خاص
الخرطوم- محمد عبد الباقي
حتى وقت قريب، كانت مدينتا أم درمان والخرطوم بحري غير مكترثتين بالنيل، فتركتاه لصائدي السمك وصانعي المراكب، وللزراعة الريفية وبعض السابلة.
ربما كان ذلك نتاج “ثقافة الزهد والانصراف عن مباهج الحياة”، حسبما يرى المعماري ومخطط المدن الدكتور الخير عثمان، مسجلا دهشته لسعة الفراغ من أطراف العمران في بحري لأطرافه في أم درمان، حتى يبدو النيلُ “متدفقاً في ظهر البيوت دون أن يلحظه أحد”.
أخيرا جدا ربما تصالحت أم درمان وبعض أطراف الخرطوم مع النيل “العنصر الوحيد القوي لمقاومة الصحراء” كما رآه المنظر المعماري نوربيرغ شولز، ليصبح متنفسا مسائيا تحت التشييد والعمران، يرتاده الناس باحتشاد معقول، لكن بأدوات رفاهية قليلة.
مساحات بكر، تكتنز من المفاتن ما يجعلها قبلة لعاشقي الجمال حتى وهي دون مكياج وزينة، وتزدهر فيها الطمأنينة رغم أن شريطها ما زال يتعطش لمن يعرفون مكامن سحرها الخلاب.
رئة النيل يبدو أنها عادت للتنفس دون أجهزة، بعد خروجها من فشل كاد يتلفها ويفقد بعض أجزاء ولاية الخرطوم أهم معالم الجذب فيها.