمساعدة مالية من مسعد بولس. فيما نظم هذا المكتب اجتماعه الأول في 21 مايو/أيار الماضي بهدف رسم استراتيجية واضحة لإقناع الناخبين العرب للتصويت لصالح ترامب ولجمع الأموال.
وبالنسبة للخبراء الاستراتيجيين في الحزب الجمهوري، أن يصوت العرب لصالح المرشح الجمهوري ليس أمرا جديدا، بل يشكل عودة إلى تقاليدهم الانتخابية لأنهم “إلى غاية 2000، كانوا يصوتون بشكل عام لصالح الحزب الجمهوري المحافظ”، حسب دومنيك كادينو، المتخصص في المجتمعات المسلمة وعرب أمريكا في مركز الدراسات والبحوث المتخصص في شؤون العالم الأنكلوسكسوني بجامعة مارسيليا جنوب فرنسا.
فوفق هذا الباحث “عرب أمريكا ينظرون بشكل إيجابي إلى بعض أفكار المحافظين الأمريكيين لا سيما تلك المتعلقة بالدفاع عن القيم العائلية التقليدية أو بالحرية الاقتصادية والاستثمار دون قيود”، موضحا في الوقت نفسه أن “اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول والحرب على العراق و أفغانستان غيرت تقاليد التصويت لديهم إذ اصبحوا يساندون أكثر الديمقراطيين في السنوات الأخيرة”.
لكن دعم بايدن لإسرائيل في حربها ضد حماس في غزة خلط الأوراق من جديد. لهذا السبب أصبح دونالد ترامب ومقربون له ينظرون إليهم (إلى عرب أمريكا) من جديد بنوع من الجشع لا سيما بعدما ابتعدوا قليلا عن جو بايدن.
هذا، ووفق استطلاع للرأي نشرته جريدة نيويورك تايمز في منتصف مايو/أيار الماضي، ملف غزة هو الذي سيحدد طريقة تصويت 70 بالمئة من عرب أمريكا في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وأضاف دومنيك كادينو:” لو رشح الجمهوريون شخصية أخرى أكثر اتزانا من دونالد ترامب لكان الحزب الجمهوري أكثر جاذبية للعرب الأمريكيين”.
والسؤال المطروح هل سيتمكن مسعد بولس من إقناع عرب أمريكا بالتصويت لصالح ترامب بالرغم من أنه يساند هو أيضا إسرائيل؟ على أية حال هذا الملياردير اللبناني باشر مشروعه منذ 2022 مستخدما ورقة مهمة ورابحة ألا وهي المال. فمسعد بولس يعتبر من بين أبرز الأغنياء اللبنانيين حيث يملك شركة ضخمة لبيع السيارات في نيجيريا.
لكن أسامة سبلاني، مدير مجلة عرب أمريكا يعتقد “أن المال وحده لن يكون كافيا لإقناع العرب الأمريكيين بالتصويت لصالح ترامب. فهم يحتاجون إلى شيء أخر أكبر وأهم من ذلك” دون أن يكشف طبيعة هذا الشيء.
كما تبدو مهمة مسعد بولس صعبة التحقيق باعتباره غريبا نوعا ما عن الجالية المسلمة في أمريكا ولا يعرفها جيدا.
لكن هذا لا يعني أن المسلمين في أمريكا لن يصوتوا لصالح ترامب. بل بالعكس هناك أقليات مسلمة تنحدرمن باكستان والهند تدعم الجمهوريين”، حسب دومنيك كادينو.
ربما ما سيقوم به مسعد بولس، هو إقناع عرب أمريكا بعدم التصويت لصالح بايدن أو مقاطعة الانتخابات.
ففي ولاية ميشيغان مثلا، المقاطعة قد تخدم دونالد ترامب أكثر من منافسه الديمقراطي وتجعله يفوز بأصوات الولاية وبالتالي بالانتخابات. فهل سيتحقق هذا السيناريو؟