يُعد تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية تجسيداً لواقع تاريخي واجتماعي وثقافي واحد، حيث تتميز دول مجلس التعاون بعمق الروابط الدينية والثقافية، والتمازج الأسري بين مواطنيها، وهي في مجملها عوامل تقارب وتوحد عززتها الرقعة الجغرافية المنبسطة عبر البيئة الصحراوية الساحلية التي تحتضن سكان هذه المنطقة، ومن هذا المنطلق جاء في النظام الأساسي للمجلس في مادته السابعة قرار بأن يكون هناك مجلس أعلى وهو السلطة العليا لمجلس التعاون ويتكون من رؤساء الدول الأعضاء وتكون رئاسته دورية حسب الترتيب الهجائي لأسماء الدول.
وقد عقدت سابقا أربعون قمةً خليجية, أكد خلالها قادة دول المجلس تعزيز وتعضيد دور مجلس التعاون ومسيرته المباركة نحو الحفاظ على المكتسبات وتحقيق تطلعات مواطنيه بالمزيد من الإنجازات بفضل حِكمة وحنكة أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون ورعايتهم لهذه المسيرة التي أصبحت ركيزة أمن واستقرار وازدهار على المستويين الإقليمي والدولي.
واستضافت الرياض في 13 ربيع الآخر 1441هـ أعمال اجتماع الدورة الأربعين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي عقدت برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وحضور أصحاب الجلالة والسمو قادة ورؤساء وفود دول المجلس، وذلك بقصر الدرعية.
وناقش أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون العديد من الموضوعات المتعلقة بالبيت الخليجي، التي تهدف إلى تحقيق التكامل والترابط بين دُوله في جميع المجالات والحفاظ على المكتسبات التي تحققت منذ تأسيس المجلس، ومنها تأكيد القادة أهمية قوة وتماسك ومنعة مجلس التعاون، وتعزيز العمل الخليجي المشترك، كما ناقشوا العديد من القضايا الإقليمية والدولية.
وشدد القادة على قوة وتماسك ومنعة مجلس التعاون، ووحدة الصف بين أعضائه لما يربط بينهم من علاقات خاصة وسمات مشتركة، ورغبتهم في تحقيق المزيد من التنسيق والتكامل والترابط بينهم في جميع الميادين.
وتلبية لدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – عقد المجلس الأعلى دورته التاسعة والثلاثين في المملكة العربية السعودية في الثاني من شهر ربيع الآخر 1440هـ الموافق 9 ديسمبر 2018م.
وناقش المجلس الأعلى تطورات العمل الخليجي المشترك، وأكد أهمية الحفاظ على مكتسبات المجلس وإنجازات مسيرته التكاملية، ووجه الأجهزة المختصة في الدول الأعضاء والأمانة العامة واللجان الوزارية والفنية بمضاعفة الجهود لتحقيق الأهداف السامية التي نص عليها النظام الأساسي لمجلس التعاون.
وقد وضعت القمة الخليجية الثامنة والثلاثون رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ـ رحمه الله ـ التي أقرها المجلس الأعلى في ديسمبر 2015، وتضمنت الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، الأسس اللازمة لاستكمال منظومة التكامل بين دول المجلس في جميع المجالات،ومواصلة العمل لتحقيق التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون، والتطبيق الشامل لبنود الاتفاقية الاقتصادية، وتذليل العقبات في طريق السوق الخليجية المشتركة، واستكمال متطلبات الاتحاد الجمركي، وصولاً إلى الوحدة الاقتصادية بحلول عام 2025، وفق برامج عملية محددة.
كما كلّف المجلس الأعلى الهيئات والمجالس واللجان الوزارية والفنية، والأمانة العامة وجميع أجهزة المجلس، بمضاعفة الجهود لاستكمال تنفيذ رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ملك المملكة العربية السعودية، لتعزيز العمل الخليجي المشترك، التي أقرها المجلس الأعلى في دورته الـ “36” في ديسمبر 2015.
ووجه المجلس بسرعة تنفيذ ما ورد فيها بشأن استكمال بناء المنظومة الدفاعية المشتركة، والمنظومة الأمنية المشتركة لتحقيق الأمن والاستقرار ومواجهة جميع التحديات الأمنية، وبلورة سياسة خارجية موحدة وفاعلة للمجلس تحفظ مصالحه ومكتسباته وتجنّبه الصراعات الإقليمية والدولية، وتلبي تطلعات مواطنيه وطموحاتهم، واستكمال مقومات الوحدة الاقتصادية في إطار مجلس التعاون.