عكست الأحكام الصادرة من محاكم الأحوال الشخصية بعد تطبيق نظام الأحوال الشخصية الساري قبل نحو شهرين، غياب التفاوت في الأحكام بالإضافة إلى الأثر الكبير بسرعة حسم العديد من القضايا خلال جلسة واحدة، مثل قضايا انفصال الزوجين وما يترتب على الانفصال من نفقة وحضانة وزيارة وغيرها.
وشكل النظام نقلة نوعية كبرى في جهود صون وحماية حقوق الإنسان واستقرار الأسرة وتمكين المرأة وتعزيز الحقوق المكفولة في النظام، أخذًا بأحدث التوجهات القانونية والممارسات القضائية الدولية الحديثة، ويتوقع أن ينعكس إيجابًا على الاستقرار الأسري والاجتماعي في المملكة، من خلال معالجته لجميع المواضيع والقضايا ذات العلاقة، وحسمها بشكل لا يقبل الجدل ولا الاجتهاد.
ويعد نظام الأحوال الشخصية واحدًا من مشاريع وأنظمة عديدة ضمن جهود الإصلاحات التشريعية التي تشهدها المملكة وأعلن عنها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله- في إطار حرص سموه على رفع كفاءة الأنظمة، وتعزيز الشفافية، وتحسين جودة الحياة، وحماية حقوق الإنسان.
ويعالج النظام المشكلات التي كانت تعاني منها الأسرة والمرأة، حيث ينظم العلاقات الزوجية، ومسائل الأحوال الشخصية تنظيمًا دقيقًا بتفاصيلها كافة.
ووفق مختصين فإن النظام سيعمل على ضبط السلطة التقديرية للقضاة، طبقًا لأحدث النظريات والممارسات الدولية في هذا الصدد، والحد من اختلاف الأحكام القضائية، كما يراعي مستجدات الواقع ومتغيراته، ويساعد القضاة على التركيز على تطبيق النظام بدلًا من الاجتهاد في تحديد القاعدة الحاكمة، وهو ما ينعكس على استقرار الأسرة، باعتبارها نواة المجتمع، حتى يكون عنوانها الألفة والرحمة والمودة.
نظام الأحوال الشخصية .. 252 مادة و8 أبواب و 25 فصلاً.. تضمن الحقوق وتكفل الاستقرار الأسري والاجتماعي
يتكون نظام الأحوال الشخصية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/73) وتاريخ 1443/8/6هـ من 252 مادة، على ثمانية أبواب، موزعة على 25 فصلاً شملت كل ما يمس الأحوال الشخصية، وتوزعت على الزواج، وآثار عقد الزواج، والفرقة بين الزوجين، وآثار الفرقة بين الزوجين، والوصاية والولاية، والوصية، والتركة والإرث، وأخيرًا باب للأحكام الختامية تكون من 7 مواد.
حقوق مشتركة للزوجين
حدد نظام الأحوال الشخصية حقوقًا مشتركة بين الزوجين، وذلك ضمن (الفصل الرابع) من الباب الأول المعنون بـ “الزواج”، حيث ألزم كلاً من الزوجين بحقوق الآخر، في الوقت الذي حدد الحالة التي يحق للزوجة الامتناع عن الدخول أو الانتقال إلى بيت الزوجية، وهي عدم قبض ثمن المهر، وعدم تهيئة سكن مناسب، مع أحقيتها بالنفقة خلال هذه المدة.
والحقوق هي:
– حسن المعاشرة بينهما بالمعروف.
– تبادل الاحترام بما يؤدي للمودة والرحمة بينهما.
– عدم إضرار أحدهما بالآخر ماديًّا أو معنويًّا.
– عدم امتناع أحد الزوجين عن المعاشرة الزوجية أو الإنجاب إلا بموافقة الطرف الآخر.
– السكن في بيت الزوجية، بمبيت الزوج فيه وبقاء الزوجة معه.
– المحافظة على مصلحة الأسرة.
– رعاية الأولاد وحسن تربيتهم.
أحكام قضائية وفق نظام الأحوال الشخصية
- وفقًا لنظام الأحوال الشخصية وخلال جلسة واحدة.. الحكم بحضانة أم لأبنائها مراعاةً لمصلحة المحضون
عزز نظام الأحوال الشخصية الصادر مؤخراً حفظ حقوق الطفل ومراعاة مصلحته عند نظر قضايا الحضانة، ومكن النظام المرأة من حضانة أبنائها وفق الضوابط النظامية، وهذا ما حدث في محكمة الأحوال الشخصية بإحدى المناطق، التي نظرت دعوى أم تطلب حضانة أولادها بعد انقضاء العلاقة الزوجية بالطلاق.
المحكمة استمعت لدفوع المرأة المدعية، وراجعت الوثائق المتعلقة بالدعوى كافة، واستندت الدائرة في حكمها على ما نص عليه نظام الأحوال الشخصية في المادة (126) “الحضانة هي حفظ من لا يستقل بنفسه عما يضره، وتربيته والقيام على مصالحه بما في ذلك التعليم والعلاج” وأن الأم لها الأولولية في حضانة أولادها وفق المادة (127) التي نصت على “الحضانة من واجبات الوالدين معاً ما دامت الزوجية قائمة بينهما، فإن افترقا فتكون الحضانة للأم”.
وعليه، فقد حكمت المحكمة من أول جلسة بحضانة المرأة المدعية لأولادها، وجرى إفهامها أنها أصبحت بهذا الحكم؛ لها الحق في مراجعة الأحوال المدنية والجوازات والسفارات وإدارات التعليم والمدارس وغيرها من الدوائر الحكومية، وكل ما من شأنه رعاية شؤون المحضونين.
- وفقا لنظام الأحوال الشخصية.. إنصاف امرأة معضولة ونقل ولايتها للمحكمة لتزويجها
أنصفت محكمة الأحوال الشخصية في إحدى المناطق امرأة ونقلت ولايتها إلى المحكمة؛ لتزويجها بعدما عضلها والدها ومنعها من الزواج.
واستندت المحكمة في حكمها إلى المادة 20 من نظام الأحوال الشخصية التي تنص على “إذا منع الولي -ولو كان الأب- موليته من الزواج بكفئها الذي رضيت به؛ تتولى المحكمة تزويج المرأة المعضولة بطلب منها أو من ذي مصلحة، وللمحكمة نقل ولايتها لأي من الأولياء لمصلحة تراها، أو تفويض أحد المرخصين -وفق الأحكام النظامية- بإجراء العقد”.
وقالت المدعية في دعواها، إن والدها منعها من الزواج من خاطب كفء وصاحب أمانة وخُلق، مؤكدة أنها طلبت منه تزويجها إلاّ أنه رفض، وعليه فإنها تطلب من المحكمة إثبات عضلها ونقل ولاية التزويج للمحكمة.
وقد ثبت لدى المحكمة عضل المدعى عليه للمدعية، فقضت بنقل الولاية للمحكمة، لتزويج المعضولة.
- استنادًا إلى نظام الأحوال الشخصية.. تمكين أب من زيارة ورؤية أبنائه
مكنت محكمة الأحوال الشخصية في إحدى المناطق مواطنا من زيارة ورؤية أبنائه، بعد انفصاله عن زوجته.
واستندت المحكمة في حكمها إلى المادة 134 من نظام الأحوال الشخصية التي تنص على انه “إذا كان المحضون في حضانة أحد الوالدين، فللآخر زيارته واستزارته واستصحابه بحسب ما يتفقان عليه، وفي حال الاختلاف تقرر المحكمة ما تراه”.
وأوضح المدعي أن المدعى عليها تركت المنزل وتقيم في بيت والدها وترفض الرجوع، كما تمنعه من رؤية أبنائه، بعد أن حاول زيارتهم بالطرق الودية.
وقررت المحكمة إلزام المدعى عليها بتمكين المدعى عليه من زيارة الأبناء كل أسبوعين، وفي الأعياد، على أن يكون الاستلام والتسليم في مركز شمل.
يذكر أن مبادرة شمل في وزارة العدل تهدف إلى التيسير على المستفيدين في تنفيذ أحكام الحضانة والرؤية والزيارة ضمن بيئة ملائمة لأفراد العائلة.