يحذّر مسؤولون في القطاع الصحي في لبنان من “كارثة” مقبلة على صعيد محاربة تفشي وباء كورونا، بسبب العجز عن تطبيق تدابير رادعة تقرها الحكومة وبلوغ المستشفيات طاقاتها القصوى، وسط وضع اقتصادي متدهور لا يساعد في كبح جماح الفيروس وسجّل لبنان منذ بدء تفشي الوباء في شهر فبراير أكثر من 83 ألف إصابة، بينها أكثر من 600 وفاة.
وبعدما نجحت الحكومة عبر إغلاق عام مبكر في احتواء الموجة الأولى، تسجّل البلاد مؤخراً معدلات إصابة قياسية رغم عزل عشرات البلدات والقرى.
ودعا وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن الإثنين إلى “إقفال عام في البلد لمدة أربعة أسابيع مع إجراءات صارمة”، متحدثاً عن بلوغ “مرحلة خطيرة” بات فيها “عدد الأسرّة التي يتم تجهيزها بالكاد يكفي للحالات المصابة” وقال خلال افتتاح مركز طبي في أقصى منطقة البقاع “شرق” الأحد، “نحن اليوم أمام منعطف خطير جداً وقاربنا المشهد الكارثي”.
ونبّه حسن إلى أنّ ثمّة “حالات لا تجد أسرة في العناية الفائقة، يجب أن يؤخذ هذا الأمر على محمل الجد” وبحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية في نهاية أكتوبر، فإن 88 في المئة من الأسرة في أقسام العناية الفائقة والبالغ عددها 306 كانت مشغولة.
وازداد معدل الإصابات اليومي خصوصاً بعد انفجار مرفأ بيروت المروع، الذي أدى الى مقتل أكثر من مئتي شخص وإصابة أكثر من 6500 بجروح، وساهم في إرباك القطاع الصحي الهشّ خصوصاً بعد خروج ثلاثة مستشفيات على الأقل من الخدمة جراء الأضرار الجسيمة.
ويخشى المسؤولون من انهيار المنظومة الصحية خصوصاً مع تسجيل إصابات مرتفعة في صفوف الطواقم الطبية وعدم قدرتها على استقبال مرضى جدد مع استمرار ارتفاع عداد الإصابات وتحمل وزارة الصحة على المستشفيات الخاصة، التي تشكّل أكثر من ثمانين في المئة من قطاع الاستشفاء في لبنان، عدم مشاركتها بالشكل المطلوب في تحمّل أعباء التصدي للفيروس.
إلا أن نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون ينفي “الاتهامات” ويتحدّث عن “صعوبات جمة تواجهها المستشفيات للقيام بأكثر مما قامت به على هذا الصعيد” بعدما “شلّ انتشار الوباء طاقات القطاع وصعّب أكثر فأكثر قدرته على التجهيز اللازم لاستقبال الحالات”.
ويعاني قطاع الاستشفاء عموماً في لبنان على وقع تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار، مع صعوبة استيراد المستلزمات والمعدات الطبية ويأتي تزايد تفشي الفيروس في وقت يشهد لبنان أسوأ أزماته الاقتصادية التي ضاعفت معدلات الفقر في البلاد.
وبات أكثر من نصف السكان البالغ عددهم نحو ستة ملايين يعيشون تحت خط الفقر بينما خسر عشرات الآلاف وظائفهم أو مصادر دخلهم منذ مطلع العام وحال تردي الوضع الاقتصادي بدون إعادة فرض الحكومة حتى الآن لإغلاق عام، تعارضه جهات عدة شعبية واقتصادية.
وفي مقابلة تلفزيونية في نهاية الأسبوع، قال وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمّد فهمي إن “الوضع الاقتصادي المعدوم للدولة اللبنانية، بالاضافة الى ثقافة بعض المواطنين في كافة المناطق” يحولان دون التجاوب مع التدابير الحكومية.
وأوضح “لا يمكن أن تطلب من بعض المواطنين البقاء في منازلهم لمدة معينة من دون مساعدتهم كون الوضع المعيشي مأساوي”، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن لسان حال بعض اللبنانيين “مستعد لأموت أنا وأولادي من كورونا على أن نموت من الجوع”.