بين الفينة والأخرى تطل علينا أوروبا بوجهها الآخر الذي تحاول جاهدةً إخفاءه.. إنه العنصرية المقيتة.
هذه المرة يبرز ذلك الوجه في فرنسا، وتحديدًا في مواجهة لاعبي المنتخب الفرنسي ذوي البشرة السمراء، بعد أن برز في ألمانيا وبريطانيا و…
فمع كل إخفاق للمنتخب الفرنسي في مشاركاته، وفشله في تحقيق أهدافه، يتعرَّض عدد من لاعبيه ذوي البشرة السمراء لحملات من العنصرية، يقودها مجموعة متفرقة من الأشخاص داخل المجتمع الفرنسي.
وتكررت هذه الحالة مرة أخرى مع خسارة منتخب “الديوك” نهائي مونديال 2022 على يد الأرجنتين بركلات الترجيح. وهذه المرة الضحايا كانوا النجوم أصحاب البشرة السمراء الذين أضاعوا ركلات ترجيحية، مثل كينغسلي كومان وأوريليان تشاوميني، ومن أضاع الفرصة المحققة أمام المرمى قبل نهائية اللقاء بقليل، المهاجم كولو مواني. فقد تعرَّض هؤلاء اللاعبون من المنتخب الفرنسي (وصيف بطل العالم) لأقذع الانتقادات، وأبشع الحملات العنصرية، التي شككت في انتمائهم، وتم استعمال رموز تعبيرية على شكل قردة، أو تعليقات تتضمن تصريحات قديمة لسياسيين يمينيين متطرفين، تحذر من تغيير صورة المنتخب الفرنسي من الأبيض إلى الأسود!
ووفقًا لـ”سكاي نيوز عربية”، وصل الأمر ببعض المشاركين في هذه الحملة العنصرية إلى المطالبة بترحيل اللاعب الفرنسي كينغسلي كومان إلى إفريقيا تحت شعار “أعيدوهم إلى إفريقيا”!
وهذا الوجه القبيح كان حاضرًا حتى قبل انطلاقة مونديال 2022؛ إذ أطلت بوادر الحملات العنصرية عندما تسبَّب كامافينغا لاعب منتخب فرنسا (الأسمر) في إصابة زميله كريستوفر نكونكو (الأبيض) مهاجم لايبزيغ الألماني خلال التدريبات؛ وبالتالي غيابه عن كأس العالم؛ فقد شُنَّت حملة شرسة على كامافينغا، وتم تذكيره بأصوله الإفريقية بأبشع النعوت؛ وهو ما دفع اللاعب نكونكو لنشر تغريدة عبر حسابه الخاص على تويتر، يدافع فيها عن زميله قائلاً: ” كامافينغا مستهدف بحملة غير عادلة، ويجب أن تكون كأس العالم لحظة توحُّد لا انقسام”.
حتى نجم المنتخب الفرنسي كيليان مبابي لم يسلم من تلك الحملات، التي يبدو أنها متغلغلة في عقول أبناء أوروبا؛ إذ تعرَّض في صيف 2021 إلى حملة عنصرية بعد أن تسبب في خسارة منتخب “الديوك” أمام سويسرا خلال بطولة كأس الأمم الأوروبية “يورو 2020″؛ وذلك عندما أضاع أكثر من فرصة في اللقاء، إضافة إلى إهدار ركلة ترجيحية؛ إذ تم نعته بـ”القرد القذر” عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ وهو ما دفعه لإعلان رغبته في اعتزال اللعب دوليًّا، والتوقف عن المشاركة مع المنتخب الفرنسي رغم صِغَر سِنه، وتألقه مع فريقه باريس سان جرمان.
وتقدم اللاعب بدعوة قضائية ضد الأشخاص الذين أساؤوا له، في الوقت الذي لم يتخذ فيه الاتحاد الفرنسي أية إجراءات قانونية لحماية لاعبه من الحملة العنصرية.
وقبل سنوات، وبالتحديد خلال فترة عمل المدرب لوران بلان على رأس الجهاز الفني للمنتخب الفرنسي بين 2010 و2012، تم تسريب تسجيل صوتي، يفيد بأن المدرب وبعض المسؤولين في فرنسا يرغبون في الاعتماد على اللاعبين البيض بشكل أكبر، في إشارة واضحة للتوجه العنصري داخل منتخب “الديوك”.
وتكرر الأمر خلال فترة المدرب ريمون دومينيك، بين 2004 و2010، خلال أحداث كأس العالم بجنوب إفريقيا عام 2010، عندما نشبت خلافات حادة بين مجموعة من اللاعبين، انتهت في نهاية المطاف بطرد نيكولا أنيلكا (الأسمر) من المونديال؛ وتولد عن ذلك انشقاق كبير بين اللاعبين من أصول إفريقية مهاجرة وبقية اللاعبين الآخرين بالمنتخب الفرنسي.
وقد حاولت العديد من الأطراف معارضة الحملة العنصرية التي تعرَّض لها لاعبو منتخب فرنسا، وتصدت شخصيات سياسية ورياضية وجهات رسمية وأندية أوروبية للحملة المسيئة، لكن ذلك (التجمُّل) لا يمكن أن يخفي ذلك الوجه القبيح.