من المعلوم لدى الأطباء النفسيين أن الكتابة وسيلة ناجعة من وسائل العلاج النفسي، وتنفيس الضغط الهائل داخل مرضاهم.. لكن هل يمكن أن تكون الكتابة وسيلة من وسائل العلاج الجسدي؟..
كشفت دراسات أن العلاج بالكتابة جزءٌ مهمٌّ من مسارات العلاج السلوكي المعرفي، يستخدمها خبراء الصحة النفسية كنوع من العلاج؛ للتخلص من الماضي وآثاره، أو حتى ترتيب الحاضر للتكيف والتعامل معه.
ولا يعتمد العلاج بالكتابة على الأفكار الملهمة، ولا الترتيب المنمق للكلمات، ولا الحشو المبالغ فيه.. لكن العلاج يكون مجديًا عند كتابة الأشخاص ما يشعرون به فعليًّا بدون تكلُّف، وليس ما يجب أن يشعروا به.
أبانت تلك الدراسات أن الأفراد المشاركين فيها، الذين عانوا من حدث مؤلم أو مرهق للغاية، وكتبوا عن تجاربهم الصادمة لمدة 15 دقيقة خلال 4 أيام متتالية، شهدوا نتائج صحية نفسية أفضل، استمرت أكثر من 4 أشهر.
اختبار الكتابة نفسه طُبِّق على مجموعة مكونة من 100 مريض بالربو والتهاب المفاصل الروماتويدي، وكانت النتائج مماثلة؛ إذ شهد المشاركون الذين كتبوا عن أكثر الأحداث إرهاقًا في حياتهم تقييمات صحية أفضل، تتعلق بمرضهم، وفقًا لـ”سكاي نيوز عربية”.
ولتقصي مدى فاعلية الكتابة التعبيرية في مساعدة البالغين على الشفاء السريع، والتئام الجروح بعد العمليات الجراحية، طلب الباحثون من بعض المشاركين، الكتابة عن أحداث وتجارب مؤلمة مروا بها، بينما طُلب من آخرين الكتابة عن نشاطاتهم اليومية الاعتيادية، لمدة 3 أيام بمعدل 20 دقيقة يوميًّا، واكتشفوا شفاء جروح 76 في المئة ممن كتبوا عن تجاربهم العاطفية المؤلمة، مقارنة بنسبة 42 في المئة فقط ممن كتبوا عن أمور اعتيادية أخرى.
نتائج هذه الدراسات يُفسِّرها البروفيسور جيمس بيكر في كتابه “الكتابة التعبيرية – كلمات للشفاء” بأن للكتابة تأثيرًا مباشرًا وفعَّالاً؛ فهي مَنفذ لإسقاط فوضى أفكارنا على الورق، وإخراج المشاعر المكبوتة في الأعماق؛ لنصبح أكثر تحررًا.
وبحسب بيكر، فإن التعبير بالكلمات على الورق، أو حتى على الكمبيوتر، سِحرٌ لن يلمسه إلا مَن مارس الكتابة من أجل التعافي.
*