أكّد معالي وزير المالية الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان أن الجهود التي تبذلها المملكة نحو الاستدامة تأتي على رأس أولويات سياسات وأجندة رؤية المملكة 2030 خلال الأعوام الماضية، مبيناً أن المملكة لم تتعامل مع موضوع الاستدامة بشكل مباشر فحسب، بل أيضاً بشكل غير مباشر عبر الأسواق المالية، ونؤمن بأنّ القطاع المالي يعد أحد المُمكّنات الرئيسية؛ لتعزيز جهود المملكة لتحقيق أهدافنا نحو الاستدامة.
وقال في الكلمة الختامية للفعالية المركّزة الأولى من سلسلة “حوارات مؤتمر القطاع المالي”، ألقاها نيابة عنه مساعد وزير المالية للسياسات المالية الكلية والعلاقات الدولية عبدالعزيز بن متعب الرشيد: “أتحدث لكم بصفتي رئيس برنامج تطوير القطاع المالي -أحد برامج تحقيق رؤية 2030- وأسعد بالقول بأنّنا راجعنا إستراتيجيتنا والتزاماتنا؛ لتتضمن الاستدامة كهدف رئيس أثناء تطويرنا الكلي لنظامنا المالي، كما أطلقنا مبادرة “الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وانعكاساتها في النظام المالي العالمي، والاستدامة المالية في المملكة، بهدف تزويد قطاعنا المالي بالأدوات الضرورية لتعزيز وتدعيم قدرات المملكة في مجال استدامة التمويل والاستثمار”.
وبين معاليه أن هذه المبادرة تعد جزءاً بسيطاً من مبادرات برنامج تطوير القطاع المالي؛ والتزاماتنا تجاه الاستدامة المالية في نمو كبير، ونجاح هذا المؤتمر يعد بمثابة خطوة أساسية في رحلة التحول نحو الاستدامة المالية، وكما قرأتم أو سمعتم جميعاً؛ بدأت عدة أنشطة مالية مستدامة بالظهور إعلامياً في المملكة وخارجها.
وأضاف: “شهدنا جميعاً الإصرار والالتزام من عدة مؤسسات حكومية لإطلاق “السندات الخضراء”، كما شهدنا جميعاً قيام عدة شركات مدرجة في أسواق تداول السعودية بوضع مفهوم “الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وانعكاساتها في النظام المالي العالمي” على رأس أولويات إستراتيجياتها، وكمثال على ذلك من القطاع الخاص؛ أصدرت شركة الكهرباء السعودية شرائح ثنائية عالمية من الصكوك الخضراء بقيمة 1.3 مليار دولار أمريكي، التي تم الاشتراك بها بأربعة أضعاف المتوقع، وثُمنّت بـ 10 و15 نقطةً داخل منحنى العائد الخاص بشركة الكهرباء لـ5 و10 سنوات للشرائح بشكل متتالي”.
واستطرد قائلاً: “قبل عام واحد عملت المملكة لأول مرة مالياً نحو مفهوم “الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وانعكاساتها في النظام المالي العالمي” في شهر 7 عام 2020م، من خلال صفقة تجاوزت قيمتها 250 مليون دولار أمريكي؛ لشراء باصات المواصلات العامة، كما وظفت أكثر الشركات الاستشارية خبرةً ومعرفةً لبناء مخطط “الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وانعكاساتها على النظام المالي العالمي”، بالإضافة إلى قيام صندوق الاستثمارات العامة بتوظيف خمسة مستشارين لإستراتيجيتها في زيادة رأس المال على المدى المتوسط، ويجري العمل على إطلاق مؤشر “الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وانعكاساتها على النظام المالي العالمي” في أسواقنا المالية المحلية بواسطة تداول السعودية، والعديد من الأنشطة في مجال الاستدامة المالية في المملكة”، مرحباً بالمشاركة في برنامج تطوير القطاع المالي، بالمحاذاة مع الشركاء المهمين للبرنامج، وهم وزارة المالية، والبنك المركزي السعودي، وهيئة سوق المالية؛ لنكون الصف الأول في العمل على تطوير النظام المالي المستدام في المملكة العربية السعودية.
وأفاد الأستاذ الجدعان أنّ بناء مخطط النظام المالي المستدام للمملكة يعد خطوةً إستراتيجيةً في مسيرة رؤية المملكة 2030 نحو الاستدامة والالتزام بمفهوم “الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وانعكاساتها على النظام المالي العالمي، مفيدًا أن إعلان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع عن مبادرة “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر” تظهر بوضوح خارطة الطريق لحماية البيئة، وسيتم الإعلان عن المزيد من التفاصيل لاحقاً.
وبين معالي وزير المالية أنّ الطاقة المتجددة تقع في قلب متطلبات الطاقة للمشاريع الضخمة، بالإضافة للفاعلية والدقة التي تقودها تطبيقات التكنولوجيا المتقدمة؛ التي ستعمل على جذب التمويل المستدام، وتعد شركة تطوير البحر الأحمر مثالاً واضحاً؛ إذ ستقوم بتأمين قرض بحوالي 14.120 مليار ريال، وأول “ريال بواسطة التسهيلات الائتمانية للتمويل الأخضر”.
وقال وزير المالية: “قمنا بتطبيق حلول مالية مستدامة ومبتكرة لتصميم البيئة بشكل لا يستدعي – كمثال – دفع الأموال للشركات؛ لتجديد الإضاءة أو وحدات التكييف في المدارس والمستشفيات والمباني الحكومية؛ بل يتم مشاركة نسبة مئوية من توفير الطاقة، كما أنّنا نرى عائداً في النفقات الرأسمالية في فترة لا تتجاوز العشرين شهراً، بعد تطبيقنا لأحدث التكنولوجيات في مجال تحلية المياه؛ وذلك بسبب تحسن فاعلية الطاقة، وندرك تماماً بأنّ الرحلة لا تزال طويلة، وأنّ هناك العديد من الأمور التي يجب العمل بها؛ ولذلك تتعهد الحكومة بمضاعفة جهودها؛ لتحقيق وعودها وأعمالها التي أعلنت عنها”.
وأضاف: “نحن ملتزمون اليوم كلياً للعمل مع الحكومات والمنشآت التجارية حول العالم؛ لتزويد أنفسنا وأجيالنا القادمة، والعالم بأسره باقتصاد أكثر استدامة، ويقوم على مفهوم “الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وانعكاساتها في النظام المالي العالمي”، والتمويل المستدام، والمملكة مصرة على الريادة والقيادة قولاً وفعلاً.