دخول جامعة كامبريدج البريطانية العريقة كان دائماً الحلم الذي راود ماثيو أوموفي أوفه، لكنه الآن مع عدد آخر متزايد من الطلاب ذوي البشرة السمراء يعيدون تشكيل الخليط العرقي داخل جامعة النخبة وإن ببطء، وبمساعدة من مغني الراب ستورمزي.
بدأ أوموفي أوفه البالغ 18 عاماً والمتحدر من لوتون في شمال لندن دراسة الهندسة في كلية ماغدالين في كامبريدج التي تعود جذورها لعام 1428م وتضم بين خريجيها البارزين الكاتب صمويل بيبس الذي عاش في القرن الـ17.
استفاد أوفه من برنامج “تارغيت أوكسبريدج” المجاني للتدريب الذي يهدف الى فتح جامعتي أكسفورد وكامبريدج المرتبطتين بالنخبة أمام المزيد من أبناء الطبقة العاملة والأقليات.
وقال أوفه لفرانس برس: “يعتقد البعض انه لن يكون بامكانهم الدخول، وأن كامبريدج ليست مكانا للطلاب ذوي البشرة السمراء”. وأضاف: “إذا أظهرت شغفك بهدفك وقدرتك على تنفيذه، عندها ستكون على ما يرام”.
وأوفه واحد من بين 137 طالباً جامعياً من ذوي البشرة السمراء تمكنوا من دخول كامبريدج هذا العام، ما يشكل زيادة بنسبة 50 بالمئة مقارنة بالعام الماضي وقفزة هائلة مقارنة بعام 2015م عندما لم يتجاوز عدد الطلاب ذوي البشرة السمراء الـ38. وأدت هذه الزيادة الى ارتفاع نسبة الطلاب الجامعيين ذوي البشرة السمراء المقبولين لهذا العام بنسية 4,6 بالمئة.
وقال نائب رئيس الجامعة البروفيسور غراهام فيرغو: “هذا أعلى رقم لدينا على الإطلاق”. وأضاف: “نحن نعمل بجهد لتشجيع المزيد من الطلاب ذوي البشرة السمراء على التقدم”… “نعلم أن تمثيل الطلاب ذوي البشرة السمراء في الجامعة ليس على الشكل المطلوب”.
هذا الوضع جعل جامعات بريطانيا عرضة للانتقادات بسبب افتقارها إلى التنوع وإعطاء الفرص للطلاب والموظفين من ذوي البشرة السمراء والأقليات العرقية. وفي يونيو في ذروة احتجاجات “حياة السود تهم”، قالت فاليري راموس أول وزيرة بريطانية من الأقليات في كلمة لها إن هناك “تمييزاً بنيوياً ومنهجياً عميقاً” في التعليم العالي. ونشرت طالبة الدراسات العليا في كامبريدج نيا-سيريز كونتيه على موقع تويتر تغريدات عن تجربتها مع الاعتداءات الجسدية واللفظية. كما ظهرت كونتيه في فيلم وثائقي بثته “بي بي سي” هذا الشهر وحمل عنوان “أن تكون أسود في كامبريدج”، تحدثت فيه عن إساءات عنصرية تعرضت لها من قبل موظف في الجامعة على متن قطار. وهي شعرت بالاكتئاب وتركت الدراسة عندما ردت الجامعة بفتور على شكواها، لكنها قالت باكية: “أنا أقاتل من أجل كل شخص أسود أعرفه، ويحتاج إلى أن يكون له مكان في هذه المساحات”. وأضافت: “على ذوي البشرة السمراء أن يعرفوا أن عليهم الوصول إلى هنا؛ حتى نتمكن من تمهيد الطريق للآخرين. ونحن بحاجة ايضا الى كسر هذا العائق غير المرئي”.
وأكدت جامعة كامبريدج أنها تعاملت بجدية مع هذه الحوادث، وحضت أي طالب تعرض لإساءات على التقدم بشكوى. ولطالما أعطت الجامعة تقليدياً الأفضلية لتلامذة المدارس الخاصة التي يلتحق بها الأثرياء على تلك التابعة للدولة داخل المدن. لكنها الآن تحاول تشجيع الطلاب الذين ينتمون إلى فئات أقل ثراء على التقدم من خلال الحملات الإعلامية والمنح الدراسية والتفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي. وخصص المغني البريطاني ستورمزي نجم موسيقى “الغرايم” منحة دراسية عام 2018 لدعم الطلاب ذوي البشرة السمراء في كامبريدج، التي يبلغ رسم الدراسة السنوي فيها تسعة آلاف جنيه استرليني (نحو 12 ألف دولار) دون كلفة المعيشة.
وكان ستورمزي اقترح في البداية هذا البرنامج على جامعة أكسفورد التي رفضته. وهذا العام خصص منحتين لكامبريدج بقيمة 18 ألف جنيه. وقال فيرغو: “من الواضح أن هذا كان مهماً حقاً لهؤلاء الطلاب. ولكنه أيضاً رفع مكانة الجامعة” بين المتقدمين المحتملين للدراسة فيها.