الثقافية – متابعة
عقد كرسي الأدب السعودي في جامعة الملك سعود يوم الثلاثاء ١٣ /١١/ ١٤٤٥هـ لقاءً علميا عن صاحب السمو الملكي الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن -رحمه الله- المعروف في الساحة السعودية والعربية بأنه أحدُ أبرز روَّاد الحداثة الشعرية في الجزيرة العربية، وفارس الكلمة، بعنوان “بدر بن عبدالمحسن: أيقونة الشعر السعودي”، وشارك في اللقاء الدي أداره الدكتور أحمد معيدي الأستاذ في قسم الإعلام أ.د. هاجد الحربي، متحدثًا عن (خصوصية التجربة الحداثية في شعر بدر بن عبدالمحسن)، وأشار إلى أن قضية التجربة الحداثية في شعر بدر بن عبدالمحسن لم تعد موضوع مراجعة أو نقاش لدى نقاد الشعر ومتابعيه ومتذوقيه، ولكنه أصبح وسمًا خاصًا تميزت به كتابته الشعرية. ويقول: مع كل هذه المصادقة والتأكيد عليها إلا أن تلك التجربة الحداثية تحتاج إلى مزيد متابعة نقدية فاحصة ومتمكنة؛ لأنها كتبت في مستوى لغوي مختلف عن المستوى المألوف في دراسات نقاد الحداثة وكتابها. وأضاف: ومن هنا ندرك أن تجربة البدر الحداثية تحتاج إلى ذائقة نقدية خاصة تدرك بوعي ثقافي مكتمل سيرورة التطور والتحول في الشعر الشعبي من قالب التقليدية إلى قالب الحداثة والتجديد، مؤكدًا أن هذا التمهيد الإجرائي يدفعنا إلى التوقف عند بعض الممارسات التطبيقية لتكون نواة دراسات ومتابعات تحليلية تتعمق في تجربة بدر بن عبدالمحسن الشعرية والانطلاق منها إلى دراسة الشعر الشعبي وفق معطيات نقدية وثقافية راسخة .
من جانبها تناولت أ.د. أمينة الجبرين موضوع (استدعاء التعابير الاصطلاحية النجدية في ديوان البدر)، وأكدت فيه أن نجدًا تحضر في شعر البدر بتفاصيلها كافّة؛ حرّها وبردها، حاضرتها وباديتها، أشجارها ونخيلها، جمالها، وخيولها، لهجة أهلها، وأحاديث أسمارهم، ورصدت ورقتها البحثية استدعاء التعابير الاصطلاحية النجدية في ديوان البدر. موضحة أن التعابير الاصطلاحية مجموعة الكلمات التي تكوّن بمجموعها دلالة غير الدلالة المعجمية لها، مفردةً ومركبة، وهذه الدلالة تأتيها من اتفاق جماعة لغوية على مفهوم تُحمّله لهذا التجمع اللفظي، وتكوين التعبير الاصطلاحي قائم ٌعلى سلسلةٍ من الكلمات التي تُقيِّدها عوامل دلالية وتركيبية تجعل منها وحدة دلالية جديدة.
من جهة أخرى شاركت د. ميساء الخواجا بورقة عنوانها (تشكيل الصورة في ديوان ” لوحة .. ربما قصيدة ” لبدر بن عبد المحسن)، وبينت فيها اختلاف الدارسين منذ القدم في تحديد جمالية القصيدة ومكامن شعريتها، لكن الصورة ظلت أحد العناصر البارزة والرئيسة في تناول تلك الشعرية. وبينت أن الصورة الشعرية تظل محكومة بالبعد اللغوي في المقام الأول، فهي تشكيل قوامه الكلمات، وتبنى على اختيار الشاعر للألفاظ وتركيبها على نحو مخصوص. ولأجل ذلك أكدت أن الصورة تتصف بتعدد العناصر واختلاف الآليات لكنها تظل صياغة خاصة للغة، وإحدى جمالياتها هي في إعادة صياغة العالم وتمثيله بصورة جديدة مبتكرة تثير دهشة المتلقي، وتعيد صياغة علاقته مع العالم. وقالت: لعل أول ما يطالع قارئ شعر بدر بن عبد المحسن هو هذا التشكيل الجديد والمختلف للصورة الشعرية، ومن ثم تسعى هذه الورقة إلى قراءة ملامح تشكيل الصورة في ديوان ” لوحة .. ربما قصيدة”، والنظر في بعض أنماطها مثل: التشخيص والتجسيم والتشكيل الحركي وبناء المفارقة والانزياحات اللغوية، إضافة إلى الصور البيانية القائمة على التشبيه والاستعارة، وهو ما أضفى على قصائد المجموعة شكلًا من أشكال الرسم بالكلمات يرفده عنوان المجموعة، والجمع بين الشعر والتشكيل على امتداد صفحاتها، وبنى للقصيدة شعريتها المتجددة مع كل قراءة.
واختتمت الندوة بمشاركة أ. سعد المطرفي الذي تحدث في ورقته عن (الأسلوب الشعري للأمير بدر بن عبدالمحسن)، وقال: “تتناول هذه الورقة الأسلوب الشعري للأمير بدر بن عبدالمحسن -رحمه الله- شكلًا ومضمونًا، وتناولت أسلوبه السهل الممتنع في التراكيب، والمعجم الراقي الذي يتجاوز الفوارق اللهجية، والمعاني الدقيقة التي كان يلتقطها ويحيلها إلى صور جمالية بديعة، والذاتية التي تظهر بجلاء في نصوصه، كما تطرقت إلى ريادته في تجديد الشعر الشعبي؛ إذ يعد من رموز الحداثة الشعرية في المملكة، وأثر تلك التجديدات في تغيير مفهوم الشعر الغنائي وتحديثه”.
الجدير بالذكر أن الندوة ابتدأت بكلمة المشرف على كرسي الأدب السعودي د. إبراهيم الفريح الذي تحدث غن البدر وتجربته الشعرية المؤثرة، وأشار إلى بعض مبادرات الكرسي ومشاريعه، وأعلن عن إطلاق نشرة تناص البريدية المهتمة بالأدب السعودي. ثم عُرض فيديو تعريفي عن كرسي الأدب السعودي، وبعد تقديم الأوراق العلمية تخلل الندوةَ عدد من المداخلات، وانتهت بتكريم عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية والدكتور الفريح للأستاذ الدكتور صالح معيض الغامدي المشرف السابق على كرسي الأدب السعودي، وحضر اللقاء بعض أفراء أسرة الفقيد، وجمع غفير من الأكاديميين والطلاب، ومحبي الأمير الراحل رحمه الله تعالى.