يحتفل جو بايدن، وهو أكبر الرؤساء الأميركيين المنتخبين سناً على الإطلاق، بعيد ميلاده الثامن والسبعين يوم الجمعة. وفي حال قرر أن يترشح وأعيد انتخابه في العام 2024، فسيبلغ 86 عامًا في نهاية الولاية الثانية في العام 2029.
وقبل شهرين من تسلمه مفاتيح المكتب البيضوي، بدأت تُطرح تساؤلات في واشنطن: هل سيكون رئيسًا لولاية واحدة؟ طوال حملته في مواجهة دونالد ترامب، بقي بايدن الذي وصفه رئيسه السابق باراك أوباما بأنه “أسد التاريخ الأميركي”، وعن عمد متحفظًا في الإفصاح عن خططه المستقبلية.
وعندما سئل من قبل “إي بي سي نيوز” في أغسطس عما إذا كانت فكرة تولي الرئاسة لمدة ثماني سنوات مطروحة بالنسبة له، أجاب بايدن: “بالتأكيد”. لكن قبل ذلك، في أبريل، وخلال فعالية لجمع التبرعات، أخبر المانحين أنه يعتبر نفسه “مرشحًا انتقاليًا” – وهي عبارة لفتت الانتباه وأثارت تكهنات. فهل كان يحاول أن يقول إنه الأفضل لطي صفحة مرحلة ترامب، لما يحمله من خبرة سياسية ممتدة لعقود ونظرًا لطبيعته المتعاطفة، على أن يسلم بعد ذلك الراية إلى جيل جديد من الديموقراطيين في العام 2024؟.
وغني عن البيان أن العديد من وجوه الحزب الجديدة واللامعة لم تكن ولدت عندما انتُخب بايدن للمرة الأولى عضوًا في مجلس الشيوخ الأميركي في 1972. أم أنه كان يتحدث ببساطة عن الانتقال بمعناه الأوسع، من دون أن يقصد الحديث عن أي نظرة مستقبلية؟.
بعد أيام قليلة من ضمان فوزه بالرئاسة أمام ترامب، أعربت فاليري شقيقة بايدن – التي لعبت دورًا رئيسيًا في حياته السياسية لكنها ظلت عمومًا بعيدة عن الأضواء – عن ثقتها في أنه سيسعى لإعادة انتخابه. إذن ماذا كان يقصد بقوله إنه “مرشح انتقالي”؟.
قالت فاليري لبرنامج “أكسيوس” إنه “انتقالي لأنه يجلب كل هؤلاء الشباب ويعيد جمعنا فلا نكون دولة منقسمة”. لكن قبل كل شيء، من الواضح أن بايدن يحاول الحفاظ على أقصى قدر من الرصيد السياسي للمضي قدمًا.
ولا يمكن لأحد أن يترشح للبيت الأبيض ويقول صراحة إنه يفعل ذلك لولاية واحدة. فهذا من شأنه أن يضعف موقفه ويفتح الباب – بسرعة كبيرة وعلى نطاق واسع – لمعركة خلافة شاملة داخل الحزب.
– شرعية –
يقول المؤرخ الرئاسي جوليان زيليزر، الأستاذ في جامعة برينستن، إن بايدن لا يجني أي “قيمة” إن أوضح خططه في وقت مبكر جدًا. ويضيف زيليزر لوكالة فرانس برس “في عصر الاستقطاب هذا، تحتاج إلى استخدام كل ما من شأنه أن يعزز موقفك – بما في ذلك التهديد بإعادة الانتخاب – لتحريك مشاريع القوانين”.
في التاريخ الأميركي، أحجم عدد قليل جدًا من الرؤساء عن الترشح لولاية ثانية. خاض جيمس بولك الذي خدم من العام 1845 إلى العام 1849 حملته على أساس أنه لن يترشح مرة أخرى – وقد أوفى بوعده. لكن السياسة في منتصف القرن التاسع عشر قلما تشبه السيرك الدائر في واشنطن حاليًا.
والمثال الوحيد في تاريخ الولايات المتحدة الحديث هو ليندون جونسون الذي دخل البيت الأبيض العام 1963 عندما اغتيل جون كينيدي. فاز جونسون بسهولة بفترة ولايته في انتخابات العام 1964 ضد الجمهوري باري غولد ووتر، ولكن في مارس 1968، مع استياء الشعب الأميركي من حرب فيتنام وتحدي الديموقراطيين التقدميين له، قال إنه لن يترشح مرة أخرى.
ويقول العديد من المراقبين إن جونسون انسحب لأنه كان يواجه هزيمة مؤكدة. لكن قراره ترك البيت الأبيض بعد ست سنوات في السلطة كان بمثابة هزيمة سياسية، على حد تعبير مشرع ديمقراطي من موطنه تكساس. بالإضافة إلى التعطش للسلطة وهيبة المنصب، لماذا يتطلع القادة الأميركيون بشدة إلى البقاء لمدة ثماني سنوات؟.
يقول زيليزر “الولاية الثانية تمنح الرئيس إحساسا بالشرعية .. كما أنه الوقت المناسب لمتابعة مبادرات سياسية صعبة بدون ضغوط انتخابية”.
– عجوز –
يعرف بايدن بالطبع أنه في موقف صعب. في خريف العام 2018، قبل أن يعلن حتى عن ترشحه للمرة الثالثة للرئاسة، اعترف أمام حشد خلال لقاء في ميشيغن أن إثارة موضوع عمره كانت “أمرًا مشروعًا تمامًا”.
وقال: “أظن أنه من المناسب تمامًا أن ينظر الناس إلي ويقولوا إذا كنت سأترشح للمنصب من جديد، حسنًا، بالله عليك، فأنت عجوز”.
وأضاف “حسنًا، من حيث عدد السنوات، أنا عجوز”، موضحًا أنه يعتبر أن العمر مجرد رقم وأنه لا يزال ممتلئًا طاقة ويتمتع بفكر ثاقب. هناك أمر واحد واضح: عندما يتولى منصبه في 20 يناير، سيصغي خصوم بايدن الجمهوريين – والطامعين بالمنصب في حزبه الديموقراطي – بعناية إلى ما يقوله حول هذا الموضوع. سينتظرون أدنى تلميح لتقاعد محتمل من الرجل الذي سيصبح في نوفمبر 2022، أول رئيس في المنصب يبلغ الثمانينات من عمره في التاريخ الأميركي.