تذكّر دارتان ضائعتان بين الأزقة المحيطة بالسوق الشعبية في بيشاور عائدتان لاثنين من نجوم العصر الذهبي في بوليوود، بأن جذور السينما الهندية ضاربة أيضا في هذه المدينة الباكستانية.
قرب بازار قصة خواني في المدينة، يستمر العمل لإعادة الحياة الى القصرين المهملين اللذين كانا ملكا لاثنين من أبرز نجوم السينما الهندية راج كابور وديليب كومار، بعد تخلص باكستان من سنوات من سيطرة المتطرفين الاسلاميين.
ويقول فريق علم الآثار في المنطقة إنه على وشك الاستحواذ على المبنيين الواقعين في قلب المدينة التاريخية ويزيد عمرهما عن 100 عام من مالكيها الأصليين، وذلك بهدف ترميمها وتحويلها إلى متاحف.
وقال سمي الدين خان الذي يتذكر انه كان يلهو وهو طفل بين غرف القصر الأربعين “أنا دائما اشعر بالحزن والغضب عندما انظر الى منزل كابور الذي كان في الماضي قصرا جميلا”.
واضاف “كان جميلا للغاية من الداخل.
البناء لا يزال سليما لكن بعض الجدران انهارت ومعظم أخشابه تضررت”.
ومنزل عائلة النجم كابور الذي توفي عام 1988 عن 63 عاما يعد تحفة معمارية، وتصميمه متأثر بالأسلوب الهندسي لإمبراطورية المغول والعمارة البريطانية وأبوابه الخشبية المحفورة وشرفاته ونوافذه منفذة بالأسلوب القوطي.
نشأ النجمان في الحي الذي يضم سوق قصة خواني الذي يتشارك فيه المسافرون والعابرون رواية قصص مغامراتهم.
وكومار الذي يبلغ 97 عاما الآن أعاد الفضل في مسيرته الناجحة إلى نشأته في هذا الحي حيث تعلم فن تلاوة القصص للمرة الأولى.
وكمعظم الممثلين الصاعدين انتقل الاثنان من بيشاور إلى بومباي، مركز صناعة الترفيه في الهند، قبل الانفصال عن الهند التي كانت تحت الاستعمار البريطاني.
وحقق الممثلان النجومية في الوقت نفسه مع ظهورهما معا في فيلم “إنداز” عام 1949 الذي لقي نجاحا كبيرا.
وقال عبد الصمد مدير الآثار والمتاحف في ولاية خيبر بختونخوا “عاصمتها بيشاور” “هذا تراثنا الثقافي ونحن فخورون به.
نحن فخورون بأن ديليب كومار وراج كابور يتحدران من بيشاور”.
كما ان النجم الهندي الكبير شاروخان الذي يعرف بملك بوليوود تعود أصوله إلى هذه المنطقة وتملك عائلته منزلا فيها.
وتنتشر في أرجاء البلاد مئات القصور التي تعود الى فترة ما قبل الانفصال عن الهند وتحولت الى أطلال على مر السنين.
وتعود ملكية الكثير من هذه القصور الى الهندوس والسيخ الذين هجروها الى الهند بعد تأسيس دولة باكستان ذات الغالبية الاسلامية، وفق خبراء الآثار.
كنز تراثي نفيس
تراجعت مكانة بيشاور الثقافية بعد أن اصبحت مسرحا لعنف المتطرفين الاسلاميين منذ بداية الثمانينات، ما وجه ضربة قاصمة للعصر الذهبي للسينما الناطقة بلغة الباشتو في المنطقة.
وعمدت الجماعات المتطرفة وبينها حركة طالبان الباكستانية الى تفجير ثلاث دور سينما على الأقل وأكثر من مئة متجر للموسيقى، قبل أن تشن القوات الحكومية عام 2015 عملية عسكرية بالقرب من الحدود مع أفغانستان أدت الى تحسن جذري في الوضع الأمني.
ومع عودة الحياة الى المدينة، حدد فريق من خبراء الآثار في الولاية أكثر من 1800 مبنى تراثي يتوجب الحفاظ عليه، لكن السلطات الباكستانية تحتاج الى سنوات لتأمين الموارد المالية المطلوبة لشراء هذه المباني وترميمها.
وقال مدير الآثار في ولاية خيبر بختونخوا “إذا أجري مسح أثري مناسب، فسوف نكتشف موقعا ثقافيا عند كل كيلومتر تقريبا”.
لكن عقبات عدة لا تزال ماثلة من أجل إنقاذ قصر كابور، فمالكه حاجي علي قدير قال لوكالة فرانس برس إنه سيقاضي السلطات في حال لم تدفع له ملياري روبية على الأقل “12,5 مليون دولار”.
وأضاف “قلت لهم إنه أثري وسعر التحفة الأثرية يتضاعف عشر مرات”، مشيرا الى انه سيحصل “على أموال أكثر اذا بنى مركزا تجاريا هنا”.
وكشفت إدارة الآثار أنها سوف تلجأ الى استخدام صلاحياتها القانونية إذا لزم الأمر لشراء قصري كابور وكومار بأموال دافعي الضرائب وبسعر تحدده لاحقا السلطات المالية في الولاية.
ويهوى الباكستانيون مشاهدة أفلام بوليوود ونجومها على الرغم من مشاعر العداء للهند.
وقال خالو خليل سرحدي البالغ 80 عاما ومن سكان بيشاور “شعرنا بالفخر ورفعنا رؤوسنا عاليا أثناء مشاهدة ممثلين من بيشاور يمثلون في الأفلام الهندية، وأن هذه الأرض أنتجت ممثلين عظماء أثبتوا جدارتهم في مومباي”.
وأضاف عن مشاريع تحويل قصور النجوم الى متاحف “الآن سيعرف الجيل الجديد كيف أنتجت بيشاور نجوما وممثلين كبار، أولئك الذين أعطوا هوية لباكستان والهند”.