وسط ما تبقى من جدران وأعمدة معبد روماني يعود بناؤه الى القرن الثاني، وضع عبد العزيز الحسن خيمة تؤويه وعائلته مفضلاً هذا الموقع الأثري في منطقة باقرحا على مخيمات النازحين المكتظة في شمال غرب سوريا.
وعلى غرار عبد العزيز، اختارت عائلات نازحة عدة الإقامة في مواقع أثرية في منطقة باقرحا وجوارها، المدرجة على قائمة التراث العالمي للبشرية التي تعدها اليونسكو ويقيم نحو 1,5 مليون نازح في أكثر من ألف مخيم على طول الحدود بين إدلب وتركيا.
ويبدو أن ابتعاد تلك العائلات عن الاكتظاظ جاء في مصلحتها مع انتشار فيروس كورونا المستجد والخشية المتصاعدة من “كارثة” صحية ويقول عبد العزيز، الوالد لثلاثة أطفال “اخترت هذا المكان لضمان راحة البال وللابتعاد عن الأماكن المزدحمة وتلك التي يوجد فيها أمراض”.
وضع عبدالعزيز خيمته بين ما تبقى من ثلاثة جدران أثرية، وحولها حجارة ضخمة وبقايا أعمدة سقطت على مر التاريخ تعود إلى معبد زيوس بوموس الروماني ويعرفه السكان اليوم باسم “برج باقرحا” وفي المنطقة آثار كثيرة تعود إلى الحقبتين الرومانية والبيزنطية.
قرب الخيمة، وبين حجارة ضخمة تحميه من الرياح، وضع عبد العزيز موقداً صغيراً يشعل فيه الحطب للطبخ ولوحاً يعمل على الطاقة الشمسية لتأمين مياه ساخنة للاستحمام وعلق بين جدران المعبد حبلاً للغسيل.
لكن الحياة في هذه المنطقة المهجورة ليست بالأمر السهل، إذ يجدر على أطفال عبد العزيز السير مسافة حوالى 1,5 كيلومتر للوصول إلى مدرسة القرية في منطقة تنتشر فيها العقارب والأفاعي، حتى أنهم يتأخرون أحياناً عن دوامهم، على حد قوله.
ويروي “منذ يومين قتلت أفعى كانت بالقرب من باب “الخيمة” بعدما دخل علي ابني وهو يرتجف” من الخوف ويضيف “كل يومين نقتل عقرباً لكننا لم نجد أفضل من هذا المكان”.
وفي الآونة الأخيرة، طلب مسؤولون محليون منهم المغادرة المكان، لكن العائلة رفضت لعدم قدرتها على تأمين بديل، فيما تعاني لتأمين قارورة غاز أو مياه من القرية المجاورة.
ويتساءلون “إلى أي نذهب؟”، فلا قدرة لنا على الترحال ووضع خيمة من جديد أو حتى استئجار سيارة لنقل أغراضنا، رغم تخوفنا من فصل الشتاء والمصاعب التي ستأتي معه.
وبهدف إبعاد النازحين من المنطقة الأثرية، يسعى المجلس المحلي في قرية رأس الحصن المجاورة إلى ايجاد حلول بديلة ويأمل أن تساعد المنظمات المعنية على نقلهم إلى مخيمات يتم إنشاؤها في منطقة قريبة.