قال تقرير صادر عن مجلس الأعمال السعودي الأمريكي، ان قطاع الإنشاء لا يزال يعاني من آثار جائحة فيروس كورونا المستجد، حيث يواجه أصحاب المشاريع والمقاولون صعوبات مستمرة.
وأثّرت نفقات الموازنة المعدلة، إلى جانب إجراءات تصحيح الوضع المالي التي ينفذها كلّ من القطاع الحكومي والقطاع الخاص؛ في سلسلة العقود التي تمت ترسيتها خلال الربع الثالث من عام 2020 حيث وصلت القيمة إلى 7.4 مليار ريـال سعودي (2 مليار دولار).
وأدى التزام الحكومة باحتواء التأثير المالي للجائحة على الاقتصاد من خلال تخفيضات الإنفاق المالي إلى التأثير بشكل كبير في نفقاتها الرأسمالية. وبحسب التقرير المحدَّث لموازنة الربع الثالث من عام 2020 الوارد من وزارة المالية، انخفضت النفقات الرأسمالية بنسبة 26% خلال الربع الثالث مقارنةً بعام 2019. بالإضافة إلى ذلك، شهد قطاع “الموارد الاقتصادية”، الذي يتضمّن الإنفاق على أعمال البنية التحتية والسياحة، انخفاضًا بنسبة 38% خلال الربع الثالث من عام 2020 مقارنةً بعام 2019. حيث يعد الإنفاق في هذه المجالات أحد الدوافع الرئيسية لترسية العقود كما كان الحال في عام 2019.
وأدى الانخفاض في العقود التي تمت ترسيتها في الربع الثالث من عام 2020 مقارنةً بالربع الثاني من عام 2020 إلى انخفاض بنسبة 33%. كما انخفضت قيمة العقود التي تمت ترسيتها انخفاضًا حادًا بواقع 40.4 مليار ريـال سعودي (10.8 مليار دولار) في الربع الثالث من عام 2020 مقارنةً بالربع الثالث من عام 2019، وبلغت قيمة العقود التي تمت ترسيتها في الربع الثالث من عام 2019 خلال فترة ما قبل الجائحة 161.8 مليار ريـال سعودي (43.2 مليار دولار) مقارنةً بعام 2020، الذي شهد تراجعًا بواقع 63.6 مليار ريـال سعودي (17 مليار دولار).
وشكّلت قيمة قطاعات الكهرباء والتنمية الحضرية والعقارات نسبة 55% من جميع العقود التي تمت ترسيتها. كما حظيت قطاعات النقل والمياه والبتروكيماويات بحصة من العقود التي تمت ترسيتها، على الرغم من انخفاض قيمتها مقارنةً بما كانت عليه في 2019.
أداء مؤشـر مجلـس الأعمـال السـعـودي الأمريكـي لترسـيـة العـقـود خـلال الربـع الثالث من عـام 2020:
وصل مؤشر مجلس الأعمال السعودي الأمريكي لترسية العقود إلى 105.26 نقطة بنهاية الربع الثالث. ويشير الانخفاض المطّرد في المؤشر منذ بداية الجائحة إلى تباطؤ محتمل في المشاريع القابلة للتنفيذ في 6-18 شهرًا المقبلة. وأشار ارتفاع مستوى مؤشر ترسية العقود خلال عام 2019 إلى أن عددًا كبيرًا من المشاريع كان من المتوقع أن ينتقل إلى مرحلة التنفيذ في عام 2020، ولكن حالات التعليق العديدة للمشاريع بسبب فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) أدّت إلى توقف العمل بالعديد من تلك المشاريع. ورغم توقع استئناف العمل في هذه المشاريع مع تعافي المملكة ماليًا من الجائحة، فإن الانخفاض في العقود التي تمت ترسيتها في 2020 سيؤدي إلى الانخفاض في عدد العقود القابلة للتنفيذ في العام المقبل. وسيساعد تحسن ظروف السوق في 2021 إلى انتعاش مؤشر ترسية العقود، حيث سيتم ترسية سلسلة العقود المعلقة حاليًا، وتلك التي في مرحلة التصميم/تقديم العروض، طوال العام المقبل.
توقف مؤشر ترسية العقود عند 134.27 نقطة في يوليو، و119.50 في أغسطس، و105.26 في سبتمبر. وانخفض مؤشر ترسية العقود بواقع 45.55 نقطة مقارنةً بالربع الثاني من عام 2020 وبواقع 130.73 مقارنةً بالربع الثالث من عام 2019. ولم تشهد المملكة انخفاضًا حادًا في مؤشر ترسية العقود منذ عام 2016، حيث كانت المملكة تواجه مشكلات في الموازنة بسبب تقلب أسواق النفط. ومن المتوقع أن يتعافى مؤشر ترسية العقود بوتيرة أسرع مما كان عليه في الفترة بين 2016-2018.
التـوزيـع الجـغـرافـي لترسـيـة العـقـود خـلال الربـع الثالث من عـام 2020
واصلت المنطقة الشرقية تصدرها جميع المناطق بالنسبة إلى العقود التي تمت ترسيتها، على الرغم من التباطؤ في تنفيذ مشاريع النفط والغاز. حيث حازت على عقود تمت ترسيتها بقيمة 2.3 مليار ريـال سعودي (621 مليون دولار) أو 32% في الربع الثالث من عام 2020. وشكّلت عقود قطاعَي النفط والغاز والبتروكيماويات 1.2 مليار ريـال سعودي (317 مليون دولار) أو 51% من العقود التي تمت ترسيتها في المنطقة الشرقية. وتم ترسية مشاريع النفط والغاز عن طريق أرامكو السعودية لإنشاء صهاريج تخزين وأغلفة وتركيبها، بينما تضمّن مشروع البتروكيماويات إنشاء مصنع لمشتقات الكلور في الجبيل. كما بلغت القيمة الإجمالية للعقود التي تمت ترسيتها في المنطقة الشرقية 32.4 مليار ريـال سعودي (8.6 مليار دولار) أو 51% من جميع المشاريع خلال الربع الثالث من عام 2020.
جاءت منطقة مكة المكرمة في المرتبة الثانية، حيث بلغت قيمة العقود التي تمت ترسيتها 1.5 مليار ريـال سعودي (400 مليون دولار) أو بنسبة 20%. وشكّل قطاعا الكهرباء والعقارات أغلبية العقود في مكة بواقع 477 مليون ريـال سعودي (127 مليون دولار) أو 32% و600 مليون ريـال سعودي (160 مليون دولار) أو 40% على التوالي. وتتضمنت المشاريع إنشاء محطات طاقة فرعية ومشاريع إسكان عقاري. كما استحوذت منطقة مكة المكرمة على عقود بقيمة 4.6 مليار ريـال سعودي (1.2 مليار دولار) خلال الربع الثالث من عام 2020. وجاءت منطقة تبوك في المرتبة الثانية حيث بلغت قيمة العقود التي تمت ترسيتها 1.4 مليار ريـال سعودي (371 مليون دولار) أو بنسبة 19%. وشملت العقود التي تمت ترسيتها في تبوك عدة قطاعات في الربع الثالث، كان أبرزها قطاع النقل الذي بلغ مليار ريـال سعودي (370 مليون دولار) أو 74%. ولم تشكل العقود التي تمت ترسيتها في منطقة تبوك سوى 5% فقط من إجمالي قيمة العقود التي تمت ترسيتها في عام 2020.
تـوزيـع ترسـيـة العـقـود خـلال الربـع الثالث من عـام 2020 حسـب القطـاعـات الأفضـل أداءً
قـطـاع النقل:
حصل قطاع النقل على ما قيمته 1.7 مليار ريـال سعودي (461 مليون دولار) من العقود التي تمت ترسيتها وذلك عبر ثلاث صفقات فقط خلال الربع الثالث من عام 2020. وحقق قطاع النقل نموًا بقيمة 668 مليون ريـال سعودي (178 مليون دولار) أو 63% مقارنةً بالربع الثاني، الذي شهد عقودًا بقيمة 1.1 مليار ريـال سعودي (283 مليون دولار). كما حقق قطاع النقل نموًا بقيمة 596 مليون ريـال سعودي (159 مليون دولار) أو 53% خلال هذا الربع مقارنةً بالربع الثالث من عام 2019. ومع ذلك، انخفضت العقود التي تمت ترسيتها لصالح قطاع النقل بقيمة 7.7 مليار ريـال سعودي (2.1 مليار دولار) خلال الربع الثالث من عام 2020 مقارنةً بالفترة ذاتها في عام 2019.
تم ترسية عقدين كبيرين لتنمية قطاع السياحة بالمملكة. حيث تم ترسية العقد الأول في يوليو عن طريق شركة البحر الأحمر للتطوير لصالح مشروع مشترك محلي بين شركة المباني وشركة نسما وشركاهم. ووفقًا لمشروعات ميد، يتضمّن المشروع الذي تبلغ تكلفته 938 مليون ريـال سعودي (250 مليون دولار) إنشاء مجموعة مدرجات للطائرات، بطاقة استيعابية تستوعب مليون مسافر سنويًا بحلول عام 2030 في المطار الدولي بمشروع السياحة التابع لشركة البحر الأحمر. وتضمّنت تفاصيل المشروع إنشاء مدرج هبوط بطول 3.7 كم، ومدرج هبوط للطائرات المائية، ومدرجات جانبية، ومهابط مروحيات، ورصف طرق وإنارة ومرافق أخرى. ومن المتوقع الانتهاء من المشروع في الربع الرابع من عام 2022.
تم ترسية العقد الثاني عن طريق شركة القدية للاستثمار لصالح شركة شبه الجزيرة للمقاولات المحلية في يوليو لإنشاء طرق وجسور القدية في الرياض. ووفقًا لمشروعات ميد، يتضمّن العقد الذي تبلغ قيمته 698 مليون ريـال سعودي (186 مليون دولار) إنشاء أعمال طرق بطول 45 كم، وسبعة جسور على طرق وتعبيد 1.2 مليون متر مربع بالأسفلت ومصارف لمياه الأمطار والمرافق المرتبطة بها. ومن المتوقع الانتهاء من المشروع في الربع الثاني من عام 2023.
قـطـاع الكهرباء:
شهد قطاع الكهرباء نموًا في الربع الثالث من عام 2020 لتصل قيمة العقود التي تمت ترسيتها إلى 1.6 مليار ريـال سعودي (414 مليون دولار). كما شهد زيادة كبيرة بعد ترسية عقود بقيمة 349 مليون ريـال سعودي (93 مليون دولار) خلال الربع الثاني من عام 2020. كما ارتفعت العقود التي تمت ترسيتها بقيمة 788 مليون ريـال سعودي (210 مليون دولار) مقارنةً بالربع الثالث من عام 2019. وفي عام 2020، بلغت قيمة العقود التي تمت ترسيتها لصالح قطاع الكهرباء 4.5 مليار ريـال سعودي (1.2 مليار دولار مقابل 3.9 مليار ريـال سعودي (مليار دولار) للفترة ذاتها من عام 2019.
أرست الشركة السعودية للكهرباء أغلب العقود في قطاع الكهرباء، غير أنها كانت أقل قيمة. وتمت ترسية أكبر عقدين عن طريق الهيئة الملكية للجبيل وينبع والمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة. وتمت ترسية أول عقد من هذين العقدين عن طريق الهيئة الملكية للجبيل وينبع في يوليو إلى شركة هادي حيدر المحلية لإنشاء محطة فرعية جديدة في مدينة جيزان للصناعات الأساسية والتحويلية. وينص العقد، الذي تبلغ قيمته 300 مليون ريـال سعودي (80 مليون دولار)، إنشاء محطة فرعية 132 كيلوفولت، وتركيب كابلات أرضية ومجموعة مفاتيح كهربائية والمرافق المرتبطة بها. ووفقًا لمشاريع ميد، فمن المتوقع الانتهاء من المشروع بحلول الربع الأخير من عام 2023.
قــطـــاع العقارات:
جاء قطاع العقارات في المرتبة الثالثة، حيث بلغت قيمة العقود التي تمت ترسيتها لصالحه 1.1 مليار ريـال سعودي (296 مليون دولار). وانخفضت قيمة العقود التي تمت ترسيتها على قطاع العقارات بشكل مطّرد في عام 2020، ومع ذلك فقد احتفظ بمكانته كمساهم رئيسي. وانخفضت قيمة العقود التي تمت ترسيتها بواقع 540 مليون ريـال سعودي (144 مليون دولار) مقارنةً بالربع السابق، ولم يتمكن القطاع من الحفاظ على الوتيرة التي حققها في الربع الثالث من عام 2019 عندما بلغت العقود التي تمت ترسيتها لصالحه 12.1 مليار ريـال سعودي (3.2 مليار دولار أمريكي). وحصل قطاع العقارات على 5.5 مليار ريـال سعودي (1.5 مليار دولار) من قيمة العقود التي تمت ترسيتها خلال الربع الثالث من عام 2020، ومع ذلك فإن هذا أقل بكثير مما حصل عليه في الفترة ذاتها في عام 2019، حيث تم ترسية عقود بقيمة 22.2 مليار ريـال سعودي (5.9 مليار دولار).
حظيت العقارات السكنية على أكبر قيمة من العقود التي تمت ترسيتها بما يصل إلى 60%. وشكّلت العقارات التجارية 27% والضيافة 13%. وكان أكبر عقدين في مجال العقارات السكنية والتجارية. ووفقًا لمؤسسة مشاريع الخليج السعودي، تم ترسية عقد العقارات السكنية في أغسطس عن طريق الشركة الوطنية للإسكان إلى شركة سمو العقارية لإنشاء 404 فيلا على مساحة 105000 متر مربع من الأراضي في جدة. ومن المتوقع الانتهاء من المشروع الذي تبلغ قيمته 300 مليون ريـال سعودي (80 مليون دولار) في الربع الثالث من عام 2024.
تم ترسية عقد العقارات التجارية عن طريق الهيئة الملكية للجبيل وينبع لإنشاء مركز تسوق في ينبع. ووفقًا لمؤسسة مشاريع الخليج السعودية، سيتم إنشاء المشروع الذي تبلغ تكلفته 300 مليون ريـال سعودي (80 مليون دولار) بالتعاون مع مجموعة لولو والتي يقع مركزها الرئيسي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وسيتضمن المشروع أيضًا مسرح إيه إم سي. وسيتم إنشاء المشروع على مساحة 40.814 مترًا مربعًا بما في ذلك إنشاء متجر كبير تابع لمجموعة لولو.
آفــاق تـرســيـة العــقــود
لا يزال قطاع الإنشاء يعاني من آثار سلبية كبيرة بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، حيث تراجعت وتيرة العقود التي تمت ترسيتها تراجعًا كبيرًا خلال الربعين الماضيين. وانخفض إجمالي الناتج المحلي للمملكة بنسبة 7% في الربع الثاني، وشهد تحسنًا طفيفًا بنسبة –4.2% في الربع الثالث. كما يشهد إجمالي الناتج المحلي تحسنًا أيضًا رُبعًا بعد آخر ليرتفع إلى 1.2% بعد الانخفاض بنسبة 4.9% في الربع الثاني. وعلى الرغم من أن هذه التحسينات البسيطة تشير إلى حالة من التفاؤل على المدى القريب، فإن عودة ظهور حالات إصابة بفيروس كورونا المستجد على مستوى العالم، إلى جانب تقلب أسواق النفط بسبب حالات عدم اليقين هذه؛ تسبب إرباكًا بشأن موازنة المملكة. ويعتمد قطاع الإنشاء في المملكة اعتمادًا كبيرًا على النفقات الرأسمالية إلى جانب إيرادات النفط الكبيرة. وفي محاولة للحد من حالات العجز المحتملة في الموازنة، صرحت “أوبك” أخيرًا أنه من المتوقع أن يكون الطلب العالمي على النفط أقل مما كان متوقعًا في السابق. وتشير تقديرات “أوبك” إلى أن الطلب سيرتفع بمقدار 6.25 مليون برميل يوميًا في عام 2021 ليصل إلى متوسط 96.26 مليون برميل يوميًا. وتدل هذه التوقعات على انخفاض بمقدار 300,000 برميل يوميًا مقارنةً بتوقعات أوبك قبل بضعة أسابيع.
وصرح السيد/ البراء الوزير، الإقتصادي بمجلس الأعمال السعودي الأمريكي: “شهدت موازنة المملكة، كما ورد سابقًا، انخفاضًا في النفقات الرأسمالية والإنفاق على البنية التحتية. ومع ذلك، فإن الإعلان الأخير أن صندوق الاستثمارات العامة سيضخ 150 مليار ريـال سعودي (40 مليار دولار) سنويًا في الاقتصاد في عامي 2021 و2022 لاقى تطور إيجابي. وسيكون دور صندوق الاستثمارات العامة في الحفاظ على الاقتصاد مزدهرًا في مواجهة الركود العالمي خطوة محورية نحو التقدم في تحقيق رؤية 2030.” علاوة على ذلك، أكدت الهيئة السعودية للمقاولين أن المشاريع الحكومية الضخمة المتعلقة برؤية 2030 ستظل نقطة محورية لها على المدى القريب. وهناك ملمح إيجابي آخر يتمثل في قائمة الموازنة الأولية لوزارة المالية لعام 2021، والتي تؤكد أن الإنفاق على المشاريع الضخمة وبرامج تحقيق الرؤية، بما في ذلك برنامج الإسكان وجودة الحياة؛ سيظل يشهد استثمارات في هذه المجالات.
من المتوقع أن يحافظ عدد من المشاريع الضخمة على حيوية قطاع البناء، على المدى القصير. ويأتي على رأسها الإعلان الأخير لشركة البحر الأحمر للتطوير أنها على وشك الحصول على تسهيلات تمويلية بقيمة 14 مليار ريـال سعودي (3.7 مليار دولار) من البنوك المحلية. وتخطط الشركة أيضًا لترسية عقود بقيمة 15 مليار ريـال سعودي (4 مليارات دولار) خلال عام 2020، مما سيحافظ على إنفاق المملكة على قطاع الإنشاء.