انطلاقا من اهتمام مركز عبدالله بن إدريس الثقافي برواد الثقافة، واحتفاء بأصحاب المبادرات والأثر، احتفل المركز أمس، بإنجاز م. عبدالله الرخيص مشروع (ترجمة مليون كلمة)، تعزيزاً لجهود الترجمة في خدمة التبادل المعرفي والحضاري.
وتأتي هذه المناسبة في سياق اهتمام المملكة العربية السعودية وقيادتها الرشيدة بقطاع الثقافة، وامتدادا لجهود وزارة الثقافة في خدمة أصحاب المشاريع الثقافية النوعية.
أقيم حفل التكريم في مركز فناء الأول بحي السفارات، وقد حضره نخبة من أصحاب السمو والمعالي ورواد الثقافة والمعرفة.
افتتح برنامج الحفل بالترحيب بالضيوف والتعريف بمركز عبدالله بن إدريس الثقافي، مع عرض فيلم تعريفي قصير عن الشيخ عبدالله بن إدريس ومركزه الثقافي.
تلا ذلك كلمة لرئيس مجلس أمناء مؤسسة عبدالله بن إدريس الثقافية الدكتور/ زياد الدريس بعنوان “غلاوة عبدالله الرخيص”، أشاد فيها بالحراك الثقافي الذي تشهده المملكة، وروى فيها قصة تكريم المهندس عبدالله الرخيص، ورحلة المهندس العلمية والثقافية، وإسهاماته في خدمة الوطن.
ثم قدم د. بندر الغميز موجزاً عن جهود المملكة العربية السعودية في خدمة اللغة العربية، وارتباط الهوية بالتفوق الحضاري، والنهضة الاقتصادية، وأن الأرض تتحدث بلغة مَن يعمرها.
كما شاركت هيئة الأدب والنشر والترجمة بكلمة بهذه المناسبة، فباركت للمهندس عبدالله الرخيص، وأشارت إلى ارتباط هذا الإنجاز بمستهدفات الهيئة الاستراتيجية، والتي تعمل الهيئة على تحقيقها بالتعاون مع المنظومة الثقافية.
ثم قدم سعادة المهندس عبدالله الرخيص كلمته بهذه المناسبة وعبر فيها عن شكره لوطنه الذي استثمر فيه وفي تعليمه، وثنّى بالشكر لسمو وزير الثقافة على دعمه لمشروع (ترجمة مليون كلمة) ومتابعته له. وأعرب م. عبدالله الرخيص عن امتنانه لمركز عبدالله بن إدريس الثقافي على هذا الاحتفاء، وعبر عن تقديره لكل من ساهم في دعم المشروع من الأسرة والأقارب والأصدقاء وزملاء العمل.
واختتم حفل الاحتفاء بإهداء مركز عبدالله بن إدريس الثقافي المهندس عبدالله الرخيص مجسما تذكاريا ولوحة.
كما جرى إعلان إطلاق مبادرة: (ترجمة مليار كلمة بحلول عام ٢٠٣٠) بقيادة وزارة الثقافة وبالتعاون مع منظمة اليونسكو والألكسو، ومشاركة المركز.
وفيما يلي كلمة الدكتور/ زياد الدريس بعنوان “غلاوة عبدالله الرخيص”
تسمي العرب الصحراء، تفاؤلاً، بالمفازة، والملدوغ بالسليم. كما تتلطف فتسمي الكفيف بصيراً.
وهكذا يزخر تراثنا اللغوي بالكثير من هذه اللطائف الاسمية. وكنت أظن أن هذا الأمر قد توقف عند تراثنا العتيق، حتى تعرفت على الصديق المهندس عبدالله الرخيص (الحائلي مولداً وكرماً)، فعرفت أن جذور اسم عائلته قد ولّدتها نزعة الكرم الحاتمي الذي ورثته أسرته الشمرية من جذورها الطائية، فهي تسترخص كل غالٍ من أجل إكرام الضيف.
ثم لما تعمقت علاقتي بأبي مصعب أكثر فأكثر فهمت الملاطفة الاسمية أكثر فأكثر.
فعبدالله يسترخص وقته، رغم شحّه وازدحامه، فيمنحه للآخرين من الأصدقاء “الكُثُر”، أو المحتاجين لتبرعاته الاستشارية والمعرفية.
وهو بالطبع يسترخص ماله من أجل إكرام ضيوفه، أو ضيوف معارفه “الكُثُر”.
أما صحته، فيكاد يهبها مجاناً لوطنه الذي يعتز به، وللقيم التي يقاوم الضعف من أجل تقويتها وتعزيزها.
لم يتوقف طموحه عند بكالوريوس الهندسة المدنية من جامعة الملك سعود، بل ذهب مقتحماً أبواب معهد إم آي تي المُحكمة الغلق، وحصل فيه عام 1996م على الماجستير المزدوج في إدارة الأعمال وإدارة المشاريع.
ثم “تمادى” في طموحاته فهرول إلى جامعة هارفارد ومنها نال ماجستير التنمية الدولية وماجستير إدارة الأعمال عام 1998م. وحين ظن رفاقه أنه تشبع من الشهادات الفاخرة، ذهب إلى جامعة أكسفورد ليغنم منها بالدبلوم العالي وبحث الدكتوراه التمهيدي في القيادة التنظيمية والإدارة المتقدمة عام 2003م.
ولما أدركت تلك المؤسسات العلمية العريقة (غلاوة) عبدالله تحوّل عندهم من طالب إلى خبير ثم مستشار ثم إلى عضو وزميل دائم.
وحين عاد إلى وطنه، أصبح هبةً ثمينة ومصدراً معرفياً متجدداً بين أيدي المؤسسات والهيئات، كلٌّ يريد أن يغرف من بحوره “المعرفية” ما يخدم قطاعه، فغدا أيقونة في فكر السياسات العامة والاستراتيجيات والقيادة المتقدمة والحوكمة.
ورغم كل هذه الانشغالات والمهارات والعلاقات المحلية والدولية، لم يسترخص عبدالله الرخيص لغته العربية وهويته وثقافته، وبقي على مساسٍ وطيد بها.. شعراً وترجمةً.
وفي مطلع عام 2021 عقد العزم على “ترجمة مليون كلمة قبل عام 2025″، وكعادته بالمسارعة في الإنجاز والعطاء، نجح في تحقيق وعده قبل الموعد المحدد بعامين اثنين.
أفلا يستحق هذا الإنجاز الاحتفاء والتكريم؟
نحتفي اليوم بالمهندس عبدالله الرخيص، نموذجاً لكفاءة المبادرات الفردية في مجال الترجمة، وأهميتها في تعضيد الجهود المؤسسية لهذا المسار الحضاري الملحّ. فالترجمة ثقافة.