فوجئ عدد كبير من نجوم الإنترنت، كالممثل الكيني مارك مواس، بإعلان “فيسبوك” عزمها على إنفاق أكثر من مليار دولار على برامج مخصصة لمنتجي المحتويات، باعتبار أن الشبكة الساعية إلى منافسة منصات أخرى مثل “تيك توك” و”يوتيوب” أصبحت “بالية” نوعاً ما، على قول مواس.
هذا الشاب البالغ الخامسة والعشرين والذي يصل عدد متابعيه إلى 160 ألفاً عبر “تيك توك”، حيث يتحدث بمزيج من الإنكليزية واللغة السواحلية واللهجة العامية عن حياته الطالبية، يشكك في قدرته على تشجيع جمهوره على الانضمام إلى شبكة التواصل الاجتماعي.
وهو قال لوكالة فرانس برس في رسالة إلكترونية “لدى أمي حساب على فيسبوك لكنها لا تعرف تيك توك.
المحتوى الذي أنشره مصمَم لأبناء جيل الألفية الذين يفضلون منصات أخرى”.
وأعلنت “فيسبوك” الأسبوع الفائت أنها ستخصص مليار دولار لكي تدفع حتى سنة 2022 لمنتجي المحتوى الذين ينشرون موادهم على منصتها، في مجالات متنوعة كالفكاهة أو الموضة أو ألعاب الفيديو.
وتخوض شبكات “يوتيوب” و”تيك توك” و”سنابتشات” أصلاً معركة شرسة لجذب نجوم التواصل الاجتماعي ومتابعيهم الذين يمكن أن يعودوا عليها بمداخيل إعلانية ضخمة.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2020، بدأت “سنابتشات” إنفاق مليون دولار يومياً على أبرز منتجي المحتوى على منصتها.
أما منتجو مقاطع الفيديو على “يوتيوب”، فبات في إمكانهم أيضاً منذ 2007 الحصول على جزء صغير من المليارات التي تدرها الإعلانات على الموقع.
ولم تباشر “فيسبوك” بالدفع مقابل مقاطع الفيديو التي تحقق إقبالاً كبيراً إلا عام 2017.
أما “إنستغرام” التابعة لـ”فيسبوك”، فلم تبدأ بإشراك المؤثرين في جزء من إيراداتها الإعلانية إلا في العام الفائت، إذ يحصلون على أموال من خلال الشراكات التي يعقدونها مباشرة مع العلامات التجارية.
– إطلاق الصيحات الرائجة – ولم يفاجأ المؤسس المشارك لوكالة “فايرل نيشن” لمشاهير الشبكات الاجتماعية جو غالييزي بتأخّر “فيسبوك”.
فمجموعة مارك زاكربرغ التي تأسست عام 2004، كانت بنَت أصلاً نموذجاً إعلانياً متيناً عندما بدأ المؤثرون الأوائل باقتحام الشبكات ولم يكن جذبهم ضرورياً “لتغيير نموذج أعمال الشركة”، على ما يؤكد غالييزي.
لكن، كما المؤثرين، توجه متابعوهم أيضاً، وهم من الجيل الشاب بمعظمهم، إلى منصات أخرى، معززين الانطباع بأن “فيسبوك” موقع “بالٍ” لأبناء ما يُعرف بالجيل “زد” وهو لا يليق سوى بأهلهم.
فنسبة الأشخاص الذين يتخطون الخامسة والستين من العمر المشتركين في “فيسبوك” ارتفعت بواقع الربع تقريباً خلال العام المنصرم، أي أسرع بمرتين من معدل نموّ الفئات العمرية الأخرى على أنواعها، بحسب تقرير “ديجيتال 2021” من إعداد “وي آر سوشال” و”هوتسويت”.
وخلال النصف الأول من العام 2021، كان الصيني “تيك توك” التطبيق الأكثر تحميلاً، بحسب مركز “سنسور تاوور” الأميركي.
وهو أطاح بـ “فيسبوك” في مجال إطلاق الصيحات الرائجة على شبكات التواصل الاجتماعي، خصوصا خلال الجائحة حيث ساهمت التسجيلات القصيرة المنشورة على منصته في تلطيف الأجواء لملايين الأشخاص.
ويقضي أحد أهداف خطة “فيسبوك” البالغة ميزانيتها مليار دولار بأن تعود المنصة رائجة وبألّا ينفر الشباب منها.
وتؤكد كلوديا كامرون المسؤولة عن التسويق في شركة “آي ام ايه” للمؤثرين في أمستردام إن “منتجي المحتويات هم جزء مهم من المعادلة، لأنهم يطلقون الصيحات الرائجة”.
– قدرة كبيرة – يعتبر الخبراء أنه من السابق لأوانه اعتبار أن حقبة “فيسبوك” ولّت.
ويقول جو غالييزي “لا يمكننا أن نسيء تقديرهم، فهم أقوياء جدّاً في مجال التكنولوجيا”.
وتتمتع “فيسبوك” التي كسبت 84,2 مليار دولار من العائدات الإعلانية العام الماضي بقدرة مالية كبيرة تعطيها هامشاً واسعاً للاستثمار.
وما انفك عدد المشتركين فيها يتزايد، مع 2,8 مليار مستخدم نشط اليوم في أنحاء العالم أجمع.
لكن لا بد من أن تستثمر “فيسبوك” مزيداً من الأموال، بحسب غالييزي الذي يلفت إلى أنه “من الصعب جدّاً اجتذاب كلّ منتجي المحتويات هؤلاء، إلا في حال استعانت فيسبوك بمبالغ طائلة جدّاً، والمقصود هنا أكثر من مليار دولار”.
ولم توضح المجموعة العملاقة بعد كيفية توزيع الأموال، غير أن كلوديا كامرون تتوقع أن يخصص جزء كبير منها إلى “إنستغرام” التي ما زالت تعد “رائجة”.