جدد المندوب الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله المعلمي، تأكيد المملكة على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وتمتّعه بجميع حقوقه غير القابلة للتصرف، واسترداد حقوقه المشروعة، بما في ذلك حقّه المشروع في إنشاء دولته المستقلة وفقاً لقرارات الشرعيّة الدولية ذات الصلة، ومبادرة السلام العربيّة التي تقدمت بها بلادي، وفي إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينيّة على حدود 1967م عاصمتها القدس الشريف.
جاء ذلك في كلمة المملكة أمام اللجنة الرابعة (لجنة المسائل السياسيّة الخاصة وإنهاء الاستعمار) في اجتماعها المنعقد اليوم الجمعة حول البند المتعلّق بالاستخدام السلمي للفضاء الخارجي، والبند المتعلّق بالمسائل المتصلة بالإعلام، والبند المتعلّق بالمراجعة الشاملة لعمليّات حفظ السلام، والبند المتعلّق بوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى، والبند المتعلّق بتقرير اللجنة الخاصة المعنيّة بالتحقيق في الممارسات الإسرائيليّة التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني وغيره من السكان العرب في الأراضي المحتلّة، والبنود المتعلّقة بإنهاء الاستعمار، التي ألقاها المندوب الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله المعلمي.
وقدم السفير المعلمي، في بداية الكلمة التهنئة لمندوب بوتسوانا الدائم كولين فيكسين كيلابايل لانتخابه رئيساً للجنة المسائل السياسيّة الخاصة وإنهاء الاستعمار، وللنواب ومقرر اللجنة على انتخابهم، ولجميع أفراد سكرتاريّة اللجنة على جهودهم المبذولة في الإعداد لبنود جدول أعمال اللجنة الرابعة في دورتها الخامسة والسبعين، والإحاطات التي تم تقديمها خلال بدء أعمال اللجنة، مؤكداً دعم وفد المملكة وتعاونه الكامل للعمل على إنجاح مهام هذه اللجنة.
وأوضح أنه فيما يتعلّق بالبند الخاص بالاستخدام السلمي للفضاء الخارجي الذي يشهد اهتماماً متزايداً من الدول والمنظمات الدولية، تنظر المملكة باهتمام بالغ إلى أنّ قطاع الفضاء يجب أن يُستخدم للأغراض العلمية والسلمية، وأنّ مصادقة المملكة على “معاهدات الأمم المتحدة المتعلّقة باستكشاف الفضاء الخارجي واستخدامه في الأغراض السلميّة” ومبادئها هو دليل على هذا الاهتمام.
وأضاف المندوب الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة أنه استشعاراً بأهميّة تنفيذ الاستراتيجيّة الوطنيّة للفضاء، حرصت المملكة على تنظيم كل ما يتصل بأنظمة الأقمار الصناعية، وتطوير تقنيات إطلاق المركبات الفضائية، ووضع المتطلبات اللازمة لتطوير وتنفيذ البنية التحتية لقطاع الفضاء والمحطات الأرضية ومركبات النقل إلى الفضاء، والعمل على تعزيز الأمن الفضائي من خلال رصد الفضاء وتتبعه، ورصد الحطام الفضائي، والإنذار المبكر، وتعزيز التعاون الدولي مع الجهات المختصة في مجال الفضاء.وأشار إلى أنه تتويجاً لتلك الجهود، تم تأسيس الهيئة السعوديّة للفضاء، مفيداً أن المملكة أنشأت مركز تميّز في أبحاث القمر والأجرام القريبة من الأرض مع وكالة ناسا الفضائيّة، بالإضافة إلى مركز تميّز أبحاث الفضاء والطيران المشترك مع جامعة ستانفورد الأمريكيّة.
ولفت إلى أن المملكة قامت بتعزيز مستوى التعليم في علوم الفضاء والطيران والبرامج التعليميّة وتنمية الكوادر الوطنيّة، مشيراً إلى أن ذلك يأتي في إطار رؤية مستقبليّة وضعت صناعة الفضاء في مكانها الصحيح ضمن أبعاد ومتطلّبات نجاح رؤية المملكة 2030، ولذا أبرمت المملكة عدة اتفاقيات في مجال تقنية الفضاء الخارجي وتطبيقاته مع دول عدة كالولايات المتحدة الأميركية والصين والاتحاد الروسي وألمانيا وفرنسا وكازاخستان.
وأبان السفير المعلمي، أن المملكة تدعو إلى تضافر الجهود الدوليّة لوضع الأسس اللازمة لضمان استخدام الفضاء الخارجي للأغراض العلميّة والسلميّة، ومواجهة التهديد الذي يشكّله الحطام الفضائي، وأن تعمل الدول على تنفيذ أنشطتها في الفضاء الخارجي بروح من المسؤولية والشفافية، مبدياً تطلع المملكة إلى تعزيز الشراكات الدولية في مجال الفضاء الخارجي وتبادل الخبرات والممارسات لخدمة البشرية وتحقيق التنمية المستدامة.
وأوضح أنه فيما يتعلّق بالمسائل المتصلة بالإعلام، فإنّ المملكة تؤمنُ بأهميةِ الإعلام والدور المهم والمحوريّ الذي يؤدّيه في ترسيخ مفاهيم التعايش بين الشعوب، وتوطيد الترابطِ بينها، وتعزيز حقوق الإنسان والارتقاء بها، حيث تسهمُ وسائلَ الإعلام بدور أساسيّ في إشاعة لغة الحوار ونشر ثقافة المحبة والسلام والعدالة والحرية والاحترام المتبادل، مشيراً إلى أنه تقع على وسائلِ الإعلام اليوم مسؤوليةٌ كبرى في مكافحة الجريمة بكل أنواعِها بما فيها التطرّف والإرهاب والتحريض على نشوب النزاعات.
وأعرب، عن تثمين المملكة للجهود الفاعلةَ التي تقومُ بها إدارةُ شؤونِ الإعلامِ في الأممِ المتحدةِ في التعريفِ بثقافاتِ الدولِ والنهوضِ بالوعيِ العالميّ وتسليطِ الضوءِ على القضايا الدوليّة المهمة ، مؤكداً دعوة المملكة للجهات المعنيّة في الأمم المتحدة، وخاصة إدارة الإعلام إلى ضرورة تحري الدقةِ والحقيقةِ في المعلومات والتأكدِ من مصداقيّتها وأخذِها من مصادرها الرسميّة؛ تماشياً مع أخلاقيّات المهنة الإعلامية النبيلة وأعرافها.
وقال السفير المعلمي.: إنَّ المملكة تحرص بكلّ جُهدٍ عبر وسائلِها الإعلامية على ترسيخ منهج الاعتدال واحترام الحقوق والعدالة والحدّ من خطابات الكراهية ومكافحة التطرّف، وعدم إتاحة الفرصة للجماعاتِ الإرهابيةِ والمتطرفة لاستخدامِ المنصات الإعلامية لبثّ أفكار الكراهية والعنف، فقد أقامت حكومةُ بلادي العديدَ من المبادراتِ والمراكزِ والهيئاتِ لمواجهةِ هذا الخطرِ بشكلٍ شُمُوليّ ومُتَناغم مثل “مركز الحرب الفكرية”، الذي يختصُّ بمواجهة جذور التطرف والإرهاب وتعزيز المناعة الفكرية، والمركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف “اعتدال”، الذي يهدِفُ إلى رصد الفكر المتطرفِ في ساحات مواقع التواصل الاجتماعيّ والإنترنت والإعلام وتحليله للتصدي له ومواجهته والوقاية منه، ونشر مبادئ التسامُح والاعتدال.
واستذكر المندوب الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة، فيما يتعلّق بالمراجعة الشاملة لعمليّات حفظ السلام، كل من ضحّوا بحياتهم من أجل المساهمة في حفظ وصنع السلام، وأتقدّم نيابة عن حكومة بلادي بأحر التعازي لذويهم ولحكومات بلدانهم.
وأضاف: أنّ المملكة تثمّن ما تقوم به منظمة الأمم المتحدة ممثلةً بعمليّات قوات حفظ السلام من جهود للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، كما أنّ التحديات التي تواجه دول العالم كافة جرّاء النزاعات الدوليّة المسلّحة والحروب الأهليّة تدعونا إلى تضافر المساعي الدوليّة لتعزيز دور قوات حفظ السلام. وفي هذا الإطار، رحّبت المملكة بمقترحات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشأن الإصلاحات المتعلّقة بعمليّات قوات حفظ السلام لجعلها أكثر كفاءة وفاعليّة من أجل تحقيق سلام مستدام، وأيّدت كذلك مبادرة الأمين العام المتعلّقة بحفظ السلام (Action for Peace A4P)، كما وقّعت على إعلان الأمين العام الالتزامات المشتركة لتحسين عمل قوات حفظ السلام وسلامة أفراده.
واستطرد المندوب الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة في القول: وفي إطار جهودنا المستمرة بالمساهمة في عمليّات صنع وحفظ السلام، أود الإشارة إلى الدعم والمساندة التقنيّة التي تقدّمها حكومة بلادي للقوة المشتركة لدول الساحل G5 في مكافحة الإرهاب وتمويله، الأمر الذي أكّد عليه سمو وزير الخارجيّة الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله خلال مشاركته في الاجتماع الافتراضي لتحالف دول الساحل شهر يونيو من العام الجاري، استناداً إلى علاقات المملكة التاريخيّة مع أعضاء تحالف دول الساحل وإيماناً بالدور الحيوي لهذه المجموعة في مكافحة الإرهاب، مشدداً على أنّ المملكة لن تدخر أي جهد لدعم جميع الدول في حربها ضد الإرهاب والتطرف.
ومضى في القول: إنّ المملكة إيماناً منها بأهميّة الازدهار الاقتصادي والتنمية المستدامة في التقليل من النزاعات الإقليميّة والداخليّة وكبحها، ومن موقعها قائداً لمجموعة العشرين للعام 2020م، ساهمت بدعم الدول التي تعاني من أزمات ماليّة واقتصاديّة تقويةً لمؤسساتها الوطنيّة، حيث قدّمت حكومة بلادي بصفتها رئيس مجموعة العشرين خطة تأجيل سداد الديون للدول الأشدّ فقراً بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. إنّ هذه المبادرة التي استجابت لها دول المجموعة ورحّبت بها مدير عام صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا، تتيح سيولة فوريّة بأكثر من 20 مليار دولار.
وأعرب السفير المعلمي.، عن تقدير وامتنان المملكة للدور المهم الذي تقوم به اللجنة الخاصة المعنيّة بالتحقيق في الممارسات الإسرائيليّة التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني وغيره من السكان العرب في الأراضي المحتلة من أجل مساندة القضية الفلسطينية، وتقديم الدعم الدولي للشعب الفلسطيني من أجل نيل حقوقه الوطنيّة المشروعة.
وأبدى أسفه لاستمرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي في انتهاكاتها للقرارات الدوليّة، فضلاً عن استمرار انتهاكها لحقوق الإنسان الأساسيّة للشعب الفلسطيني، التي أكدّت عليها التقارير المقدّمة إلى اللجنة، حيث لا تزال سلطات الاحتلال تستخدم القوة المفرطة بعشوائيّة لا تفرّق بين الأطفال، والنساء، والشيوخ، وتستمر في احتجازها الآلاف من المعتقلين الفلسطينيين بدون مبرر.
وتابع: إنّ استمرار إسرائيل في بناء المستوطنات على أرض دولة فلسطين المحتلّة هو انتهاك سافر للقانون الدولي، والأعراف والمواثيق الدولية، واستهتار بالقرارات الأممية من شأنه أن يقوّض أي فرصة متبقية لتحقيق حل الدولتين، وتدعو المملكة العربيّة السعوديّة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياتهم في الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني، وإلزام إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال باحترام القرارات الدولية، وإنهاء احتلالها للأرض الفلسطينيّة، ووضع حد لسياستها الاستيطانيّة التوسعيّة ورفع الحصار الجائر الذي تفرضه على قطاع غزة، والتوقف فوراً عن انتهاكات الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني.
ومضى المندوب الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة، في القول: نجتمع اليوم ولا يزال هناك عدد من الأقاليم غير المتمتّعة بالحكم الذاتي، تُدرج في جدول أعمال اللجنة المعنية بالأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي من عامٍ إلى عام، ويجب أن نسعى من أجل الوصول إلى حلول بنّاءة وموضوعيّة عبر عمليّة حوار جادّة في سبيل صون الأمن والسلام وإرساء الاستقرار والرخاء في هذه الأقاليم، ومن هنا نعيد التأكيد على دعمنا الكامل لممارسة الشعوب الخاضعة تحت السيطرة الاستعماريّة والأجنبيّة حقها المشروع وغير القابل للتصرف في تقرير المصير، ونحثّ الأمم المتحدة على تكثيف جهودها وفقاً لأحكام ميثاق الأمم المتحدة، وقرارات الجمعيّة العامة ومجلس الأمن ذات الصلة من أجل إنهاء جميع أشكال الاستعمار. كما نحث الدول القائمة بالإدارة على الوفاء بمسؤولياتها والالتزام بالقرارات الدولية، والعمل على تعزيز التقدم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والتعليمي في تلك الأقاليم، والعمل على الوصول إلى حلول بناءة وعملية عبر عملية حوار جادة تشمل جميع الأطراف في سبيل صون الأمن والسلام والاستقرار والرخاء.
وثمن جهود الأمين العام للأمم المتحدة لإعادة استئناف المفاوضات السياسيّة المتعلّقة بالصحراء المغربيّة وفقاً للمعايير التي حدّدها مجلس الأمن منذ العام 2007م، وخاصة قرار مجلس الأمن رقم 2494 الذي اعتُمد بتاريخ 30 أكتوبر 2019م الداعي إلى ضرورة العمل للوصول إلى حل سياسي وواقعي ودائم لقضيّة الصحراء على أساس التوافق، معرباً عن ترحيب المملكة بانعقاد مائدتين مستديرتين شاركت فيهما الدول الشقيقة المغرب، والجزائر، وموريتانيا بجانب ”البوليساريو”، وتُذكّر بأهميّة التحلي بالواقعية وروح التوافق بين جميع الأطراف المعنيّة لأن أي حل لهذه القضية لا يمكن أن يتم إلا في مناخ من السكينة والتهدئة، وتدعم المملكة وحدة وسلامة الأراضي المغربيّة.
واستطرد السفير المعلمي: لقد أسهمت المملكة المغربية بجديّة وحسن نيّة في الجهود المبذولة تحت رعاية الأمم المتحدة لإيجاد حل دائم لقضية الصحراء، وإنّنا نعيد التأكيد على موقف بلادي المتمثّل في دعم وتأييد المبادرة التي تقدّمت بها المملكة المغربيّة للحكم الذاتي، وهو ما يشكل خياراً بناءً يهدف إلى التوصل إلى حل واقعي منصف.
وأشاد بجهود الحكومة المغربية في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في منطقة الصحراء، مرحباً بالبرنامج التنموي الذي أطلقته للصحراء المغربية في عام 2015م وتخصيصها مبلغ 8 مليارات دولار لتحسين مستوى المعيشة لسكان الصحراء وتمكينهم من الاستفادة من موارد المنطقة، ومثمناً الإنجازات المهمة التي حققتها المملكة المغربية في مجال حقوق الإنسان، وتفاعل المغرب مع آليات حقوق الإنسان الدولية ودور اللجان الإقليميّة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في العيون والداخلة التي رحّب بها مجلس الأمن في جميع قراراته.
وجدد تأكيد المملكة على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وتمتّعه بجميع حقوقه غير القابلة للتصرف، واسترداد حقوقه المشروعة، بما في ذلك حقّه المشروع في إنشاء دولته المستقلة وفقاً لقرارات الشرعيّة الدولية ذات الصلة، ومبادرة السلام العربيّة التي تقدمت بها بلادي، وفي إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينيّة على حدود 1967م عاصمتها القدس الشريف.
واختتم المندوب الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة الكلمة، قائلاً: يهدف عمل هذه اللجنة إلى حماية وتعزيز المبادئ التي تأسست عليها الأمم المتحدة والمنصوص عليها في ميثاقها، ومنها حق الشعوب في تقرير مصيرها واحترام سيادة الدولة وسلامة أراضيها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وفي هذا الصدد، تُذكّر المملكة أنّه من واجب جميع الدول الأعضاء دعم الميثاق ومبادئه، ويشمل ذلك الحالات التي رغم أنّها لا تتعلق بالأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، إلا أنها تنتهك المبادئ الأساسيّة للميثاق، وعليه فإنّ المملكة تُدين مواصلة إيران احتلالها منذ 48 عاماً للجزر الثلاث: طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى، التي تعد جزءً لا يتجزأ من أراضي الأمارات، وتدعم حقها الشرعي إزاء سيادتها على الجزر ومطالبتها لإيران بأن تعيد الجزر إلى أصحابها. كما تدعم دعوات الإمارات الصادقة لإيران لحل هذه القضيّة بشكل سلمي من خلال المفاوضات المباشرة، أو محكمة العدل الدوليّة.