تطمح نائلة أبو جبة “39 عاما”، أول سائقة سيارة أجرة نسائية في قطاع غزة، إلى أن يكون لديها مكتب يضم أكثر من سيارة تتولى قيادتها إناث، ويختص بنقل النساء حصراً في كل أنحاء قطاع غزة ومع أن فكرة سائقة سيارة أجرة في قطاع غزة تبدو غريبة بالنسبة إلى كُثُر في هذا القطاع، إلا أن مشروع تأسيس مكتب لسيارات الأجرة كان يراود نائلة منذ زمن، مع أنها في الأساس مدرّبة تنمية بشرية، وتحمل شهادة بكالوريوس خدمة اجتماعية.
وتقول لوكالة فرانس برس “أنا أفكر بالموضوع منذ زمن بعيد” كان والدي -رحمه الله- يتكفل بكل أموري ولم أستطع الحصول على عمل، وزاد الطين بلة وضع فيروس كورونا المستجد الذي أغلق الأبواب أمام الناس، وبات علي أن أعيل نفسي وأولادي” وتدير نائلة التي اشترت سيارة بما تركه لها والدها من مال بعد وفاته، مكتبها عبر الانترنت من بيتها في حي النصر بشمال غزة، فيما تواصل الاهتمام بأولادها الخمسة، وهم أربعة صبيان وبنت.
أول من فاتحته نائلة بمشروعها صديقتها التي تعمل مصففة شعر وتروي “قلت لها إنني أفكر بفتح مكتب سيارات أجرة مخصصة لنقل النساء حرصا على راحتهن وخصوصا أثناء الأعراس، وحفاظاً على خصوصيتهن، إذ قد يشعرن بالإحراج إذا كان السائق رجلاً” لكنّ صديقتها وصفت الفكرة بأنها “ضرب من الجنون”، ونبّهتها إلى أن “المجتمع قد لا يتقبل الفكرة” التي رأت أنها تحتاج إلى “جرأة”.
وتوضح أبو جبة أنها فكّرت كثيراً “بإيجابيات هذا النوع من العمل وسلبياته” وتضيف “توصّلت إلى اقتناع بأن ليس في الأمر ما يعيب أو ما هو حرام ما دمت أعمل في مجال نقل النساء فقط وعلى هذا الأساس اتخذت قراري وبدأت العمل”.
وتؤكد نائلة لم يعترض أحد على العمل الذي انطلقت فيه قبل شهر، بل لاحظت أن “ثمة إقبالاً من النساء” اللواتي يشجعنها من خلال التفاعل الإيجابي والتعليقات عبر شبكات التواصل الاجتماعي وتقول في هذا الصدد “95% من تعليقات النساء تعبّر عن دعمهنّ لي في هذا العمل”.
وتضيف “لا أدور في الشوارع”، مشيرة إلى أن “الفكرة تتمثل في توصيل النساء وأولادهنّ من الأعراس إلى منازلهم، أو من عند مصففة الشعر أو الأماكن الأخرى التي ترتادها النساء عادة” وتقول “النساء في غزة لا يشعرن بالحرج عندما تكون السائقة امرأة، إذ يوفّر لهنّ هذا الأمر الراحة والطمأنينة”.
وشجعت نائلة النساء “القادرات على مثل هذا العمل” على الانضمام إليها ورغم أن مدخولها لا يزال شحيحا، لكنها” متفائلة” كون عملها بدأ منذ شهر فحسب وقد انضمت إليها بالفعل سائقة أخرى.
وتقول آية سليم “27 عاما”، إحدى زبونات نائلة، “نحن في غزة مجتمع محافظ، وعندما تتولى امرأة قيادة السيارة، أشعر بحرية، وأرتاح سواء من حيث الملابس أو طريقة الجلوس” وترى أن الفكرة “رائدة ومبادرة جيدة” وتنصح النساء، وخصوصا تلميذات الصفوف الثانوية، بأن “يتنقلن بسيارة تقودها امرأة، سواء للذهاب إلى حفلات الأفراح أو سواها من المناسبات”.
وتتمنى هبة سليم “أن تتطور الفكرة إلى مكتب لسيارات التاكسي بإدارة نسائية” وأطلقت أبو جبة على مكتبها اسم تاكسي “المختارة” بعدما اكتسبت هذا اللقب منذ خمس سنوات في حيها وبين معارفها، لأنها كانت تتطوع “لحلّ المشاكل وإصلاح ذات البين”.