حلّ المستشار الألماني أولاف شولتز الأحد بباريس حيث استقبله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإحياء الذكرى الستين لمعاهدة الإليزيه التي أرست المصالحة بين البلدين. وبالمناسبة، تعهدا بأن يدعم بلداهما أوكرانيا “مادام ذلك ضروريا” وبشكل “ثابت” ضد العدوان الروسي.
وفي مؤتمر صحافي مشترك بعد اجتماع في قصر الإليزيه، أكد ماكرون أن باريس لا تستبعد تسليم دبابات لوكلير القتالية الثقيلة لأوكرانيا لدعمها في الحرب ضد روسيا، في حين تطلب كييف دبابات خصوصا من طراز “ليوبارد 2” من ألمانيا. وقال: “في ما يخص دبابات لوكلير، طلبت من وزير الجيوش العمل على الموضوع. لا شي مستبعدا”.
من جهته، قال شولتز ردا على سؤال حول إرسال دبابات “ليوبارد 2” إلى أوكرانيا، “إن الطريقة التي عملنا بها في الماضي كانت دائما منسقة بشكل وثيق مع أصدقائنا وحلفائنا وسنواصل التحرك بناء على الوضع الملموس”.
كما أعلن ماكرون بأن فرنسا وألمانيا حددتا “نهجا مشتركا” لصالح رد أوروبي “طموح وسريع” على المساعدات الأمريكية للشركات في مجال الانتقال إلى الطاقة النظيفة. وقال إن هذا الإجراء يجب أن يستند إلى “البساطة ورؤية أكثر وضوحا وأنظمتنا لتقديم المساعدة” و”توفير الأدوات المناسبة للتمويل العام والخاص”.
ويسعى ماكرون منذ أشهر لإقناع الدول الأوروبية وعلى وجه الخصوص ألمانيا بإطلاق خطة ضخمة مثل خطة الولايات المتحدة لتجنب تراجع الصناعة في أوروبا.
كما أعلن ماكرون عن توسيع مشروع خط أنابيب “H2Med” (هيدروجين المتوسط)، والذي يهدف لزيادة استخدام الهيدروجين في القارة الأوروبية، من دول من الجنوب الغربي الأوروبي إلى ألمانيا. وقال الرئيس الفرنسي: “قررنا توسيع مشروع +H2Med+ الذي سيربط، بفضل تمويل أوروبي، البرتغال وإسبانيا وفرنسا (…) بألمانيا التي ستكون شريكة في استراتيجية البنى التحتية هذه في مجال الهيدروجين”.
وكان شولتز قال خلال احتفال بالسوربون في الذكرى الستين لتوقيع معاهدة المصالحة بين ألمانيا وفرنسا: “سنواصل تقديم كل الدعم الذي تحتاج إليه أوكرانيا ما دام ذلك ضروريا”. مضيفا: “معا، بوصفنا أوروبيين، بهدف الدفاع عن مشروعنا للسلام الأوروبي”. من جانبه، أكد ماكرون تقديم “الدعم الثابت” من جانب البلدين إلى الشعب الأوكراني “في جميع المجالات”. وأضاف: “بعد 24 فبراير/شباط، لم ينقسم اتحادنا ولم يتنصل من مسؤولياته”.
كما دعا الرئيس الفرنسي إلى أن تكون فرنسا وألمانيا “رائدتين من أجل إعادة تأسيس” أوروبا. وقال خلال استقباله شولتز لإعادة إطلاق الشراكة بين بلديهما: “يجب أن تصبح ألمانيا وفرنسا رائدتين من أجل إعادة تأسيس قارتنا الأوروبية لأنهما مهدتا طريق المصالحة”، مشددا على ضرورة “بناء نموذج جديد للطاقة” وتشجيع “الابتكار وتكنولوجيات الغد” والدفع باتجاه “اتحاد أوروبي قادر على إثبات نفسه كقوة جيوسياسية كاملة في مجالات الدفاع والفضاء والدبلوماسية”.
وتأتي الزيارة في أعقاب تصريحات لبيربل باس رئيسة البوندستاغ (مجلس النواب الألماني) تحدثت فيها عن إحياء التحالف الفرنسي-الألماني بوصفه “محرك أوروبا” وعن ضرورة “إظهار القدرة على التحرك الدولي واستعادة الأمن المشترك”.
كما تأتي بعد فشل الحلفاء الغربيين الداعمين عسكريا لأوكرانيا خلال اجتماعهم الجمعة بقاعدة رامشتاين الأمريكية في ألمانيا، في التوافق على تسليم كييف دبابات ثقيلة، لعدم موافقة برلين.
والاحتفال الذي جرى في جامعة السوربون يهدف إلى إظهار الوحدة المستعادة بين البلدين بعد أن توترت علاقتهما في الأشهر الأخيرة بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا.
كذلك، أعلن المستشار الألماني أن “المستقبل، كما الماضي، يعتمد على تعاون بلدينا كمحرك لأوروبا موحدة”، واصفا “المحرك الفرنسي-الألماني” بأنه “آلية تسوية” تسمح بـ “تحويل الخلافات والمصالح المتباينة إلى عمل متقارب”.