جدة – صالح الخزمري
عبر ست جلسات وعلى مدى يومين قدم الباحثون أربعة وعشرين بحثا رصينا عن: الحراك الأدبي والنقدي للصالونات الثقافية في المملكة العربية السعودية، ضمن ملتقى قراءة النص الذي ينظمه نادي جدة الأدبي في نسخته التاسعة عشرة، مشيدين بأصحاب هذه الصالونات الأدبية الذين قدموا من مالهم ووقتهم الكثير لتصبح رافدا مهما للثقافة في بلادنا
بداية الملتقى لم يغفل النادي تكريم صاحب أشهر صالون أدبي في المملكة: عبدالمقصود خوجة رحمه الله صاحب منتدى الاثنينية بجدة وأقيمت عنه الندوة التالية:
الندوة
قدم المتحدثون من خلال الندوة المصاحبة لحفل الافتتاح شهادات عن الراحل عبدالمقصود خوجة مشيدين ومستذكرين ما قدمه للثقافة والأدب من خلال صالونه الشهير: الاثنينية، مستذكرين الدور الكبير له في إذكاء جذوة الثقافة والأدب والفكر بتكريم عدد من الرموز الأدبية والثقافية والفكرية ليس على مستوى الوطن ولكن على المستويين العربي والعالمي.
د. مدني علاقي أكد أن عبدالمقصود خوجة رحمه الله رجل اهتم بالثقافة والعلوم، وهو مواطن من الدرجة الأولى وقد استمتعت بحضور أمسيات الاثنينية، وقال إن الاثنينية حرصت على استقطاب كل الأطياف ولم تميز أحدا على أحد كما أنها لم تميز بين الرجال والنساء واقترح تكريمه بما يليق بما قدمه.
من جانبه أكد د. عبدالمحسن القحطاني على ثنائية عبدالمقصود خوجة والاثنينية وقال لم أعرف عبدالمقصود خوجة بمعزل عن الاثنينية، رزقه الله أناقة الأخلاق وكان يحتفي بالكل، وقد كرم عبدالفتاح أبومدين وكرمني وعددا من أعضاء نادي جدة الأدبي وتحدث عن التوأمة بين النادي والاثنينية حيث كان النادي فرحا بهذه التوأمة وكان ضيوف ملتقى قراءة النص لهم يوم لزيارته ومهما تكلمت عنه فلن أوفيه حقه.
ويضيف د. عبدالله المعطاني لما ذكره د. علاقي ود. القحطاني أن عبدالمقصود خوجة يحتفي بضيوف النادي ويعتبر نادي جدة الأدبي جزءا لا يتجزأ من الاثنينية، وكان يدعو النساء للاثنينية، وذكر بعض المواقف المشرفة له في خدمة الثقافة، وهناك ملمح من إنسانيته فقد كنا نحن جيل الشباب نلتقي بالرواد وكانت لنا فرصة وكنت أرى عددا من الرواد في الاثنينية، وكان طابع الاثنينية التكريم ولكن كانت تطرح فيها آراء عميقة، وكان عدد من الباحثين يعتبرون الاثنينية مرجعا لهم، وقد اهتم رحمه الله بطباعة عدد من كتب الرواد، إنه رجل صاحب خلق رفيع يحتفي بالجميع، وقد كان يأتي للاثنينية جمع كثير بدون دعوة وقد كانت الاثنينية همه في داخل وخارج المملكة واستشهد بحضوره ومجموعة من المثقفين في كان في فرنسا، وحرصه على تكريم المميزين.
وأضاف المعطاني هذه البلاد ولادة فعبدالمقصود خوجة أدى ما عليه ولدينا الآن عبدالمحسن القحطاني وأمسياته وعندنا د. عبدالله دحلان الذي أعطى من ماله وغيرهم.
وتختتم الندوة د. هيفاء جمل الليل بمواقف عبدالمقصود خوجة مع جامعة عفت حيث تعرفت عليه من خلال المجلس الاستشاري الشرفي وانضمامه للمجلس ثم زادت معرفتها به وحضرت عددا من أمسيات الاثنينية ونادت بتكريمه لأنه قامة من قامات المجتمع وما عمله شيء يفخر به الوطن.
بحوث الملتقى
في الجلسة الأولى سيطرت المجالس الثقافية السعودية ودورها الريادي وقضايا الصالونات النسائية على أوراق هذه الجلسة.
الباحث محمّد القشعمي أشار في ورقته والتي كانت عن “المجالس الثقافية للسعوديين في المملكة وخارجها” أن المجالس الثقافية أو الأدبية بشكل خاص عرفت في بلادنا منذ وقت مبكر
وفي فجر الإسلام وما بعده، مدللاً على هذه الفرضية بما ورد في كتاب الأغاني، ومجمع الأمثال، والإمتاع والمؤانسة، وغيرها. مبينًا أن العصر الحديث عرف المجالس قبل العهد السعودي، مثل مجلس الشاعر عبدالجليل برادة المدني بالمدينة المنورة، مشيرًا كذلك إلى مجالس السعوديين الثقافية في القاهرة ومن أشهرها مجالس: محمد سرور الصبان، وإبراهيم فوده، وعبدالله عبدالجبار، وعبدالله القصيمي، وزكي عمر وغيرهم، وكذلك في العراق والنّجف.
في حين جاءت ورقة سهم الدعجاني والمخصصة عن البحث في “الصالونات الثقافية ودورها في نشر ثقافة الحوار”، لافتًا إلى أن الصالونات الثقافية في المملكة لم تعد تقف عند حدود “المقهى الأدبي”، بل تجاوزها ليمارس دوره بريادة إلى جوار المؤسسات الثقافية الرسمية، كالأندية الأدبية والمراكز الثقافية. مشيرًا إلى أن تلك الصالونات الثقافية اتصف أغلبها بالتنظيم والترتيب في كل شؤونها، بما في ذلك اختيار ضيوفها وعناوينها الفكرية والثقافية. ويخلص إلى القول بأن “الصالونات الثقافية” في المملكة، لم تعد أسيرة للصورة النمطية المعروفة في ذهن المواطن العربي عن “المقهى الأدبي”، حيث أصبحت تقوم بدور أكبر، يؤهلها لأن تتحول إلى ملتقيات أدبية منظمة، تمارس دورها التنويري في تناول قضايا المجتمع.
وحاولت د. منال العيسى في ورقتها استجلاء “اتجاهات الصالونات الثقافية للمرأة السعودية مستشرفة رؤية هذه الصالونات وآفاقها، مقررة في بداية بحثها أن الصالونات الثقافية للمرأة السعودية تشهد حراكًا فكريًا واجتماعيًا ونقديًا، وأن المرأة السعودية استطاعت في تلك الفترة الزمنية المبكرة من تاريخ التغيير الحضاري والفكري في المملكة أن تؤسس صالونات ثقافية خاصة بها، رغم الظروف الصعبة التي تعيشها، وقلة الإمكانيات والدعم الثقافي والفكري لحضورها بشكل مستقل في محافل خاصة بها وبشكل تطوعي غير رسمي، مستشهدة في ذلك بدارة صفية بنت زقر الثقافية في جدة، وصالون الملتقى الأحدي الثقافي النسائي بالرياض على يد هتون الفاسي، وصالون الأربعائيات الثقافي للشاعرة سارة الخثلان، وغيرها.
وتحدثت د. سحر الدوسري عن “دورة حياة الصالونات الثقافية النسائية السعودية”، مقسمة إياها إلى عدة أطوار متباينة من “التدافع الثقافي”، محاولة من ثم إلى مقاربة هذه الأطوار، والظروف التي أسهمت في تشكُّل كل طور من هذه الأطوار، إلى جانب تحديات ومكتسبات كل مرحلة، وما أفضت إليه تلك التحوُّلات على المتلقي وعموم المشهد الثقافي في المملكة، مختتمة ورقتها بجملة من التوصيات التي تعظِّم المكاسب، وتعين على تقليص الخسائر.
وفي الجلسة الثانية قُدمت نماذج من الصالونات الأدبية من بعض مناطق المملكة
حيث تناول د. حسن حجاب الحازمي بحثًا عن المجالس والصالونات الثقافية في منطقة جازان خلال العهد السعودي”، أشار في مستهله إلى أن المجالس والصالونات الثقافية تعد ظاهرة حضارية، تشير إلى تمدّن المجتمع الذي يهتم بها ويقيمها، وتدل على ثقافته ووعيه وحرصه على تبني الثقافة، ودعمها وتطويرها. منوهَا إلى أن المجالس والصالونات الثقافية نشأت في كل مناطق المملكة خلال هذا العهد الزاهر ومن بينها منطقة جازان التي اشتهرت بحبها للعلم والتعلّم، وبكثرة شعرائها وأدبائها
في حين جاءت ورقة د. عائشة الحكمي عن “الصالونات الثقافية الأدبية في تبوك”، مستقية مادة بحثها مما تناثر في الكتب والمجلات والمقالات المبثوثة في موقع البحث العالمي “جوجل”، فضلاً عما قامت به من لقاءات شخصية بأصحاب الصالونات، وسؤال المهتمين بالشأن الثقافي، ومتابعة تقارير النادي الأدبي السنوية، خالصة من ذلك إلى اكتشاف أن “ما وجد من صالونات في تبوك يكاد يكون مغيبًا تمامًا عن الرصد والتوثيق والمتابعة سواء من مثقفي المنطقة أو من المهتمين بمتابعة الشأن الثقافي على مستوى المملكة.
ومن الصالونات في تبوك إلى الرياض في رحلة البحث مع الدكتورة سعاد المانع، التي ركزت ورقتها لمناقشة “الصالونات الثقافية للنساء في الرياض”، مبينة أن أول صالون ثقافي للنساء أنشأته الشاعرة سلطانة السديري، تلته بعد ذلك ملتقيات ثقافية متعددة للنساء منها الأحدية أو “الملتقى الأحدي”، و”مجلس الأميرة نورة بنت محمد”، و”صالون سرلمينا” في منزل الدكتورة نورة الشملان، و”ملتقى الحكايا.
واختار الدكتور محمد بن سلمان القسومي في ورقته “المنتديات الثقافية النسائية رافدة للأدب في المملكة العربية السعودية”، صالون سارة أنموذجًا للبحث والتنقيب، مستجليًا أثر هذا الصالون في الحركة الأدبية في محافظة الخرج والمشهد الأدبي السعودي، من خلال النظر في أنشطته المتصلة بالأدب والنقد، والمسارات التي اختطها، عبر دراسة تحليلية كشفت واقع الحراك الثقافي والأدبي الذي أحدثه.
في حين حملت الجلسة الثالثة: جهود الصالونات الأدبية في الاحتفاء والتكريم
حيث أشار د. محمد المشوح إلى أن قوالب الصالونات والمنتديات تنوعت وتراوحت بين الاحتفاء والتكريم إلى المحاضرات والندوات مرورًا بالشعر والمجالس المفتوحة والمشاركات المتعددة، وشكّل الحوار محورًا رئيسًا مشتركا لجميع تلك المسارات. واتخذ الباحث من ثلوثية محمد المشوح في الرياض نموذجًا للتدليل على فرضيته، مبينًا أن هذه الثلوثية حفلت بالتكريم للرموز من الشخصيات الرسمية والثقافية والفكرية والأدبية والاجتماعية، كما لفت إلى المنجز الاحتفائي الذي نهضت به اثنينية عبدالمقصود خوجة بجدة.
وفي ورقته عن: منتدى الشيخ محمد صالح باشراحيل رحمه الله الثقافي قراءة في المطبوعات والمنجزات قدم د. يوسف العارف لمحة عنه معتبرا أنه من أوائل الصالونات الأدبية حيث بدأ سنة 1393هـ وكان صاحبه علامة بارزة واستمر المنتدى بعد وفاته سنة 1409هـ وحتى الآن، وأضاف أن المنتدى لم يكتفِ بالنشاط المنبري فقط فهناك الجوائز الثقافية.
ومن جانبها ناقشت الدكتورة ميساء الخواجا في ورقتها “الدور الثقافي للصالونات الثقافية النسائية عبر التاريخ”، مبتدرة إياها بالإشارة إلى أن فكرة الصالون الثقافي تقوم على أن تجتمع نخبة من مثقفي دولة سواء كانوا شعراء أو رجال فكر وفنانين في موعد دوري أسبوعي أو شهري، ليعرض كل منهم عملاً ما أو شيئا جديدًا، ويتناقش الحضور في ذلك العمل أو في طرح قضية ما أو أمر مشترك بينهم. منوهة إلى أن ما يلفت النظر في تاريخ تلك الصالونات أن معظمها كان يدار من قبل نساء ينتمين إلى ما يعرف بـ”الطبقة الراقية”، كما أن معظمها أسسته نساء كان لهن تأثير في الحركة الأدبية والفكرية في عصرهن.
وقدم د. عائض الردادي ورقته عبر الزوم بعنوان: ندوة الرفاعي.. أم الندوات مشيرًا إلى أن ندوة عبدالعزيز الرفاعي تمثّل أوّل المنتديات في المملكة، وأن صاحبها كان يصفها بأنها “جلسة عفوية للأصدقاء”، وبقي حتى آخر حياته ينفـي عنها صفة الندوة أو الصالون من باب التواضع، وأحيانا يطلق عليها الخميسية لأنها تعقد يوم الخميس وكانت مقصدّا لكبار رجال الأدب والثقافة من الداخل والخارج، وأحدثت حراكّا ثقافـيّا.
وركزت الجلسة الرابعة على الصالونات الافتراضية وصالون القحطاني والمبارك
تناول د. عبدالله الحيدري في ورقته حضور الشعر في ندوة عبدالعزيز الرفاعي ومجلس أوراف الأدبي وقدم مقارنة بين المنتديين من حيث النشأة واستخدام التقنية وكثرة المرتادين من السعوديين وغير السعوديين مضيفا أنه يفصل بين المنتديين حدود ستين سنة ويذهب الحيدري إلى القول بأنه ثمة خيوط تربط بين المجلسين تتمثل في الطابع الأدبي المحض تقريبًا هو الغالب على الندوتين أو المجلسين، وأن المؤسسين كلاهما من المشتغلين بالأدب والتأليف الأدبي.
وفي ورقة د. رانية العرضاوي حول الحوار الثقافي والنقدي في الصالونات الثقافية: الصالونات الافتراضية في المملكة نموذجا بين عامي 2019 و 2022 بينت أن الصالونات الثقافية تعد واحدا من المنابر الحوارية الفاعلة في تحقيق هذا الدور للحوار الثقافي والنقدي؛ وساهم في انتشارها الوجود الافتراضي لها في فترة جائحة كوفيد19.
وناقش د. ياسر أحمد مرزوق موضوع الحوار الثقافي والمجتمعي، متخذًا من أسبوعية عبدالمحسن القحطاني الثقافية نموذجًا لذلك من خلال أجزاء كتاب الأسبوعية، مقررًا في البداية أن موضوع الحوار الثقافي في الآونة الأخيرة ظهر بشكل لافت وكان من أبرز الموضوعات المطروحة، بل لعله من أكثر الموضوعات الفكرية نقاشًا وتداولية بسبب ما اعترى العالم اليوم من صراعات ونزاعات على مستوى المعتقد والفكر واللغة.
وقدمت الباحثة علياء المبارك ورقة تناولت “الحراك الأدبي والنقدي للصالونات الثقافية في المملكة”، من خلال نموذج “الأحدية” في مدينة الأحساء، مشيرة إلى أن “الأحدية” تعد أنموذجًا للمجالس الأدبية في المملكة، حيث أسهمت في تقدم الحركة الأدبية والنقدية، ويتضح ذلك من خلال المحاضرات الأسبوعية التي كانت ترعاها، وأشارت إلى اهتمام الأحدية بالشعر والذي يهتم بقضايا الأمة.
الجلسة الخامسة
وشهدت مشاركة د. عبدالله حامد، بورقة تناولت “أسبوعيات مجلس الأمير خالد الفيصل في عسير من المشاهدة إلى الشهادات استحضر في سياقها الجلسات الأسبوعية التي كان يعقدها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل عندما كان أميرا لمنطقة عسير في مجلسه أسبوعيا في مدينة أبها؛ مشيرًا إلى أن الجلسات تنوعت بين جلسة العلماء، والقضاة، وأصحاب التخصصات الشرعية، يوم السبت، والأدباء والمثقفين وأساتذة الجامعات يوم الأحد، وجلسة شيوخ القبائل يوم الاثنين، وجلسة رؤساء الدوائر الحكومية يوم الثلاثاء، مركزًا في ورقته على جلسات يوم الأحد المخصصة للأدباء والمثقفين وأساتذة الجامعات.
أما الدكتورة بشائر السنيني فرصدت في ورقتها الدلالات الاجتماعية والحضارية للصالونات الثقافية بين الماضي والحاضر من خلال استجلاء الدور الذي اضطلعت به الصالونات الثقافية في المجتمعات التي نشأت بها قديمًا وحديثًا، وأهميتها في نقل الوعي إلى مراحل متقدمة، من خلال ما يدور بين مرتادي هذه الصالونات من نقاشات وحوارات اجتماعية أو أدبية، محللة الأفكار والظواهر وتفكيكها من خلال مناقشة الجذور التاريخية للصالونات الثقافية، وحضور المرأة الريادي على مر العصور في الصالونات الأدبية.
وعلق د. عمر الـمحمـود، في ورقته على أثر الصالونات الأدبية في تشكيل الحراك الثقافي في المملكة، مشيرًا إلى أنه رغم تعدّد الأندية الأدبية وانتشارها في وطننا الحبيب ظلّت الصالونات الخاصة تشكّل ناظمًا لعلاقات الأدباء والمثقفين، وإن لم تشكّل تيارات فنيّة أو فكريّة محدّدة، فإنها ظلّت تؤدّي وظائف متعددة وتحقّق غايات مهمة إضافةً إلى المهمّات الثقافية، لافتًا إلى أن أهم ما يميز هذه الصالونات أنَّ مُلّاكها هم مَن يضعون رؤيتهم وتوجههم الخاص.
وقدم د. صالح أبوعرَّاد قراءة في تجربة منتدى إثنينية تُنومة الثقافية تنظيرًا وتأريخًا وتطبيقًا، في ورقة اشتملت على تجربته الخاصة من خلال مجموعة من الجهود التنظيرية، والتوثيقية التاريخية، والتطبيقـية العملية.
كلمة رئيس النادي د. عبدالله السلمي
أوضح رئيس النادي أ. د. عبدالله السلمي أن الملتقى هذا العام في نسخته التاسعة عشرة حظي بمشاركة نخبة من كبار الأدباء، لا سيما في ظل وجود أبرز النقاد والمختصين من داخل المملكة، مشيرًا إلى أن عنوان الملتقى يستجيب لتطلعات المشهد الثقافي.
وهذا الملتقى شجرةً ريانة الأفرع دائمة النضرة والخضرة.. وضع بذرة هذا المنجز عبدالفتاح أبومدين، في أرض النادي الخصبة، ثم سقاه عرقُ المخلصين وأرق حاملي رسالة الأدب من بعده حتى بلغ دورته التاسعة عشرة ولقد اخترنا هذا العام موضوعًا هو الأكثر حضورا والأجدر دراسة ونقدا وقراءة وبحثا، وهو (الحراك الأدبي والنقدي للصالونات الثقافية في المملكة العربية السعودية)؛ مدركين أن هذه الصالونات قد أنتجت ما يخدم ثقافتنا ويثبّتُ أطناب هويتنا، ويرفع منزلة مبدعينا، ويبني جسورا مع آخر كنا نراه ونسمعه ونحرّم ملامسته أو نرتعد منه، فقربته منّا رؤية طموحة ونظرة ثاقبة، وواقعٌ عصري يؤمن بالتواشج الحضاري الكوني.
إذا كانت جدة عروسًا تعيش أفراحها الدائمة بلا كلل أو ملل فلا أحسبها تخلع عن جيدها قلائد الجمال وأوشحة الإبداع، بل لها الحق كعروس أن يستخفها نزق الإبداع فهي بأبنائها تستحق وبناديها تحلق كانت وما زالت وستظل محجًا للأدباء ومقصدًا للنقاد والشعراء، وهم على منبر ناديها وإثنينيها بين المصلي والمجلي.
وكان من أبرز أهداف ملتقى النص ترسيخ ثقافة تكريم الرموز الثقافية والأدبية وإبراز جهودهم ومنجزاتهم لتقرأها الأجيال القادمة ولتشكل أنموذجًا للقدوات الرائدة في المشهد الثقافي والوطني، حيث إن ملتقى قراءة النص له أثر فاعل في الحراك الثقافي والأدبي والنقدي على مستوى السعودية والعالم العربي.