محمد الغشام – الجزيرة
شهدت انطلاقة اليوم الأول لملتقى “دراية”، الذي تنظمه جائزة الأميرة صيتة للتميز بالعمل الاجتماعي خلال الفترة من 3 إلى 5 يناير الجاري، فعاليات وجلسات حوارية متنوعة، تناولت العديد من الملفات والقضايا التي تمس المجتمع وأفراده، وكيفية مواجهة تقلبات الحياة ومواقفها غير المتوقعة والخطرة اجتماعيًّا ونفسيًّا وصحيًّا وتقنيًّا وحقوقيًّا وأمنيًّا.. فيما شهدت الجلسات مشاركة أمهر وأكفأ المختصين في الجهات المختلفة للاستفادة من خبراتهم.
وتضمَّنت الفعاليات 3 جلسات حوارية رئيسية؛ إذ جسَّد لقاء “إعلام المواقف ودبلوماسية المخارج” المهارات المعرفية والحس الصحفي، وأبرز المهارات المطلوبة لأي إعلامي في مواجهة الأزمات والتعامل معها. وقد شارك في جلسة الحوار الدكتور سعيد بن صالح الغامدي، والدكتور تركي بن فهد العيار من قسم الإعلام بجامعة الملك سعود.
وأكد المحاضران أن المهارات المطلوبة للإعلامي لمواجهة مختلف المواقف متعددة ومتنوعة وفقًا لكل قطاع إعلامي، وسلَّطا الضوء على الممكِّنات الإعلامية للتعامل مع المواقف الحرجة، مثل التخصص والكفاءة العلمية، إضافة إلى مهارة الإقناع، وهي مهارة شخصية، يستطيع الإعلامي اكتسابها بالتجربة والتدريب والاحتكاك مع أصحاب الخبرة والتخصص.. مبرزَين حاجة الإعلامي إلى منظومة عمل متكاملة، تؤمن به وبقدراته، وتوفر له كل الدعم والإمكانات، سواء المادية أو البشرية؛ حتى يقوم بمهمته بأفضل صورة؛ ليواكب المتغيرات الاجتماعية والعالمية وتحولات الذكاء الصناعي والتقنية السيبرانية.
وفي منعطف آخر من اللقاء تناول المحاضرون مفهوم المواقف الرمادية، وكيفية التعامل معها، إضافة إلى كيفية التعامل مع الأخبار المزيفة، أو غير الموثوقة، أو مجهولة المصدر.. وغيرها من الكيفيات والآليات الضرورية في مواجهة المواقف عطفًا على مقارنة سريعة بين أدوار الإعلامي والدبلوماسي، والتقاطعات التي تجمع بينهما، ومتى يكون الإعلامي دبلوماسيًّا.
وفي الجلسة الحوارية الثانية طرح متخصصون تساؤلات حول إعادة التمكين التقني لذوي الإعاقة، ومنحهم فرص التعليم والعمل الاستقلالي بتسخير التقنية في سبيل تيسير أعمالهم ومتطلباتهم اليومية؛ إذ تناولت الندوة التي قدمتها المستشارة في جمعية تواصل منيرة الغامدي، والمهتم بالشأن التقني المهندس خالد الغبيش، العديد من الشواهد اليومية التقنية في حياة ذوي الإعاقة، وكيفية جعلها عاملاً متميزًا وجاذبًا في المجتمع من خلال مساعدتهم وتمكينهم.
وأشار “الغبيش” إلى كيفية التحكم في الأجهزة عبر إنترنت الأشياء لذوي الإعاقة من خلال كيفية التواصل مع تلك الأجهزة من قِبلهم، سواء بالضغط أو بالرمش بالعين، وتحويل ما يستخدمه المعاق إلى عالم ذكي رقمي.. مستشهدًا بالعديد من المواقف والتطبيقات التي طُبّقت للعديد من ذوي الاحتياجات، التي سهّلت عليهم العديد من الأعمال. وعدَّ أن التدريب باستخدام الروبوت قد يكون إحدى التقنيات الحديثة التي يمكن استخدامها لتوسيع مداركهم، إضافة إلى أجهزة الكمبيوتر صغيرة الحجم التي تركَّب لها حساسات وبرمجة، وتساعد في مراقبة صحة وسلامة ذوي الاحتياجات أثناء نومهم، أو قياس حرارة جسمهم؛ لتسهيل أمور حياتهم المختلفة.
ومن جانبها، استعرضت “الغامدي” تجربتها مع ابنها المصاب بالتوحد بتعلقه الكبير بالأجهزة، ومحاربتها الكبيرة حتى يبعد عنها؛ وهو ما جعلها تعمل على تطويع الأجهزة بشكل إيجابي للاستفادة من التقنية.
وتناولت ثالث الجلسات الحوارية داخل أروقة ملتقى “دراية” قضية “التدخين”. وقدَّم الجلسة كل من الدكتور فهد الخضيري، والدكتورة رؤى طلال، وتناولا أنواع التدخين ومشاكله الصحية على الفرد والمجتمع.
وأوضح “الخضيري” و”طلال” خلال فعاليات الجلسة الحوارية أن تدخين التبغ من أكثر أشكال التدخين شيوعًا في العالم، وهو أحد الأسباب المؤدية إلى الوفاة والأمراض غير المعدية على الصعيد العالمي، كأمراض القلب، والأوعية الدموية، وسرطان الرئة المزمن، وداء السكري، ومشاكل الفم واللثة، إلى جانب ما يسببه للسيدات المدخنات من أمراض تشوهات الأجنة، والإجهاض، والخلل الهرموني.. وشدَّدا على أهمية دور أولياء الأمور في الحوار والمصارحة مع الأبناء؛ إذ إن 40٪ من مشاكل بداية تدخين المراهقين تكون بسبب عدم سماع والديهم لهم، وانشغالهم عنهم.
وجرى خلال الجلسة بلورة دور جمعية “نقاء” في توفير الأدوية، المساعدة على الإقلاع عن التدخين، وتقديمها للمواطنين بالمجان، ودور مشروع العيادة المتنقلة الذي تسعى فيه وزارة الصحة لتقديم خدمة الإقلاع بصورة أسهل وأكثر انتشارًا، وزيادة عدد المستفيدين، وذلك بالوصول إلى أماكن وجود المدخنين بالأعداد الكبيرة، مثل: أماكن العمل، والمراكز التجارية، وأماكن التنزه.
يُذكر أن ملتقى “دراية” يشكِّل إحدى مبادرات “جائزة الأميرة صيتة للاهتمام بجودة الحياة، من خلال توفير بيئة اجتماعية جاذبة وإيجابية، وتحسين ممارسات الأفراد اليومية في كل المجالات المختلفة، وتعزيز دورهم الفعال في مواجهة تقلبات الحياة ومواقفها غير المتوقعة، وكذلك توفير الحلول العلمية السليمة والتوعوية بسبل الوقاية، وتحقيق المعرفة من خلال المحاكاة الفاعلة في ميادين الحياة المختلفة.