د.العقيل: ممارسات حقوق الإنسان قبل صدورها في قوانين دولية كانت جزءً من ثقافة ودين المجتمع السعودي
د. القحطاني: المملكة كفلت بالأنظمة حماية حقوق الإنسان وكرست الجهود لتعزيزها
د. الأنسي: النظام الأساسي للحكم في المملكة يقوم على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية.
د.البعيز: موضوع حقوق الإنسان دخل في ساحة مزايدات سياسية تستخدم من منظمات حقوقية تلبس عباءة مؤسسات مدنية تدعي الحيادية والموضوعية
د. العنزي: ملفات مُتعددة عالجتها المملكة في مجال حقوق الإنسان وتقدمت من خلالها في التصنيفات الدولية
د. الدريويش: الإسلام سبق أي نظام بشري أو تشريع وضعي بل ويتفوق عليه مهما كانت إحكامه ودقته وإحاطته وشموليته.
تشارك المملكة العربية السعودية دول العالم في الاحتفاء باليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يصادف 10 ديسمبر من كل عام.
وقد حققت المملكة إنجازات كبيرة في مجال حقوق الإنسان ساهمت في ارتقاء المملكة في التصنيفات والمؤشرات العالمية لحقوق الإنسان.
ومن خلال المؤسسات الوطنية ذات الصلة بحقوق الإنسان، ومنها: الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان،
فقد تضاعف الاهتمام بحقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية من خلال سن الأنظمة والتشريعات الوطنية.
وتنامت في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله تماشياً مع رؤية المملكة 2030 وتعزيزها لحماية حقوق الإنسان.
وتعد المملكة العربية السعودية حاضنة وممكنة لحقوق الإنسان انطلاقاً من ثقافة أفرادها المتجذرة المحبة للسلام
المنبثقة من مبادئ الشريعة الإسلامية.
وتشارك المملكة العالم في حفظ الحقوق والحريات الأساسية للجميع.
كما أن النظام الأساسي للحكم في المملكة يسهم في تحقيق مبادئ وقيم العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية، والتأكيد على حق الحرية والكرامة كمبدأ ثابت في الأنظمة الوطنية، وأهمية حماية حقوق الإنسان المكفولة في الأنظمة بالمملكة واتخاذ السبل اللازمة كافة لصونها وتعزيزها.
“الحقوق والحريات”
وللتأكيد على أهمية هذا اليوم شارك عدد من الأكاديميين مع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بالمملكة العربية السعودية للاحتفاء بهذا اليوم بالتنويه بجهود المملكة في مجال حقوق الإنسان وتفوقها في هذا المجال وفق نظامها المستمد من الكتاب والسنة.
بداية قال الدكتور سليمان العقيل: بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان لابد من الإشارة إلى مجموعة من النقاط منها: المبدأ الديني والتاريخي الذي قام عليه المجتمع السعودي، فبلادنا منذ التأسيس قائم على العقيدة والشريعة الإسلامية، فمحتواها يهتم بالإنسان من جميع الأوجه العلائقي والخدمات والمؤسسات والممارسات.
ومحتوى وثقافة المجتمع السعودي قام على الفكرة الأساسية التي جعلت الاهتمام بالإنسان فكرياً وروحياً وخدماتياً جزء أساسي من ثقافة ومحتوى المجتمع، لذلك فممارسات حقوق الإنسان قبل صدورها في قوانين دولية كانت جزءً من ثقافة ودين المجتمع السعودي.
كما أن التزام السعودية بالقوانين الدولية المنظمة لحقوق الإنسان: جاء من جهتين الأولى أن هذه الحقوق والقوانين جزء من دين وثقافة المجتمع الأصلية فالالتزام بها يعني الالتزام بدين وثقافة المجتمع.
وواقع حقوق الإنسان في المجتمع السعودي، يترجم الالتزام بمحتوى المجتمع والقوانين الدولية، وتجلى ذلك في الأنظمة والقوانين الثابتة، وحفظ الحقوق لكبار السن والشباب والمرأة والأطفال وذوي الإعاقة والعمالة الوافدة.
وكذلك عوامل المساواة وعدم التمييز بين الجنسين في العمل والتعليم وتلقي الخدمات الصحية والمنح والإعانات، والمشروعات المتزايدة والمؤكدة على كينونة الإنسان وحقوقه، والتعامل الإنساني الراقي المجتمعي للإنسان بفئاته المختلفة.
فالمجتمع السعودي أفراداً وقوانين ومؤسسات تتعامل مع المواطن والمقيم تعاملا إنسانياً راقياً محققاً بذلك الفكرة والمحتوى والثقافة والقوانين الدولية في مجال حقوق الإنسان.
كما أن مستقبل حقوق الإنسان في المجتمع السعودي، من خلال الانفتاح والتنمية وبناء المستقبل
ولايمكن أن يكون المستقبل إلاّ مميزاً وراقياً، بل وبناء لكينونة الإنسان السعودي، ويكون نموذجاً للتطبيق والاحتذاء به من الآخرين، لأنه يحقق جميع المعاني.
“حماية الحقوق”
من جهته يؤكد الدكتور علي القحطاني – جامعة الإمام – أن جهود المملكة العربية السعودية واضحة جلية للعيان، حيث كفلت الأنظمة بالمملكة حماية حقوق الإنسان وكرست الجهود على المستوى الوطني من أجل الإسهام في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها. فرؤية المملكة 2030 تعكس الاهتمام الكبير الذي توليه المملكة لحقوق الإنسان عبر بذل الجهود المتفانية لتعزيز هذه الحقوق حيث سنت المملكة قوانين خلال الأعوام الماضية فيما يتعلق بين الجنسين والمساواة بينهم في بعض الأمور مثل الوظائف وقيادة المرأة وبعض القوانين التي حفظت لكبار السن والصغار حقوقهم ايضاً والتي بدورها اثرت إيجاباً على المجتمع وتحسين البيئة الصحية والتأمين الطبي ورفع جودة التعليم وبرنامج الابتعاث، وأيضاً قوانين الأحوال الشخصية التي وضحت العلاقة بين الزوجين والواجبات والحقوق وبرامج الدعم لذوي الاحتياجات الخاصة سواء من ناحية الوظائف أوالمواد التي أضيفت في نظام العمل لتحفظ لهم وظائفهم على أن لا يتم التمييز ضدهم. وقامت المملكة بإنشاء الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان والتي من أهدافها طبقاً للمادة الثانية من النظام الأساسي للجمعية وتتلخص في الآتي: العمل على حماية حقوق الإنسان وفقا للنظام الأساسي للحكم الذي مصدره الكتاب والسنة ووفقا للأنظمة المرعية، وما ورد في الإعلانات والمواثيق الخاصة بحقوق الإنسان الصادرة عن الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ، والأمم المتحدة ووكالاتها ولجانها المختصة وبما لا يخالف الشريعة الإسلامية.، التعاون مع المنظمات الدولية العاملة في هذا المجال.، الوقوف ضد الظلم والتعسف والعنف والتعذيب، وعدم التسامح.
كما أنها تتلقى الشكاوى ومتابعتها والتحقق من التجاوزات المتعلقة بحقوق الإنسان ومعالجتها.
وتولي المملكة العربية السعودية قضايا حقوق الإنسان اهتماماً خاصاً على المستوى الدولي عن طريق إطلاق حزمة من الإصلاحات في مجال حقوق الإنسان بمختلف أشكاله تزامناً مع إطلاق رؤية المملكة ٢٠٣٠م إلى جانب انضمامها إلى العديد من الاتفاقيات في مجال حقوق الإنسان.وبهذا الخصوص قال الدكتور محمد الأنسي أن النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية، كفل جملةً من المبادئ والأحكام الأساسية التي تهدف إلى حماية وتعزيز حقوق الإنسان، ومنها: الحق في العدل والمساواة والأمن واحترام الملكيات الخاصة، وقد نصت المادة 8 من النظام الأساسي للحكم على أن “يقوم الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل والشورى والمساواة، وفق الشريعة الإسلامية”، كما نصت المادة 26 من النظام على أن “تحمي الدولة حقوق الإنسان، وفق الشريعة الإسلامية”.
وتضمنت الأنظمة الأخرى كأنظمة التعليم والصحة والعمل والتأمينات الاجتماعية وغيرها من الأنظمة واللوائح على أحكام تفصيلية للمبادئ الواردة في النظام الأساسي للحكم.
وأضاف: استشعارًا بأهمية حقوق الإنسان في المملكة فقد صادقت على اتفاقيات مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الكفيلة بحماية حقوق الجميع من مواطنين ومقيمين وزائرين، بما لا يتنافى مع تعاليم الشريعة الإسلامية، كما أن هناك برنامج فني لبناء القدرات في المملكة العربية السعودية في مجال حقوق الإنسان، وهو ثمرة للتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.
مضيفاً: تعكس رؤية السعودية 2030 جهود المملكة الحثيثة وإسهاماتها المتعددة في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان، وهو ما يعكس أيضًا الاهتمام الكبير الذي توليه المملكة بجعل “الإنسان أولًا”؛ ليسهم في تحقيق نقلة نوعية كبيرة في مجال تعزيز حقوق المواطن والمقيم، وتفعيل آليات حماية ورعاية هذه الحقوق.
“حيادية وموضوعية”
وبهذه المناسبة تحدث الدكتور إبراهيم البعيـّز – أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود عن حقوق الانسان وأنها من القضايا الشائكة والمعقدة خاصة على المستوى الدولي، حيث تتباين السياقات الثقافية بكل أبعادها الاجتماعية والدينية، مما يعني أن هناك اختلافات بين الدول في المعايير والمنطلقات والقيم المعيارية لحقوق الإنسان.
ومن جانب آخر دخل موضوع حقوق الإنسان في ساحة المزايدات السياسية التي تشهدها الساحة الإعلامية بشكل واضح، وكثيرا ما تستخدم في ذلك منظمات حقوقية تلبس عباءة المؤسسات المدنية لتدعي الحيادية والموضوعية والبعد عن المصالح السياسية، على الرغم من أنها مؤسسات حكومية لا تستطيع الانفصال عن المصالح السياسية مهما ادعت ذلك.
لذا ليس من المستغرب أن ترتكز التقارير التي تصدر من تلك المنظمات على الأبعاد والمحاور السياسية لحقوق الانسان وفقا لتجاربها ونظرياتها السياسية متجاهلة عن عمد كل مظاهر التباين بين الدول في قيمها الثقافية والدينية التي لا تستوعب ولا تسمح بمعايير وقيم مغايرة لها. كما تتجاهل ما تم تحقيقه من إنجازات لكافة شرائح المجتمع من فرص تعليمية ورعاية اجتماعية وخدمات صحية وفرص وظيفية وما الى ذلك من حقوق ظهرت نتائجها وبشكل جلي في مؤشرات التنمية البشرية.
و الإنجازات والإصلاحات في مجالات حقوق الإنسان عملية تتسم دائما بالاستمرارية والتراكمية وفقا للمتغيرات الثقافية والاجتماعية التي يشهدها المجتمع، وهذا ينطبق على كل الدول، والمملكة ليس استثناء في ذلك.
وغني عن القول أن المملكة شهدت خلال السنوات القليلة الماضية عدداً من الإصلاحات في مختلف مجالات حقوق الانسان بكل الأبعاد التشريعية والتنظيمية والإجرائية، ومن المهم الإشارة الى أبرزها وأهمها خاصة تلك المتعلقة بالقضاء والعدالة، والتي تشكل المحور الأساسي والضامن لحقوق الإنسان.
كما لا يفوتني الإشارة الى ما سبق وأن أعلن عنه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في عام 2021 عن تشريعات متخصصة ومنها النظام الجزائي للعقوبات التعزيرية الذي يضمن حقوق المتهم ويرسي قواعد أساسية للعدالة الجنائية،
وفي البعد الاجتماعي صدر نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية، ومنها الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان لتسهيل إجراءات تأسيس منظمات المجتمع المدني والتي تمثل أحد ركائز المسار التنموي القائم على احترام حقوق الإنسان في المشاركة المجتمعية، وكذلك ما جرى من تعديلات على عدد من مواد نظام العمل لضمان حق المواطن في العمل دون أية تمييز بسبب الجنس او الإعاقة أو السن سواء عند الإعلان عن الفرص الوظيفية او عند المفاضلة والتوظيف او اثناء العمل. وكذلك ما تم من إجراءات الزامية لتعزيز حقوق المقيمين وبالذات العمالة المنزلية.
وعلى الرغم من كل تلك الإنجازات التي تمت، الا أن الانتقادات ستستمر، وهذا أمر طبيعي ومتوقع، وعلينا ان لا نقلق من ذلك، لان قيادة هذا الوطن وما تقوم به من جهود في هذا المجال لم تكن استجابة لذلك النقد، بل رغبة وطنية في تعزيز المسار التنموي ليشمل كل الجوانب والابعاد المتعلقة بحقوق الانسان.
وأخير أتمنى من جمعية حقوق الإنسان أن تعمل على تعزيز الإمكانات والموارد لديها لتتمكن من إصدار تقرير سنوي منتظم عن واقع حقوق الانسان في المملكة بكل موضوعية وشفافية.
“جهود جبارة”
وبمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان
تحدث أ.د/. عبدالله بن دريع العنزي – جامعة شقراءعن جهود المملكة العربية في هذا المضمار قائلا: لابُد لنا أن نُثني على جهود أبنائنا وبناتنا العاملين في حقوق الإنسان بالمملكة والذين يقومون بجهود جبّارة في المحافل الدولية لإبراز الوجه السعودي الذي يحفظ للإنسان حقوقه ويصون كرامته في وطن آمن مُستقر.
وأضاف: ملفات مُتعددة عالجتها المملكة في مجال حقوق الإنسان وتقدمت من خلالها في التصنيفات الدولية كملف الاتجار بالبشر وحق المرأة في الإرث، ومبادرة لجنة الحقوق المدنية والسياسية ومكافحة أشكال التمييز وخطاب الكراهية، بالإضافة لملفات حقوق الطفل وغيرها.
وجميعها كان لها بالغ الأثر في تحسين جودة الحياة، والارتقاء بكل ما يمس حياة الإنسان. وأضاف د.العنزي: نجاحات كُبرى تحققت بفضل الله ثم بدعم من القيادة الرشيدة، كما عزز من هذا النجاح رؤية السعودية 2030، والتي أسهمت في تعزيز دور الإنسان السعودي في كل مناحي الحياة، وأصبح المواطن السعودي هو أساس الحركة الثقافية والاقتصادية، وتغيرت ثقافة العمل، وثقافة السكن، والأحلام والطموحات وأصبحت لا حدود لها، وهذا هو رأس المال الحقيقي لرؤية المملكة.
والجهود السعودية في ملف حقوق الإنسان لا يمكن حصرها في ملف واحد، فهي ملف مُتكامل يشمل حماية الإنسان ورعايته وتقديم كُل ما يُحقق له رفاهية عالية.
“نظم وقوانين”
الدكتور أحمد الدريويش
قال: قبل أن أتحدث عن جهود دولنا المباركة ووطننا الغالي في حماية حقوق الإنسان ورعايتها وتعزيزها أود أن أشير إلى أمر مهم وهو أن الشريعة الإسلامية كفلت الحياة الكريمة والعيش الآمن المستقر الهانئ لكل إنسان على وجه البسيطة
قال تعالى (ولقد كرمنا بني آدم) فالإنسان في نظر الإسلام كائن مخلوق محترم مكرم له حقوق وعليه واجبات ومطلوب منه الالتزام بما يمليه عليه الدين وبينه ويشرعه عليه ولي الأمر بما يحقق المصالح ويدفع المضار والمفاسد أيا كان نوعه أو جنسه أو عرقه أولونه أوبلده صغيراً كان أو كبيراً، طفلاً أو شاباً أو شيخاً، رجلا أو امرأة.
وأحاطت هذا التكريم بسياج قوي من النصوص القطعية الثابتة والتشريعات والنظم والقوانين الراسخة التي لا تتغير أو تتبدل مهما اختلفت الأزمنة أو تبدلت الأمكنة.
فالإسلام بهذا يسبق أي نظام بشري أو تشريع وضعي بل يتفوق عليه مهما كان إحكامه ودقته وإحاطته وشموليته.
ومن ثم عاش الإنسان في ظل تشريعات الإسلام آمناً مطمئناً سعيداً تحفه العناية الالهية وترعاه متفرغاً لما خلقه الله من أجله من عبادة الله ، وعمارة الأرض بالخير والفلاح والصلاح والبذل والعطاء والبناء والإنتاج.
فاستقر المجتمع، وسعدت الدول التي تأخذ بمبادئه وأحكامه ونظمه الخالدة .
وليس أدل على ذلك مما تحقق لدولتنا المباركة سلفاً وخلفاً في هذا المجال، فمنذ توحيدها على يد المؤسس الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه – ومن بعده من أبنائه الكرام البررة إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله والمملكة تنهل من تعاليم الدين السمحة، وأحكامه الخالدة، ومبادئه الراسخة، ونظمه وتشريعاته الشاملة، وأنظمته وأحكامه، مراعية في كل أمر من أمورها، وشأن من شؤونها ونظام من أنظمتها مبدأ العدالة والمساواة والحرية بضوابطها.
مؤكدة أن دستورها الأساسي ونظام الحكم فيها هو الإسلام المستمد من الكتاب والسنة النبوية الصحيحة، وما يتحقق مع مراعاة اختلاف الزمان وما يتبعه من تغير في الأحكام الاجتهادية التي تتطلب الأخذ بكل جديد مفيد من النظم والتشريعات المحققة لمصالح العباد والبلاد في العاجل والآجل.
من أجل بناء إنسان قوي متسلح بسلاح العلم والتقنية والمعرفة، وتشييد دولة حضارية عصرية تقنية تعد أنموذجاً فذاً للدولة المعاصرة بكل مقوماتها وأهدافها ونظمها وتشريعاتها منفتحة على العالم، جادة في تحقيق نهضتها ورقيها وتقدمها وريادتها، وأمنها وسلامتها واستقرارها، ومن أجل بناء إنسان متحضر واعٍ يعرف ماله من حقوق ، وما عليه من واجبات تجاه دينه وولاة أمره ووطنه وأمته وعالمه بعيداً كل البعد عن التطرف والانحلال. فلا غرو إذاً أن تهتم هذه الدولة بحقوق الإنسان. من كافة جوانبه واحتياجاته وترعاه وتجعل هذا من أولوياتها وأن تنشئ لذلك جهة مستقلة تعنى بذلك تحت مسمى الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بهدف حماية حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية وتعزيرها.
فمن مثل دولتنا اذاً في رعاية حقوق الإنسان واهتمامها به وتوعيته بهذه الحقوق وتعريفه بها، والتميز على حقه في الغذاء والدواء والصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية والطبية والحماية من الايذاء والاعتداء سواء أكان جسدياً اوفكرياً او نفسياً.
وحق المساوة في هذا بين الأفراد من غير تمييز، وحقه في المرافعة والمقاضاة والمطالبة بشروطه.
ولاشك أن هذه الحقوق وغيرها كثير التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن تسمو وتعلو لتتكامل مع غيرها من النظم والتشريعات والقوانين الأخرى الشاملة والتي تعم كل مرافق الدولة وهيآتها وجهاتها ومؤسساتها الحكومية والخاصة والتي تساير وتتوافق مع رؤية المملكة الطموحة ( 2030 ) وتتماشى معها وتعمل على تحقيقها لاسيما فيما يخص المرأة وتمكينها من العمل وتعزيز دورها في المجتمع ، واعطائها كافة حقوقها المشروعة، ومشاركتها في كافة أوجه الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والتوعوية وغيرها، وعدم الممانعة من ممارستها لأي نشاط إيجابي يناسبها ويعود بالنفع عليها وعلى المجتمع والوطن وينهض به ويحقق ريادته وتقدمه ورقيه.
“الإنسان أولًا”؛ ليسهم في تحقيق نقلة نوعية كبيرة في مجال تعزيز حقوق المواطن والمقيم، وتفعيل آليات حماية ورعاية هذه الحقوق.
“حيادية وموضوعية”
وبهذه المناسبة تحدث الدكتور إبراهيم البعيـّز – أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود عن حقوق الانسان وأنها من القضايا الشائكة والمعقدة خاصة على المستوى الدولي، حيث تتباين السياقات الثقافية بكل أبعادها الاجتماعية والدينية، مما يعني أن هناك اختلافات بين الدول في المعايير والمنطلقات والقيم المعيارية لحقوق الإنسان.
ومن جانب آخر دخل موضوع حقوق الإنسان في ساحة المزايدات السياسية التي تشهدها الساحة الإعلامية بشكل واضح، وكثيرا ما تستخدم في ذلك منظمات حقوقية تلبس عباءة المؤسسات المدنية لتدعي الحيادية والموضوعية والبعد عن المصالح السياسية، على الرغم من أنها مؤسسات حكومية لا تستطيع الانفصال عن المصالح السياسية مهما ادعت ذلك.
لذا ليس من المستغرب أن ترتكز التقارير التي تصدر من تلك المنظمات على الأبعاد والمحاور السياسية لحقوق الانسان وفقا لتجاربها ونظرياتها السياسية متجاهلة عن عمد كل مظاهر التباين بين الدول في قيمها الثقافية والدينية التي لا تستوعب ولا تسمح بمعايير وقيم مغايرة لها. كما تتجاهل ما تم تحقيقه من إنجازات لكافة شرائح المجتمع من فرص تعليمية ورعاية اجتماعية وخدمات صحية وفرص وظيفية وما الى ذلك من حقوق ظهرت نتائجها وبشكل جلي في مؤشرات التنمية البشرية.
و الإنجازات والإصلاحات في مجالات حقوق الإنسان عملية تتسم دائما بالاستمرارية والتراكمية وفقا للمتغيرات الثقافية والاجتماعية التي يشهدها المجتمع، وهذا ينطبق على كل الدول، والمملكة ليس استثناء في ذلك.
وغني عن القول أن المملكة شهدت خلال السنوات القليلة الماضية عدداً من الإصلاحات في مختلف مجالات حقوق الانسان بكل الأبعاد التشريعية والتنظيمية والإجرائية، ومن المهم الإشارة الى أبرزها وأهمها خاصة تلك المتعلقة بالقضاء والعدالة، والتي تشكل المحور الأساسي والضامن لحقوق الإنسان.
كما لا يفوتني الإشارة الى ما سبق وأن أعلن عنه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في عام 2021 عن تشريعات متخصصة ومنها النظام الجزائي للعقوبات التعزيرية الذي يضمن حقوق المتهم ويرسي قواعد أساسية للعدالة الجنائية،
وفي البعد الاجتماعي صدر نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية، ومنها الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان لتسهيل إجراءات تأسيس منظمات المجتمع المدني والتي تمثل أحد ركائز المسار التنموي القائم على احترام حقوق الإنسان في المشاركة المجتمعية، وكذلك ما جرى من تعديلات على عدد من مواد نظام العمل لضمان حق المواطن في العمل دون أية تمييز بسبب الجنس او الإعاقة أو السن سواء عند الإعلان عن الفرص الوظيفية او عند المفاضلة والتوظيف او اثناء العمل. وكذلك ما تم من إجراءات الزامية لتعزيز حقوق المقيمين وبالذات العمالة المنزلية.
وعلى الرغم من كل تلك الإنجازات التي تمت، الا أن الانتقادات ستستمر، وهذا أمر طبيعي ومتوقع، وعلينا ان لا نقلق من ذلك، لان قيادة هذا الوطن وما تقوم به من جهود في هذا المجال لم تكن استجابة لذلك النقد، بل رغبة وطنية في تعزيز المسار التنموي ليشمل كل الجوانب والابعاد المتعلقة بحقوق الانسان.
وأخير أتمنى من جمعية حقوق الإنسان أن تعمل على تعزيز الإمكانات والموارد لديها لتتمكن من إصدار تقرير سنوي منتظم عن واقع حقوق الانسان في المملكة بكل موضوعية وشفافية.
“جهود جبارة”
وبمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان
تحدث أ.د/. عبدالله بن دريع العنزي – جامعة شقراءعن جهود المملكة العربية في هذا المضمار قائلا: لابُد لنا أن نُثني على جهود أبنائنا وبناتنا العاملين في حقوق الإنسان بالمملكة والذين يقومون بجهود جبّارة في المحافل الدولية لإبراز الوجه السعودي الذي يحفظ للإنسان حقوقه ويصون كرامته في وطن آمن مُستقر.
وأضاف: ملفات مُتعددة عالجتها المملكة في مجال حقوق الإنسان وتقدمت من خلالها في التصنيفات الدولية كملف الاتجار بالبشر وحق المرأة في الإرث، ومبادرة لجنة الحقوق المدنية والسياسية ومكافحة أشكال التمييز وخطاب الكراهية، بالإضافة لملفات حقوق الطفل وغيرها.
وجميعها كان لها بالغ الأثر في تحسين جودة الحياة، والارتقاء بكل ما يمس حياة الإنسان. وأضاف د.العنزي: نجاحات كُبرى تحققت بفضل الله ثم بدعم من القيادة الرشيدة، كما عزز من هذا النجاح رؤية السعودية 2030، والتي أسهمت في تعزيز دور الإنسان السعودي في كل مناحي الحياة، وأصبح المواطن السعودي هو أساس الحركة الثقافية والاقتصادية، وتغيرت ثقافة العمل، وثقافة السكن، والأحلام والطموحات وأصبحت لا حدود لها، وهذا هو رأس المال الحقيقي لرؤية المملكة.
والجهود السعودية في ملف حقوق الإنسان لا يمكن حصرها في ملف واحد، فهي ملف مُتكامل يشمل حماية الإنسان ورعايته وتقديم كُل ما يُحقق له رفاهية عالية.
“نظم وقوانين”
الدكتور أحمد الدريويش قال: قبل أن أتحدث عن جهود دولنا المباركة ووطننا الغالي في حماية حقوق الإنسان ورعايتها وتعزيزها أود أن أشير إلى أمر مهم وهو أن الشريعة الإسلامية كفلت الحياة الكريمة والعيش الآمن المستقر الهانئ لكل إنسان على وجه البسيطة
قال تعالى (ولقد كرمنا بني آدم) فالإنسان في نظر الإسلام كائن مخلوق محترم مكرم له حقوق وعليه واجبات ومطلوب منه الالتزام بما يمليه عليه الدين وبينه ويشرعه عليه ولي الأمر بما يحقق المصالح ويدفع المضار والمفاسد أيا كان نوعه أو جنسه أو عرقه أولونه أوبلده صغيراً كان أو كبيراً، طفلاً أو شاباً أو شيخاً، رجلا أو امرأة.
وأحاطت هذا التكريم بسياج قوي من النصوص القطعية الثابتة والتشريعات والنظم والقوانين الراسخة التي لا تتغير أو تتبدل مهما اختلفت الأزمنة أو تبدلت الأمكنة.
فالإسلام بهذا يسبق أي نظام بشري أو تشريع وضعي بل يتفوق عليه مهما كان إحكامه ودقته وإحاطته وشموليته.
ومن ثم عاش الإنسان في ظل تشريعات الإسلام آمناً مطمئناً سعيداً تحفه العناية الالهية وترعاه متفرغاً لما خلقه الله من أجله من عبادة الله ، وعمارة الأرض بالخير والفلاح والصلاح والبذل والعطاء والبناء والإنتاج.
فاستقر المجتمع، وسعدت الدول التي تأخذ بمبادئه وأحكامه ونظمه الخالدة .
وليس أدل على ذلك مما تحقق لدولتنا المباركة سلفاً وخلفاً في هذا المجال، فمنذ توحيدها على يد المؤسس الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه – ومن بعده من أبنائه الكرام البررة إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله والمملكة تنهل من تعاليم الدين السمحة، وأحكامه الخالدة، ومبادئه الراسخة، ونظمه وتشريعاته الشاملة، وأنظمته وأحكامه، مراعية في كل أمر من أمورها، وشأن من شؤونها ونظام من أنظمتها مبدأ العدالة والمساواة والحرية بضوابطها.
مؤكدة أن دستورها الأساسي ونظام الحكم فيها هو الإسلام المستمد من الكتاب والسنة النبوية الصحيحة، وما يتحقق مع مراعاة اختلاف الزمان وما يتبعه من تغير في الأحكام الاجتهادية التي تتطلب الأخذ بكل جديد مفيد من النظم والتشريعات المحققة لمصالح العباد والبلاد في العاجل والآجل.
من أجل بناء إنسان قوي متسلح بسلاح العلم والتقنية والمعرفة، وتشييد دولة حضارية عصرية تقنية تعد أنموذجاً فذاً للدولة المعاصرة بكل مقوماتها وأهدافها ونظمها وتشريعاتها منفتحة على العالم، جادة في تحقيق نهضتها ورقيها وتقدمها وريادتها، وأمنها وسلامتها واستقرارها، ومن أجل بناء إنسان متحضر واعٍ يعرف ماله من حقوق ، وما عليه من واجبات تجاه دينه وولاة أمره ووطنه وأمته وعالمه بعيداً كل البعد عن التطرف والانحلال. فلا غرو إذاً أن تهتم هذه الدولة بحقوق الإنسان. من كافة جوانبه واحتياجاته وترعاه وتجعل هذا من أولوياتها وأن تنشئ لذلك جهة مستقلة تعنى بذلك تحت مسمى الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بهدف حماية حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية وتعزيرها.
فمن مثل دولتنا اذاً في رعاية حقوق الإنسان واهتمامها به وتوعيته بهذه الحقوق وتعريفه بها، والتميز على حقه في الغذاء والدواء والصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية والطبية والحماية من الايذاء والاعتداء سواء أكان جسدياً اوفكرياً او نفسياً.
وحق المساوة في هذا بين الأفراد من غير تمييز، وحقه في المرافعة والمقاضاة والمطالبة بشروطه.
ولاشك أن هذه الحقوق وغيرها كثير التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن تسمو وتعلو لتتكامل مع غيرها من النظم والتشريعات والقوانين الأخرى الشاملة والتي تعم كل مرافق الدولة وهيآتها وجهاتها ومؤسساتها الحكومية والخاصة والتي تساير وتتوافق مع رؤية المملكة الطموحة ( 2030 ) وتتماشى معها وتعمل على تحقيقها لاسيما فيما يخص المرأة وتمكينها من العمل وتعزيز دورها في المجتمع ، واعطائها كافة حقوقها المشروعة، ومشاركتها في كافة أوجه الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والتوعوية وغيرها، وعدم الممانعة من ممارستها لأي نشاط إيجابي يناسبها ويعود بالنفع عليها وعلى المجتمع والوطن وينهض به ويحقق ريادته وتقدمه ورقيه.