وجه مهرجان البندقية السينمائي رسالة دعم جديدة للقضايا النسوية من خلال منحه بإجماع أعضاء لجنة التحكيم جائزة الأسد الذهبي للمخرجة الفرنسية أودري ديوان لفيلمها “ليفنمان” عن الإجهاض، بعد شهرين على نيل مواطنة لها جائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان.
وقالت المخرجة الفرنسية من أصل لبناني البالغة 41 عاما خلال تسلمها الجائزة “للأسف، عندما تقاربون موضوع الإجهاض ستكونون دائما في قلب الأحداث”.
وأضافت ديوان “أنجزت هذا الفيلم بغضب ورغبة، أنجزته من كل قلبي وروحي”، وقد “أردت أن يكون العمل بمثابة تجربة” و”رحلة إلى شخصية هذه الشابة”.
وقد نالت ديوان هذه الجائزة خلفا للسينمائية الأميركية -الصينية كلويه جاو الفائزة بالأسد الذهبي العام الماضي عن فيلم “نومادلاند” الذي حقق لاحقا انتصارا كبيرا في جوائز الأوسكار.
وبعد أربع سنوات على قضية واينستين التي أطلقت مراجعة شاملة في قضايا التحرش والتمييز ضد النساء في عالم السينما، تبدي المهرجانات السينمائية الكبرى انفتاحا متزايدا على أعمال المخرجات.
فقد منح مهرجان كان السينمائي في تموز/يوليو جائزة السعفة الذهبية للمخرجة الفرنسية الشابة جوليا دوكورنو عن فيلمها “تيتان” ذي التوجه النسوي.
وتدور أحداث “ليفنمان” المقتبس من سيرة ذاتية تحمل العنوان عينه للروائية أني إرنو خلال ستينات القرن العشرين قبل تشريع الإجهاض في فرنسا.
وهو يظهر مسيرة طالبة شابة حامل تؤدي دورها الفرنسية الرومانية أناماريا فارتولومي.
ويشكل “ليفنمان” ثاني أفلام أودري ديوان بعد “مي فوزات فو” الذي روت فيه قصة زوجين شابين يعانيان مشكلات إدمان سنة 2019.
وكتبت هذه الصحافية والروائية أعمالا تلفزيونية كما شاركت في كتابة سيناريو أفلام فرنسية عدة بينها “باك نور” الذي يُعرض حاليا على الشاشات الفرنسية ويتناول العنف الممارس من الشرطة.
وباتت ديوان رابع مخرجة تفوز بالجائزة الأبرز في مهرجان البندقية السينمائي منذ العام 2000.
جين كامبيون ومارادونا
وقد تطرقت أفلام أخرى توجها المهرجان هذا العام إلى قضايا النسوية والعلاقة بين الجنسين، كما الحال مع فيلم “ذي باور أوف ذي دوغ” للنيوزيلندية جين كامبيون التي فازت بجائزة أفضل إخراج بعد 28 عاما على نيلها السعفة الذهبية عن فيلمها “ذي بيانو”.
الفيلم الجديد، وهو الأول لكامبيون منذ 2009، مقتبس من كتاب لتوماس سافاج مع بنديكت كامبرباتش وكيرستن دانست، وتعالج فيه المخرجة النيوزيلندية قضايا مرتبطة بالعقلية الذكورية المؤذية في المجتمع.
هذا العمل هو من إنتاج “نتفليكس”، على غرار فيلم “ذي هاند أوف غاد” للإيطالي باولو سورنتينو الذي حصل على الجائزة الكبرى للجنة التحكيم ويروي فيه المخرج طفولته المعذبة في نابولي بسبب وفاة والديه في مرحلة كانت خلالها نجومية أسطورة كرة القدم الراحل دييغو مارادونا في أوجها.
وعززت نتائج المهرجان النفوذ المتعاظم لمنصات البث التدفقي التي باتت لاعبا رئيسيا في مجال الفن السابع بمواجهة الاستوديوهات التقليدية، في منحى آخذ في الترسخ منذ بدء جائحة كوفيد-19.
وعلى صعيد التمثيل، فازت الإسبانية بينيلوبي كروث بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم “مادريس باراليلاس” لمواطنها المخرج بيدرو ألمودوفار، فيما نال الفيليبيني جون أرسيليا جائزة أفضل ممثل عن دوره كصحافي باحث عن الحقيقة في فيلم “أون ذي جوب: ذي ميسينغ إيت”.
أما الأميركية كريستن ستيوارت، فهي عادت في نهاية المطاف بخفيّ حنين.
وتوقّع كثيرون الفوز لها إثر أدائها المتميّز لشخصية الأميرة ديانا في فيلم “سبنسر” لبابلو لارين الذي يغوص في خصوصيات الأميرة التي رفضت التخلي عن حريتها الشخصية في عالمها المحكوم بقواعد سلوكية حازمة داخل العائلة الملكية البريطانية.
ونجح مهرجان البندقية هذه السنة في استعادة بريقه بعد نسخة باهتة في العام 2020 في أوج الجائحة.
وقد نُظّم الحدث بعد شهرين فقط من مهرجان كان الذي أثبت قدرته على التميز الريادي من خلال تتويجه فيلم “تيتان” رغم الانتقادات الكبيرة التي طاولت مشاهده العنيفة.
واستحال مهرجان البندقية في السنوات الأخيرة منصة انطلاق نحو السباق إلى جوائز أوسكار، وهو يستقطب في كل عام كوكبة من النجوم الأميركيين الذين يتوافدون للمشي على السجادة الحمراء في الحدث المقام بجزيرة ليدو في المدينة الإيطالية.
واعتلى مات دايمون وبن أفليك، وهما صديقان منذ الطفولة، الجمعة أدراج المهرجان لمناسبة عرض فيلمهما “ذي لاست دويل” لريدلي سكوت بعد بضعة أيام من مرور نجوم فيلم “دون” تيموتي شالاميه وريبيكا فرغوسون وأوسكار أيزاك وخافيير بارديم.