تحتضن المدينة المنورة العديد من المساجد التاريخية المرتبطة بالسيرة النبوية العطرة، ومنها “مسجد الجمعة”، الذي شهد موضعه أول صلاة جمعة لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – بعد هجرته إلى المدينة المنورة.
فبعد أن نزل – عليه الصلاة والسلام – في قباء أربعة أيام حتى صباح يوم الجمعة الموافق 16 من شهر ربيع أول من العام الأول من الهجرة، ثم خروجه – عليه أفضل الصلاة والتسليم – متوجهاً إلى المدينة المنورة، وعلى مقربة من محل إقامته بقباء، أدركته صلاة الجمعة، فصلاها في بطن وادي الرانوناء، وسمي بعد ذلك بمسجد الجمعة، ويطلق عليه أيضاً، “مسجد الوادي” و “مسجد عاتكة” و “مسجد القبيب” نسبة إلى المحل الذي بُني فيه.
وشهد المسجد على مرّ التاريخ العديد من أعمال البناء والترميم والتوسعة فقد جُدّد المسجد في عهد عمر بن عبد العزيز، وفي العصر العباسي ما بين 155 ـ 159هـ، وفي نهاية القرن التاسع الهجري خرب سقفه، فجدّده شمس الدين قاوان، وبني المسجد قبل التوسعة الأخيرة فوق رابية صغيرة، طوله 8 أمتار، وعرضه 5 ,4 أمتار، وارتفاعه 5,5 أمتار، وله قبة واحدة مبنية بالطوب الأحمر، وفي شماله رواق طوله 8 أمتار، وعرضه 6 أمتار.
وفي عام 1409هـ شهد المسجد أكبر مشروعات توسعته حين أمر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود ـ رحمه الله ـ بإعادة بنائه وتوسعته، وتزويده بالمرافق والخدمات اللازمة، وافتتح في عام 1412هـ ويستوعب 650 مصليًا، بعد أن كان لا يستوعب أكثر من سبعين مصليًا، كما يحوي المسجد منارة رفيعة، وقبة رئيسة تتوسط ساحة الصلاة، إضافة إلى أربع قباب صغيرة تتوزّع في جنباته.