الخرطوم – خاص
تنهمر (النقطة)، بمختلف مسمياتها، أموالا دافئة على صاحبها المحظوظ فيجني ثمار (نقوط) سابقة ساهم بها، أو ربما تكون دَينا واجب السداد عليه في قادم الأيام.
والأفراح في معظمها تشهد أشكالا من النقوط : فالمقبل على الزواج له نصيبه، والمرأة التي ترزق بمولود لها نصيبها، حفلات ختان الصبية في بعض المناطق لها أيضا نصيبها، وحتى مناسبات المآتم يتم فيها الإسهام بما يجود به المعارف والأهل تخفيفا لألم المصاب ومساهمة في تكاليف العزاء.
الخرطوم على نسق رفيقاتها
والخرطوم، التي تمثل بمركزيتها كل الأعراق السودانية، تسير على نسق رفيقاتها من عواصم الإقليم المحيط .. وتزدهر فيها النقطة، متراوحة بين الاعتدال، أو، أحيانا، الشطط، والمسألة شخصية حين الإفراط، فهي لا تمثل إلا الشخص وليس مجتمعه.
لكن النقطة تزداد قيمتها المادية بازدياد الوضع المالي أو الاجتماعي للشخص أو أسرته، وقد يدفع رقيقو الحال عشرات الجنيهات .. ومتوسطو الحال مئات الجنيهات، وقد يصل الحال ببعض الميسورين إلى دفع الملايين بل والدفع بالدولار واليورو !
وقد ضجت العاصمة السودانية، ووسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا بالنقطة السخية التي هطلت على مطربة شابة وهي تقيم حفل الحناء الذي يسبق زواجها، حيث ذكرت أنباء منشورة بأن حصيلة ما جمعته بلغ أرقاما خرافية من الجنيهات السودانية والعملات الأجنبية.
النقطة العينية
ومثل كثير من العادات المنتشرة في الإقليم، قد تكون النقطة عينية، وفي الغالب هذا يحدث تجاه العروس لمساعدتها على تأسيس منزلها الجديد، فتأتيها طقوم العشاء والشاي وأواني العصير، وقد تأتيها المفارش والستائر وشاشات العرض والأثاث المنزلي، وكله يأخذ شكل النقطة رغم اختلاف المسميات أحيانا.
أهل الطرب على الخط
أما المطربات، وخصوصا في وسط ما يسمى (القونات) فإن لهن نصيبهن السخي من النقطة. والقونات مطربات شعبيات يكن أحيانا من غير المنضمات لاتحاد المهن الفنية والموسيقية، ويتم الاتفاق معهن لإحياء الاحتفالات، ولطبيعة غنائهن الراقص والتلقائي يحظين باهتمام الكثير من الشباب والشابات، ويجنين من غنائهن مدخولات مادية جيدة، إضافة لما يأتيهن من أصحاب الحفل.
بين المعاونة و”الفشخرة”
والنقطة كانت تسجل في دفتر خاص لكل من يساهم فيها، حتى يلتزم من أخذها برد الجميل في مناسبات قادمة لمن قاموا بالدفع، لكن ظاهرة التسجيل بدأت في الانحسار التدريجي في بعض فئات المجتمع، وربما يتم الإسهام بشكل شخصي ومباشر بين الشخص وصاحب المناسبة، وقد لا يكون هناك مجال للنقطة .. ولكل حالة خصوصيتها.
أما ظواهر “الفشخرة” والشوفينية فقد بدأت تأخذ مكانها لدى البعض، لدرجة صب النقود في شكل المطر على رأس المطربات الشعبيات، وهو ما يجد انتقادا من الكثيرين.. خصوصا في مجتمع محافظ، وما زال يعاني من الصعوبات الاقتصادية التي لم تترك مجالا إلا ووضعت بصماتها فيه.