رسم وزير الطاقة السعودي ملامح أسواق البترول العالمية في عام ٢٠٢١ بما في جعبته من مفاجآت، ومجرد احتمالية أن يلقي بمفاجأة أخرى قد رفع الأسعار في الأسابيع الأخيرة من هذا العام.
لقد قام الأمير عبدالعزيز بن سلمان قائد تحالف أوبك+ بالرد على مشككي سوق البترول، وذلك باتخاذه قرار إنتاج مناقضا للمتوقع، وكذلك فعل في اجتماع الأسبوع الماضي.
واستجابت منظمة الدول المصدرة للبترول وشركائها لضغوط أمريكا والدول المستهلكة الأخرى، وذلك عندما اتفقت على زيادة الإنتاج عندما لم يتوقع المتداولون أي تغيير، ولكن الأمير جاء بمفاجأة أخرى: الاجتماع رسميا ما زال منعقدًا، مما سيسمح للدول الأعضاء بالاجتماع مجددًا في غضون فترة قصيرة للتراجع عن الزيادة إذا لزم الأمر.
وقال توربيون تورنكفيست الرئيس التنفيذي لمجموعة جانفور: “أرادت أوبك+ أن ترسل رسالة مفادها أنها على أهبة الاستعداد لاتخاذ إجراء سريع في حال تدهور أوضاع العرض والطلب” مضيفًا: “وبذلك، وضعوا حدًا لانخفاض الأسعار”.
وقفزت أسعار العقود الآجلة للبترول منذ اجتماع أوبك+ الذي عُقد الثاني من ديسمبر على الرغم من خطة المجموعة بمواصلة زيادة الإنتاج التدريجي، وعاود سعر خام البرنت بالارتفاع فوق ٧٥ دولارًا للبرميل يوم الخميس في لندن، ويعود سبب ذلك جزئيًا إلى هدوء المخاوف من حدة متحور أوميكرون، لكنه يعود أيضًا إلى احتمالية التدخل المفاجئ للتحالف.
وهذه المفاجأة كانت ختام سلسلة من المناورات هذا العام.
وفي يناير أعلنت الرياض تخفيضا غير متوقع وأحاديا من طرفها في الإنتاج، وكان ذلك القرار منافيًا لرغبة شريكتها في أوبك+ روسيا، ولكن سرعان ما أثبت هذا القرار جدواه مع تأثير الموجة الجديدة للجائحة في تخفيض استهلاك الوقود.
وفي يوليو أعلنت المملكة عن جدول لاستعادة ما تبقى من إنتاج أوبك+ الذي سبق خفضه أثناء الجائحة على هيئة زيادات تدريجية حتى نهاية العام القادم، وكان ذلك تحركا آخر غير متوقع إلا أنه ساهمت في ارتفاع أسعار خام البرنت لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ ست سنوات، مما أنعش إيرادات دول تحالف أوبك+، وتمكنت السعودية في الأشهر الماضية من استعادة إنتاجها بما يقارب مستويات ما قبل الجائحة.
وميل الوزير إلى الكشف عن المفاجآت أكسبه لقب “أمير الحبكة المفاجئة”، وهو لقب أطلقه مصرف RBC Capital Markets، فعندما أعلن الأمير عبدالعزيز ونظيره الروسي في يوليو عن خطة الزيادة التدريجية فوجئ وزراء الدول الأعضاء في أوبك+ بعدما دعوا في البداية إلى دعم وقف الإنتاج، وقال وفود إن عديدا منهم شعروا بالتهميش من التغير الذي حدث في آخر لحظة.
وعلى الرغم من قول الأمير إنه يمقت التقلبات الهائلة للأسعار، إلا أن خططه المبهمة في بعض الأحيان قد فاقمت التقلبات، بما في ذلك فترة التقلبات الهائلة التي سبقت اجتماع هذا الشهر.
لكن عنصر المفاجأة كان استراتيجيةً أساسية للأمير عبدالعزيز، المعجب بالأسلوب الغامض للرئيس السابق لمجلس المحافظين للنظام الاحتياطي الفيدرالي آلان جرينسبان. وأوضح الأمير بصريح العبارة أنه يريد “من هم في ساحة التداول أن يكونوا في أشد حالات القلق” وأن كل من يراهن على أسعار البترول أن “يصرخ ألما”.
ونظرًا لارتفاع الأسعار المستمر فإن قرار الأمير بأن يبقي اجتماع الأسبوع الماضي لأوبك+ منعقدًا، بالإضافة إلى تأكيد استعداده لإجراء أي تغيير في غضون فترة قصيرة يثبت نجاعته فتهديد أوبك+ لوحده بالتحرك دون الحاجة إلى الاجتماع مجددًا قبل اجتماعهم القادم والمقرر عقده في بداية شهر يناير كان كفيلا بردع المشككين المتشائمين بالسوق.
وارتفعت أسعار العقود الآجلة لخام برنت في يوم الثلاثاء بنسبة ٢,٣٪ ، وانخفضت بنسبة ٨,٠٪ لتصل إلى ٧٤,٨٢ دولارًا للبرميل في لندن يوم الأربعاء الساعة ٧:٣٢ صباحًا.
وقالت كبرى محللي البترول في “إنيرجي أسبكتس” للاستشارات أمريتا سين في مقابلة تلفزيونية أجرتها بلومبيرغ: “التكتيك العبقري كان في إبقاء هذا الاجتماع منعقدًا”، مضيفةً: “لن يتحلى أحد بالشجاعة الكافية ليبيع بعد ذلك”.