خاص
ستحتاج بلا شك إلى بعض المران وأنت تدخل عالم النقود في الخرطوم، فمن لا يعرفون المجتمع السوداني ومستجدات حياته المالية سيصيبهم الارتباك لبعض الوقت وهم يتعاملون مع عالم الجنيه و”مفاهيمه” في الشارع السوداني.
القديم والجديد
إذا قلت للسوداني إن بعض السلع وصلت أسعارها إلى ٢٠ مليون جنيه فهيئ نفسك لسؤال مباشر : “بالقديم أم الجديد”؟
السؤال يواجهك لأن هناك اسمين اثنين للمليون .. الأول هو الاسم المعتمد الذي تتعامل به الدولة والبنوك وكل الجهات الاعتبارية، وهو (المليون) نفسه، وهناك أيضا مسمى (المليار) لذات المليون، وهو الذي يجري على الألسن على مستوى التعامل الشعبي.
سبب الازدواجية في المسمى أن الجنيه تعرض لحذف ثلاثة من أصفاره عام ٢٠٠٧ عندما صدر قرار حكومي بذلك، حيث كان الهدف مكافحة أحد المسببات والإفرازات التي ترتبت على عاصفة التضخم التي بدأت وقتها في خنق الاقتصاد. وبذلك مال التعامل الجمعي لاستعمال مفردات (القديم والجديد)، فإذا قال لك الشخص (مليون) فستسأله (بالقديم أم الجديد؟) وإذا قال لك بالجديد، فهو يقصد المليون بعينه، أما إذا قال لك بالقديم، فهو يعني المليار، أي الرقم قبل حذف الأصفار الثلاثة من الجنيه!
معضلة (الألف).
مشكلة التمييز تمتد أيضا للأرقام الحسابية الأقل، فعبارة ( ألف جنيه) الرسمية يغيرها العامة لعبارة (مليون جنيه) بنفس ذريعة الأصفار المحذوفة سابقا، وكذلك عبارة (الجنيه الواحد) يتم استبدالها بعبارة (الألف الواحد)، ومن المفهوم لدى الشارع أنه إذا قيل لك أن سعر رغيف الخبز عشرة آلاف جنيه للقطعة .. فالمقصود هو عشرة جنيهات وفقا للمدلول الرسمي المعتمد.
لا مشكلة !
لكن، وبرغم الالتباس الظاهري، لا يجد السودانيون كثير عناء في التمييز السريع للمقصود بين كلمات (الألف والمليون والمليار)، فإذا كان الأمر يتعلق بتكلفة المواصلات العامة، فإن كلمة الألف تعني الجنيه الواحد، وإذا كان الأمر يتعلق بشراء جوال فإن كلمة مليون تعني تلقائيا الألف، أما إذا كان المقصود أسعار الأراضي والمنازل فإن كلمة مليار تعني المليون .. وكلها أشياء صارت معروفة بالبداهة .. مهما التبست المسميات !
: