الجزيرة – عوض مانع القحطاني
تتحقق التنمية المستدامة ذات البعد الشامل والمتوازن في المناطق بناء على معايير عدة، من أبرزها التخطيط السليم، والتنسيق بين مختلف القطاعات والجهات ذات العلاقة بالمنطقة. وهذه المهام تُسند إلى هيئة تخطيط مركزية، تكون هي المنظِّم للتنمية الحضرية للمناطق. وتتمتع هيئات تطوير المناطق في المملكة بوضوح المنهجية الهادفة إلى التطوير الشامل، وتحقيق مبدأ التكامل لتحقيق تنمية متوازنة واقتصاد مستدام، يتوافق مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.
وانطلاقًا من هذا التوجُّه تبلورت أهداف هيئة تطوير المنطقة الشرقية الاستراتيجية الساعية نحو رسم السياسة العامة لتطوير المنطقة من خلال ترتيب أولويات تنفيذ البرامج والمشاريع، والأخذ بعين الاعتبار الدراسات المطلوبة، بدءًا من فروع الوزارات واختصاصاتها بتطبيق وتنفيذ المشروعات، وإعداد تحليل تفصيلي لتحديد أولوياتها من خلال أسس ونهج موضوعي، حتى إعداد الدراسات والبحوث لاتباع أفضل الممارسات العالمية؛ لتكون متوائمة مع استراتيجية المنطقة وخطتها الشاملة؛ لذا فقد باشرت هيئة تطوير المنطقة الشرقية بوصفها المظلة الجامعة للمشروعات التنموية على مستوى المنطقة، بالشراكة والتعاون مع أمانة المنطقة الشرقية وأمانة الأحساء وأمانة حفر الباطن وفرع وزارة النقل والخدمات اللوجستية والجهات الحكومية ذات الصلة، بالعمل على تخطيط المشاريع ومتطلباتها التنموية، وترتيب أولوياتها، مع الأخذ بعين الاعتبار مصلحة المنطقة كلها.
ولأن الموازنة السنوية لا يتم اعتمادها بشكل مناطقي؛ إذ تقوم الجهات الحكومية بالإنفاق بحسب احتياج الجهة الحكومية، وليس بحسب موازنة المنطقة بشكل شامل؛ لذا فقد تلمست هيئة تطوير المنطقة الشرقية فرصًا للتحسين في مشروع الموازنة التقديرية؛ إذ بدأت الهيئة بمراجعة وتحديد أولويات المشاريع المقترحة من قِبل الجهات الحكومية حسب احتياجات المنطقة، وفتحت مجالات التنسيق المشترك مع الجهات ذات العلاقة؛ بما يضمن تطبيق المواءمة وجدولة المشاريع، وتجنُّب ازدواجية الأعمال. كما بدأت بوضع مخططات ميزانيات المشاريع وفق متطلبات واحتياجات المنطقة التنموية ضمن إطار تكاملي.
وانطلقت هيئة تطوير المنطقة الشرقية وفق هذا التوجُّه بتبنّي المنهجيات والممارسات نحو إعداد مشروع ترتيب الأولويات للمنطقة الشرقية، بتعاون ودعم من وزارة المالية، محققةً بذلك متطلبات رفع كفاءة الإنفاق في الميزانية، والكفاءة في عملية التخطيط، وتحديد أولويات المشاريع، وتحقيق التنمية المتوازنة عبر رؤيتها الشمولية لمشاريع المنطقة.
وقد تمكَّنت هيئة تطوير المنطقة الشرقية وفق مشروع الموازنة التقديرية للمنطقة من تجاوز الكثير من التحديات، بتوحيدها الجهود المبذولة من قِبل الجهات المشاركة لتحقيق استدامة كفاءة الإنفاق، والارتقاء بجودة المشاريع الحكومية في المنطقة. وفي إطار الجهود التنموية باتجاه تحقيق مستهدفات كفاءة الإنفاق، والوصول إلى الاستدامة المالية، بدأت هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية (إكسبرو) بالعمل وفق أهدافها ومهامها بدعم وتمكين جهود شركاء النجاح في هيئة تطوير المنطقة الشرقية، وتفعيل دورها التنظيمي والتنموي في مشروع التخطيط لموازنات المشاريع، الذي نتج منه مشاركة هيئة تطوير المنطقة الشرقية في ورش عمل مع 26 جهة حكومية، تخللها جلسات مناقشة الموازنة المالية، وكذلك العمل على إعداد تحليل تفصيلي عن كيفية وطرق إعداد أولوية المشاريع للأمانات في المنطقة الشرقية.
ونتيجة لجهود التنسيق المشترك، والمواءمة بين الجهات الحكومية في المنطقة الشرقية ودور هيئة تطوير المنطقة الشرقية في إعداد مشروع الموازنة التقديرية للمنطقة وفق المنظور والمخطط الشامل، تم تحقيق أثر مالي في ميزانيات المشاريع، تجاوزت قيمته أكثر من 2.9 مليار ريال؛ ليُستفاد من هذه المبالغ في مشاريع تنموية ذات أولوية، تخدم المنطقة الشرقية، فضلاً عن تحقيق كفاءة الإنفاق من خلال الاستغناء عن عدد من طلبات المشاريع المتكررة؛ الأمر الذي يدفع باتجاه تعميم هذه التجربة ذات الأثر المثمر في تحقيق كفاءة الإنفاق؛ لاعتمادها والسير على نهجها وتطويرها من قِبل هيئات تطوير المناطق الأخرى في مجال تحديد احتياجات المشاريع الرأسمالية في المنطقة قبل اعتماد الموازنة المالية، والمواءمة مع استراتيجية المنطقة.